رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

برلمان منحرف يمينا


كانت ملامح البرلمان القادم واضحة ولا تحتاج لخبير سياسي مخضرم أو لأستاذ علوم سياسية للتنبوء بما هو قادم أو بما هو واقع بعد أن خُطط له بدقة، برلمان منحرف يمينا.. نعم، ثلة من أصحاب الصوت العالي والمال الوفير والمصالح المترابطة الذين يختارون دوما أن يكونوا على يمين رئيس الدولة تحت أي ظروف، لا يعرفون كلمة أخرى غير نعم وتمام وعظيم يا أفندم.

تكتل هؤلاء في كيانات تحمل أسماءً حالمة رومانسية، وربما بلهاء بعض الشيء إذا تحدثنا بلغة السياسة، تتغنى جميعها بمصر التي لا يعرفون عنها الشيء الكثير أو ربما كانت مصرهم التي لا تتجاوز حدود شوارع وأحياء بعينها (راقية) في القاهرة والإسكندرية!

كان هؤلاء على وعي تام وإدراك كامل بأن نجاحهم في البرلمان أمر مفروغ منه بل إنه يعد تعيينا بالدور، فبعد انتهاء عصر صفوت الشريف وفتحي سرور وكمال الشاذلي وغيرهم من المتحالفين المشتاقين لأي دور سياسي يمنحهم نفوذا وحصانة تحمي مصالحهم المتشابكة، كان لا بد من أن يصيب هؤلاء الدور، من حقهم أو من نفسهم!

ولكن كانت المشكلة بينهم في اقتسام الكعكة وهم كثر، بالطبع لن يصلح أن يكون هناك قائمتان؛ نظرا لوجود نظام القائمة المطلقة، التي تمنح الكعكة كلها لمن سبق ولو بصوت واحد!، لذا كان الصراع على أشده بين اللاعبين المؤيدين للنظام والمتبارين في حب الرئيس ودعم مشروعه أيا كان هذا المشروع، صارت المزايدة على أشدها وتبعه التخوين الذي كان خاصا ولصيقا بنبلاء يناير من الثوار ومن سار في ركبهم، ولكنه انتقل بسهولة لأشقاء نضال الحب والوطنية هذه المرة، ماذا يفعلون؟، الطرفان يحبون مصر ويتمسحون باسمها الطاهر، الاثنان يباركون أي قرار رئاسي، الاثنان يطمعون في الوجود على يمين الرئيس، من الأحق بالربح إذن؟.. تلك هي المشكلة، حسنا أحدهم يدَّعي أن الفصيل الآخر إخوان!

إخوان!.. كيف ذلك، فبعضهم كان يعمل في مراكز غاية في الحساسية، أمنية أو وزارية نافذة، وسعت شوية دي يا حاجة!!.. أنتم جميعا تحبون مصر، عظيم، في حب مصر، في صحتك يا مصر، في حب النظام الجمهوري، في حب الرئيس، في حب الحب ذاته، لكن المكان لا يتسع لكم جميعا، ابحثوا عن حل إذن يرضيكم ويتسع لفيضان حبكم للمقعد الوثير على يمين النظام الذي سيبتلى بكم قريبا عندما تكونون مجرد حمل ثقيل على عاتقه أمام شعب يتطلع لمن ينظر على اليسار ليجد ملايين من الفقراء وسكان المقابر والعاطلين والمنتهكين ماديا وجسديا ومعنويا، فقط انظروا يسارا ولكن.. أنى لهم ذلك وهم جميعا منحرفون.. يمينا بالطبع!

هذا عن السادة الذين حبوا مصر وشربوا في صحتها الكثير من مقدراتها، وها هم يتطلعون لملء المزيد من الكئوس، ولكن الكارثة أنهم لا يدركون أن المنبع قد جف، وأن الجميع متعطش لقليل من العدالة التي لا يعلمون عنها شيئا هم ومن معهم من نواب المال السياسي، الذين أنفقوا الكثير جدا من ثرواتهم الطائلة على دوائر واسعة أنهكتهم ماديا.. هل تعتقد أن من هؤلاء من سيميل يسارا ويفكر في الرعاع الذين اشترى أصواتهم من جيبه؟.. هل من هؤلاء من لديه رؤية سياسية ويحب النظام بحق ويخشى عليه من هبات غاضبة حانقة لا تصلح معها مشروعات حالمة بعيدة المردود أو حتى مهرجانات الغذاء وتخفيضات الأسعار الموسمية أو كراتين احتواء غضب البؤساء؟

هؤلاء السكارى الثملى بحب الذات وعبادة المنصب، هم وقود الغضب الذي قد ينفجر في مصر من فرط حبهم لأنفسهم ولمصرهم! 

fotuheng@gmail.com
Advertisements
الجريدة الرسمية