رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

احترموا اختيارات المصريين!


لقد ملَّ المصريون من كثرة الانتخابات بعد نزولهم 11 مرة للانتخاب بعد ثورة يناير، ما بين رئاسية وبرلمانية واستفتاء على الدستور وتعديلاته، وكان طبيعيًا أن تقل نسبة الإقبال تدريجيًا، لكنها في حدها الأدنى ليست بعيدة عن المعدلات العالمية التي تتراوح بين 20 و40%، لكن ذلك لا يمنع وجوب دراسة البيئة السياسية لمصر، ومعرفة الدوافع والأسباب الحقيقية لتراجع الإقبال على انتخابات مجلس النواب، مقارنة مثلًا بالانتخابات الرئاسية الأخيرة.. حتى لا يتعاظم التراجع وتغرق السياسة في بحر العزوف وتعود ريمة لعادتها القديمة.


ربما لم تكن حماسة الناخبين على النحو المرضي لأسباب كثيرة ذكرنا بعضها سلفًا، لكن ذلك لا ينفي أن التزوير ذهب إلى غير رجعة، وأنه لا معنى للاستسلام لدعوات التثبيط والتشكيك في كل شيء، التي يتبناها بعض المحسوبين على التيارات المدنية أمثال المرشح الرئاسي حمدين صباحي، وهي الدعوات التي تصف البرلمان القادم بــ"الضعيف"، وتدعو لتشكيل برلمان موازٍ للبرلمان المنتخب.. فهذا استباق يقوض الأمل في نجاح المجلس النيابي الجديد، ويسفه اختيارات المصريين ويصادر عليها ويعيدنا لأجواء ما قبل يناير، التي صاحبها تزوير انتخابات مجلس الشعب ومصادرة إرادة الناخبين.. لكن شتان بين الحالين، بين برلمان اختير بإرادة شعبية خالصة ولو بنسب إقبال متوسطة أو ضعيفة، وبين برلمان جرى تزويره، وعقد صفقات سياسية بين الأطراف الفعالة فيه، ومنهم معارضة كرتونية تبنت خطابًا سياسيًا مزدوجا مهادنًا للنظام من ناحية، وخادعة للجماهير من ناحية أخرى.

والسؤال لحمدين وغيره من المشككين أو الرافضين للبرلمان الجديد: أين أحزابكم المزعومة؟.. لماذا لم تستثمر الفراغ السياسي الحادث بعد يناير لتكوين قاعدة شعبية تخوض بها معركة التغيير؟.. ما حجتكم وقد اختفى التضييق عليكم، وتوارى المتاجرون بالدين؟.. فماذا صنعتم في فراغ كان جديرًا بكم أن تملأوه بدلًا من أن تلعنوه؟

لقد عاد في زفة المشككين الوجه الإخواني عبد المنعم أبو الفتوح، بدعوة تطالب بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة في نفس توقيت إجراء انتخابات مجلس النواب.. فهل يحق له ذلك؟.. وعلى أي أساس بنى دعوته؟.. أليس الرئيس السيسي منتخبًا بإرادة شعبية غالبة لا مجال معها للتشكيك أو المزايدة؟.. فلماذا الإصرار على جر مصر للخلف وإشاعة الفوضى والبلبلة وإظهارها في موقف المضطرب وتقديمها لقمة سائغة للخصوم والمتآمرين عليها من أصحاب مشروعات التقسيم المشبوهة الساعين لهدم الدول العربية؟.. أليس من يفعل ذلك يعرض استقرارها للخطر ويتماهى مع أعدائها الذين لا يكفون عن تغذية منابع الإرهاب الذي لا يتوانى عن توجيه ضرباته الخسيسة إلى جنودها ومقومات استقرارها، وآخرها الحادث الإرهابي الجبان الذي استهدف فندق القضاة بالعريش؟

وفي الاتجاه ذاته، خرج علينا ثالثهم وائل غنيم، مع اقتراب الذكرى الخامسة لثورة يناير، ليعزف على الأوتار ذاتها لإشاعة الفوضى.. فهل هي مصادفة أم أنها من تدبير محور الشر الذي لا يريد لمصر خيرًا؟.. لم يخرج واحد من الثلاثة ليقدم حلولًا لما تعانيه مصر أو نقدًا هادفًا لأداء الحكومة، ولا إنكارا لما يفعله الإرهاب ولا تفنيدًا لما أقدمت عليه بعض دول الغرب بعد حادث الطائرة الروسية ولا ازدواجية معاييرها في تصنيف الإرهاب ووجوب الحرب ضده على جميع مستوياته بصرف النظر عن نوعية ضحاياه في الشرق أو الغرب.

نسى الثلاثة الذين يصرون على التجديف ضد إرادة وطن وصالحه العام، ما يفعله الإرهاب ببلدنا وما يمكن أن يحدث لو وجدت دعاواهم صدى، وهي قطعًا لن تجد.. فهل يُسمح بمثل تلك الدعاوى في دول الغرب التي تدعي الحريات؟.. ألم يسمعوا ما قاله رئيس فرنسا بعد هجمات باريس عن أوضاع الحريات والإجراءات الاستثنائية في مقابل الأمن، وهو الذي لم يبعد كثيرًا عما قاله رئيس وزراء بريطانيا يومًا في مواضع مشابهة حين تعرضت بلاده لموجة عابرة من الإرهاب؟!
Advertisements
الجريدة الرسمية