رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

بوتين 2015.. من العزلة والعقوبات إلى قيادة العالم

الرئيس الروسي فلاديمير
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين

وقالت الصناديق للانفصال نعم.. كان ذلك هو الدافع الأول للغرب لفرض عقوبات على روسيا في مطلع عام 2014، فأصبح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين معزولا يواجه عقوبات اقتصادية قاسية، لم تتمكن من إيقافه عن مسيرته ومحاولاته لاستعادة ريادة الاتحاد السوفيتي بالمنطقة، ليصبح ونحن الآن في نهاية 2015 هو السياسي الذي تتمحور حوله ردود فعل العالم أجمع.


عزلة شديدة
في بداية العام الجاري، كانت روسيا تعاني انعزالا شبه تام، بعد أن اختار مواطنو شبه جزيرة القرم الانفصال عن أوكرانيا والانضمام لروسيا، فاعتبر مؤيديو أوروبا ما حدث تدخلا سافرا في الشأن الأوكراني، وخصوصا بعد تصاعد الأزمة الأوكرانية فيما يخص الصراع الداخلي بين المواطنين والحكومة بعد أن رفض الرئيس "فيكتور يانوكوفيتش" اتفاقية تضمن المزيد من التقارب للاتحاد الأوروبي لصالح التقارب من روسيا.

عقوبات اقتصادية
هددت الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي روسيا بمواجهة عقوبات اقتصادية حال تدخلها في أوكرانيا، مؤكدين أنهم وحلفاءهم لن يعترفوا بنتائج الاستفتاء وأنهم ربما يستبعدون موسكو من مجموعة الثماني، مما كان سينعكس سلبا على الاقتصاد الروسي الذي يعاني مشكلات في الأصل.

ضم القرم
تحدى بوتن كل ذلك ووقع بالبرلمان الروسي على انضمام شبه جزيرة القرم لروسيا، مهاجما الغرب، ومؤكدا على تمسكه بشبه الجزيرة، فيما رأى الغرب أن موسكو تسعى لإعادة رسم خريطة أوروبا الجيوسياسية، ولكن الثعلب الروسي استمر في إرسال قواته لهناك حتى بعد أن فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات على روسيا استهدفت قطاعات حيوية، منها المصارف والطاقة، بعدها فرضت أمريكا وأوروبا وكندا واليابان حظرا على سفر مسئولين وسياسيين من روسيا ومن القرم، كما تم تجميد محادثات الغرب حول ملفات عسكرية واستثمارية، كما أعلنت الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تعليق مباحثات انضمام موسكو إليها، ما تسبب في تراجع الاقتصاد الروسي وانخفاض عملتهم "الروبل"، فضلا عن خروج رءوس أموال أجنبية.

بعد ذلك انضمت ألبانيا وأيسلندا وأوكرانيا للعقوبات، وفرضت أمريكا جولة ثانية من العقوبات على موسكو شملت حظر المعاملات الاقتصادية لسبعة مسئولين روس و17 شركة روسية، كما أصدر الاتحاد الأوروبي حظر سفر في حق 15 شخصية روسية، تبع ذلك حظر تصدير التقنية ذات الاستخدام المزدوج العسكري والمدني في مجالات محددة، وحظر تصدير الأسلحة إلى موسكو، فضلا عن منع الأفراد والبنوك في الاتحاد الأوروبي من شراء بعض السندات والأسهم التي تصدرها البنوك المملوكة لحكومة موسكو.

في يونيو من العام الجاري، مدد الاتحاد الأوروبي عقوبات على روسيا لمدة ستة أشهر لتستمر إلى 31 يناير 2016، وهو ما رد عليه الرئيس الروسي بإجراءات مضادة، شملت حظرا على توريد منتجات غذائية من أوروبا والولايات المتحدة، مؤكدا أن موسكو لم ولن تقبل لنفسها العزلة عن العالم، ومن هنا بدأ عمله لتعويض خسائره عبر ضخ أموال من الصناديق السيادية في المصارف الروسية والتصدي للمضاربة على الروبل، بالإضافة إلى "عفو" ضريبي عن رءوس الأموال التي يعيدها أصحابها إلى البلاد واستكمال تصنيع وتصدير المعدات العسكرية والبترولية.

حظر أوروبي
وبعد تمديد أوروبا الحظر على موسكو، ردت الأخيرة بتمديد حظرها المفروض على المنتجات الزراعية الأوروبية كما تمكن من البقاء منفتحا على المعاملات مع المستثمرين الغربيين ووسعت تبادلاتها التجارية مع الشرق أيضا.

تمكن بوتين بذلك من الخروج من حالة الارتباك والضعف التي وضعته بها أوروبا واستعاد قوة ومكانة بلاده على الساحة الدولية، فكان قرار المشاركة بمحاربة داعش في سوريا صادما ومفاجئا لكل الدول العظمى والتي خرجت تندد وترفض القصف الروسي لمواقع داعش وتتهم موسكو باستهداف الأطفال والمدنيين، ولكن بوتين مضى في طريقه دون حتى الالتفات لما يقولونه.

مواجهة أمريكا
واستطاع الثعلب الروسي فرض مواقفه على الغرب والشرق، فباتت دولته بين القوى العظمى، وأصبح الجميع يعد لها حسابا بل ألف حساب، حتى أن أمريكا نفسها لم تتمكن من إجباره على التراجع عن دوره في أوكرانيا أو عن مشاركته بمحاربة داعش في سوريا، حتى جاءت تركيا في وجه المدفع وسط محاولات إضعافه فأسقط طيرانها الحربي مقاتلة روسية فوق الحدود السورية التركية بحجة اختراق المجال الجوي التركي.

المواجهة مع تركيا
جاء رد بوتين على ما فعلته تركيا قويا وحاسما، ليتناسب مع الوضع الجديد لذاته ولدولته، فأمر أنقرة بالاعتذار وعندما رفضت فرض عليها عقوبات اقتصادية تضمنت تعيين الأتراك في الشركات الروسية وتسهيل سفرهم إليها دون تأشيرات، فضلا عن تقنين الواردات التي تأتي لموسكو من هناك إلى حد هدد رئيس البرلمان الروسي بحق روسيا في تنفيذ ضربة عسكرية ضد تركيا، عقابا على ما فعلت.

وهكذا، مر العام وتغير حال بوتين ودولته، من دولة مهددة إلى قوة تقود العالم، تهدد بشن حرب عالمية ثالثة تُرعب الغرب، بعد أن تمكن رئيسها من استغلال الظروف الدولية والإقليمية لصالحه، فعزز بذلك قدراته الوطنية الدولية من جهة وجمع حوله حلفاء من شتى أنحاء العالم يواجه بهم العنفوان الأمريكي الأوروبي لتصبح قبضته من حديد في وجه من يجرؤ على التعدي عليه.

Advertisements
الجريدة الرسمية