رئيس التحرير
عصام كامل

المغفلون والعميل المعاصر!


انتهى من العالم تقريبا - اللهم إلا لأسباب أمنية مباشرة لا يمكن الاستغناء فيها عن العنصر البشري - العميل الكلاسيكي التقليدي القديم.. انتهى من عالمنا العميل المباشر الذي يجنده ضابط أو مجموعة ضباط ثم يشرف على تدريبه ضابط أو مجموعة أخرى من الضباط، ثم يتابعه ضابط ارتباط آخر يكون همزة الوصل بينه وبين الجهاز الذي جنده!


انتهى من العالم اليوم العميل الذي يتم تدريبه على استخدام الحبر السري وأجهزة إرسال مختلفة، يحصل على تدريبات مكثفة لإجادة تعامله عليها!

انتهى من عالمنا العميل الذي يتلقى تكليفات مكتوبة أو مسموعة مباشرة، وانتهى من عالمنا العميل الذي تصله الأموال إلى جيبه أو إلى حسابه من الجهاز الذي يعمل لحسابه.. انتهى كل ذلك إلا كما قلنا لأسباب أمنية مباشرة، وأصبحنا اليوم أمام العميل المعاصر!

العميل المعاصر لا يجمع الأخبار ولا يرسلها فقد أصبحت متاحة للجميع.. العميل المعاصر لا يصور الأماكن وبالتالي لا يرسل الصور إلى جهات أجنبية أو معادية.. العميل المعاصر دوره مركب الآن، لكنه موزع ومقسم على أفراد ومجموعات.. العملاء المعاصرون اليوم دورهم ألا يلتقي أهل البلد المستهدف على هدف واحد.. ولا يتفقون على شيء واحد، ولا يلتقون على عمل واحد، ولا يؤمنون بقيمة واحدة مشتركة.. هدف العملاء المعاصرين تشتيت أهل البلد المستهدف وتمزيقهم سياسيا وثقافيا.. ودس أفكار غريبة عن مجتمعهم.. وتشكيكهم في تاريخهم وأحيانا في جغرافيتهم وثوابتهم وثقافتهم.. والهدف في النهاية تحويلهم إلى أكثر من شعب يعيشون على أرض واحدة تضعف مناعته ويكون جاهزا لتوجيهه والعبث به!

العملاء المعاصرون تلتقطهم الأجهزة المعادية، لتدفع في طريقهم شركات إنتاج ودور نشر وصحفا كبيرة تستغل شهوتهم للشهرة وللأموال، فتوفر لهم فرصة الجوائز العالمية والكتابة في أكبر الأماكن والتكريم الدولي المتتالي.. والهدف صناعة نجوم مجتمع كبار، والهدف أيضا التفاف المعجبين والمهتمين حول النجم الجديد، والهدف كذلك أن يؤثر النجم الكبير في محيطه، ويقول ليسمع الناس ثم يقول ليضحك الناس، ثم يقول عند الضرورة ليغضب الناس.. لما لا وهو محل تكريم العالم والجوائز تأتيه كل يوم.

سيتحول العملاء المعاصرون إلى أطباء كبار وكتاب كبار وممثلين كبار ونقابيين كبار.. تمت صناعتهم على مهل.. يدسون السم في العسل في مشهد سينمائي أو كليب لأغنية.. ليس مهما أن تحمل إشارات ماسونية أو نجمة داوود في الخلفية أو في أركان المشهد أو قد تحمل.. وقد لا تشتت شعبا أو تمزق مجتمعا بمفردها.. إنما هي بجانب مشهد ثان أو رواية ثالثة أو كتاب رابع أو دراسة خامسة أو هتاف سادس أو طرح سياسي سابع كلهم.. جميعا.. يعطون صورة متكاملة تقدم رسالة سلبية عن مجتمع ما وإلى مجتمع ما.. والهدف تشويهه ثم إرباكه ثم إفشاله ثم تدميره!

المغفلون والجهلة وحدهم هم وقود التشويه والإرباك والفشل والتدمير.. باختصار.. المغفلون والجهلة وحدهم وقود المؤامرة.. وأي مؤامرة.. وكل مؤامرة!
الجريدة الرسمية