رئيس التحرير
عصام كامل

لُغْز الطائرة الروسية.. شفرة «أمك في العشة ولا طارت؟»


حتى اللحظة لا نمتلك حقيقة مؤكدة عن سبب سقوط الطائرة الروسية في سيناء.. روسيا تعلن دون دليل "قاطع" أن الطائرة سقطت بقنبلة موقوتة.. وزارة الطيران المدني المصرية تقول إن إعلان روسيا مجرد استنتاجات لا ترقى إلى مستوى نتائج محددة ودقيقة لتحقيق كامل.


لذا فإن الضباب ما زال يلف القضية.. وما زاد الطين بلة وإرباكًا.. أن وسائل الإعلام العالمية روجت لتفسيرات لا يمكن تصنيفها إلا تحت عنوان الهجايص.

ويبقى المَلْمَح الأهم والأكثر عبثا في المشهد.. هو ترجيح وجود عمل إرهابي، اعتمد على معلومات أجهزة مخابرات قالت إنها التقطت مكالمة مشفرة يُرَجَّح أنها تشير إلى عمل إرهابي قد يسفر عن سقوط طائرة بالمنطقة.

وتحت عنوان الهجايص كما أسلَفْتُ.. لم تفصح المعلومات عن مضمون الشفرة.. ومن ثم فتحت الأبواب أمام التكهنات.. ولا أستبعد من باب الاستخفاف أن يُنْشَر نص المكامة الهاتفية حاملة الشفرة كما يلي: يقول الأول: أمك في العشة ولا طارت؟.. يرد الثاني: طارت.. أما تفسير الشفرة فهو: أمك أي الطائرة.. العشة المطار.

في هذا الإطار وعقب حادث باريس.. نشرت مجلة "فوربس" الأمريكية، تقريرا قالت فيه إن تنظيم داعش الذي أعلن مسئوليته عن أحداث باريس الدامية، استخدم بلاي ستيشن 4، كقناة اتصال وإرسال رسائل عن طريق خدمة الألعاب عبر الإنترنت، وقام بتوصيل رسائل من خلال الدردشة عبر لعبة معينة، وقالت المجلة: إن خطة الهجوم كانت من خلال قِطَع النقود الموجودة في لعبة "سوبر ماريو".. وهو ما ذَكَّرَني بـ"عَبَط" الكلام عن شفرة أبلة فاهيتا منذ عدة أشهر.

واضح أن التنظيمات الإرهابية نجحت في تطوير آليات الحركة والعمليات النوعية، بحيث بدت أجهزة المخابرات كما لو كانت على وشك الاستعانة بالمباخر وقارئي الفناجين والمَنْدَل والسحرة وجامايكا؛ للبحث عن الأحجبة والعملات والعكوسات والشفرات التي استحدثتها التنظيمات الإرهابية.

قبل أن أختم.. طافت بذهني واقعة دارت تفاصيلها في سبعينيات القرن الماضي.. أحكيها بمناسبة الحديث عن المؤامرات والشفرات.. تقدم المرحوم المهندس عثمان أحمد عثمان، للترشح لعضوية البرلمان عن دائرة الإسماعيلية؛ إذ كان وقتها معبود الجماهير هناك بلا منافس، وكان صاحب سطوة ونفوذ على الصعيد السياسي.. عقدوا له مؤتمرا انتخابيا حاشدا.. كان ضمن الحاضرين مواطن معروف بالإسماعيلية، يشارك في المناسبات الوطنية بملابس عسكرية، ويرفع علما ضخما في المهرجانات المختلفة، على ما أظن اسمه "شاذام".. كان المهندس عثمان يتحدث والكل صامت يستمع.. وكل عدة دقائق ينهض شاذام ويقول.. "روسيا بتحبك يا باشا وباعتة لك جواب".

كانت العلاقة وقتئذ بين مصر وروسيا على غير ما يرام.. لذلك لفتت العبارة انتباه الأجهزة الأمنية.. بعد المؤتمر تابعوا الرجل فلم يجدوا عليه أي ملاحظة اشتباه في التخابر أو التعامل مع جهة أجنبية؛ لأنه ببساطة كان غريب الأطوار.. بيد أنهم وقفوا طويلا عند روسيا "باعتة لك جواب".. وتَبَنُّوا فرضية أن تكون شفرة معقدة.. اجتهدوا في حلها دون جدوى، إلى أن جاءهم الحل بالصدفة، وهو أنه كان يقصد بالجواب "برقية تأييد"، كما يسمعها في نشرات الأخبار، لكنه نسيها أثناء المؤتمر؛ لأنه كان ضارب أحلى خمسين حجر حشيش قبل المؤتمر.

كلمة أخيرة وجادة.. إن تغطية الفشل بالإعلان عن وجود مؤامرة، هو اعتراف صريح بالضعف وعدم القدرة على درء المخاطر.. وتصديق شفرة "أمك في العشة ولا طارت".
الجريدة الرسمية