رئيس التحرير
عصام كامل

مفاجأة.. تعديل «مدة الرئاسة» في الدستور!


«وافقت الأغلبية بمجلس النواب على الاقتراح المقدم بتعديل (المادة 140) من دستور 2014، التي تنص على: ينتخب رئيس الجمهورية لمدة (4 سنوات) ميلادية، لتصبح (6 سنوات)، تبدأ من اليوم التالي لانتهاء مدة سلفه، ولا يجوز إعادة انتخابه إلا لمرة واحدة».


ما سبق قد نعتبره ضربًا للودع، أو قراءةً للغيب، أو فتحًا للمندل، فإما أن يصدق عليه قول «المنجمين»، لو صدفوا، وإما أن يخيب الله ظنوننا، وظنون المتربصين من أمثالنا.

لكن ما الذي يدفعنا إلى تبني مثل هذه الأمور الخطيرة؟ وهل هذه وجهة نظر شخصية، أم اتجاه سياسي، يتم الدفع به، والحشد له حاليًا؟

لقد جدد النائب «توفيق عكاشة» الحديث عن نية بعض النواب - أقول بعض وليس كل النواب - فتح وإثارة مسألة تعديل المادة 40 من الدستور، المتعلقة بمدة انتخاب رئيس الجمهورية، إذ طالب - في تصريحات للصحفيين - بـ«تعديل 12 مادة من الدستور، في مقدمتها مد الفترة الرئاسية لرئيس الجمهورية، لتكون ست سنوات وليست أربعة، ولفترتين فقط»!

«عكاشة» برر ما ذهب إليه بأن «ما تعانيه مصر من تراجع الوضع الاقتصادي، ومخاوف الإفلاس، يستوجب أن يمنح الرئيس فرصته كاملة لتحقيق الإنجازات والبرنامج الانتخابي المطلوب منه». وكأن أربع سنوات، ومثلها في الفترة الثانية، ليست كفيلة بتحقيق برنامج الرئيس.

هنا ينبغي علينا ألا نأخذ ما قاله «عكاشة» على سبيل السخرية، بل يجب توخي الحذر فيما قاله، ونتعامل معه بمنتهى الجدية.. لماذا؟ لأن صاحب قناة الفراعين، ليس أول مَنْ ينادي بهذا التعديل، بل سبقه إليه إعلاميون آخرون، كان في مقدمتهم الإعلامي أحمد المسلماني، الذي طالب - في لقاء سابق له مع يوسف الحسيني، في برنامج «السادة المحترمون» على قناة «أون تي في» - بتعديل الدستور، بما يسمح بمد فترة الرئاسة إلى 6 أو 7 سنوات، مبررًا ذلك بأن مصر لا تحتمل قصر الفترة الرئاسية، مضيفًا: «كان لازم المدة تكون 6 سنوات منطقية، ليه 4 سنوات، هو أنا زي أمريكا اللي هي مستقرة هذا الاستقرار وقوية هذه القوة.. أنا كنت خدت أكتر من فرنسا اللي فيها 6 أو سنوات قبل كده».

وكما برر توفيق عكاشة، قال المسلماني: «هذا الوطن الذي توجد به ظلمات لا تنتهي من تراث سابق.. يعني رئيس الجمهورية يقعد 4 سنين ما في فرنسا بيقعد 6 و7 سنوات.. 4 معناها إيه أن أي رئيس على أصلا ما يستوعب قصر الاتحادية والقصور الرئاسية ويدرك البروتوكول والقوى السياسية الموجودة، ويبدأ يبني حلفاءه يستغرق سنة».

هذه الدعوات والمطالب ربما - وهذا ما أرجحه - تكون مدفوعة من أجهزة سيادية، كـ«بالونة اختبار»، لجس نبض الشارع حول زيادة مدة الرئاسة بـ«تعديل دستوري»، حتى إذا ما حققت هذه «البالونة» أهدافها، بالتأكيد ستجد مَنْ يؤيدها، ويتبناها من بعض نواب المجلس الموقر، أو من الإعلاميين الذين يتولون مهمة تهيئة الشارع لقبول الفكرة، اعتمادًا على «الزن على الودان أمر من السحر»، مدفوعين برغبة صادقة، أو تزلفًا، أو مخاطبة ود السيسي.. ناهيك عن أن معظم المؤيدين للرئيس لا يعارضون أن يكون رئيسًا مدى الحياة، وليس لـ«بضع سنوات»!

ودعك من أن هذه الفكرة، أو تلك المطالب، تتعارض مع «الدستور»، فقد يخرج عليك مَنْ سيطالب بتعديل الدستور كله، أو معظمه، أو بعضه، بدعوى أنه ليس قرآنًا، وأن المرحلة المقبلة تتطلب مزيدًا من الاستقرار، تمامًا كما كان أنصار «مبارك» يطالبون بتعديل الدستور، ليكون «أبو علاء» رئيسًا مدى الحياة، وكأن استقرار مصر مرتبط دومًا بـ«تعديل الدستور»، وتحديدًا «مدة الرئاسة»!

الجريدة الرسمية