رئيس التحرير
عصام كامل

روسيا وتركيا.. مَن نصب الكمين للآخر ؟!


هل نصبت تركيا بالتفاهم مع أمريكا كمينًا لروسيا استهدف استفزاز روسيا إلى أقصى درجة لتنزلق إلى رد عنيف يضعها في مواجهة مباشرة مع حلف الناتو؟ أم العكس هو الصحيح وأن الاستفزاز كان من روسيا لتحقيق أهداف أخرى مهمة أكبر بكثير من خسارة طائرة وطيار ؟


حتى اللحظة لا يعرف أحد طبيعة الرد الروسي المنتظر على الإهانة التركية ولا نرى إلا اتساعًا لرقعة الوعيد الروسي من إجراءات فعلية بدأت بسحب السياح الروس من تركيا إلى قطع الاتصالات العسكرية إلى إلغاء زيارة وزير الخارجية الروسي لأنقرة وما سبقها وما تلاها من تصريحات تتحدث عن حق روسيا في الدفاع عن النفس !

بينما على الجانب التركي وبعد التراجع الأمريكي المفاجئ عن دعم تركيا والذي ربما يكون رغبة أمريكيه في وقوع روسيا في فخ العدوان المباشر على تركيا فإن القادة الأتراك تحولوا إلى أرانب صغيرة.. وزير الخارجية التركي يطلب لقاء وزير الخارجية الروسي والأخير يوبخه ويعطيه درسًا في الأدب.. إلى أردوغان نفسه الذي طل على الشاشات الفضائية مرتبكًا مهزوزًا يقول إنهم أسقطوا الطائرة دون معرفة بهويتها!! وهو تبرير أسوأ من الجريمة ذاتها ويجعلنا نتساءل عن الزعم التركي السابق من أنهم حذروا الطيارين من الدخول إلى الأراضي التركية ثم قالوا إنهم كانوا في حالة دفاع عن حدودهم ثم قالوا إنها لم تكن المرة الأولى لاختراق الحدود من قبل الطائرات الروسية، فضلا عن بديهيات منها عدم معرفة أنواع الطائرات وأنه بأكاذيب أردوغان فإنه يمكن للطيران التركي إسقاط طائرات أمريكية أو طائرات أخرى تعمل في التحالف الدولي المزعوم ضد تركيا !

على كل حال روسيا قالت إن تركيا تشتري البترول من «داعش» بأسعار زهيدة وهو تلميح بإمكانية قطع خطوط بيع البترول العراقي إلى تركيا، وروسيا قررت أن يدفع التركمان في سوريا ثمن العدوان التركي- وهذا جزاء كل خائن لبلاده- وروسيا حذرت أيضًا تركيا من عبور طائراتها للأجواء السورية، وهو ما يعني تعرية كل الجماعات الإرهابية التي تدعمها تركيا والأهم:

هي الإجراءات العسكرية الروسية على الأرض التي لا تتوقف عند نشر صواريخ إس 400 الرهيبة وهي الجيل الجديد من صواريخ إس 300 وبقدراتها الرهيبة يمكنها السيطرة حتى على الأجواء التركية بكاملها من مجرد نصبها على الأراضي السورية إنما الأخطر هو كم القطع العسكرية البحرية التي تبحر إلى السواحل السورية منها الطراد الروسي الشهير المرعب "موسكو" الملقب بقاتل حاملات الطائرات وقدراته القتالية كبيرة جدًا، حيث يستطيع مهاجمة أهداف من 5 إلى 200 كيلومتر، بما يعني أن أهدافًا داخل الأراضي السورية ليست منها، كما أنه يهاجم 6 أهداف في وقت واحد وحتى ارتفاع 27 ألف متر، فضلا عن قدرته التدميرية لحاملات الطائرات مهما بلغ تحصينها، كما أنه يرسل عشرات الصواريخ على الهدف الواحد حتى إذا أسقطت عدة صواريخ وصل الباقي بسلام إلى الهدف ودمره!

السؤال الآن: هل أرسل الطراد "موسكو" لقتال داعش ؟ وإن كان أرسل لاستخدام صواريخه ضد تركيا فهل كانت تحتاج روسيا له وهل تمتلك إرسال آلاف الصواريخ إلى تركيا دون طراد واحد ؟ أن أساس قوة الطراد "موسكو" هي الصواريخ كروز المضادة للسفن من نوع P-500 والتي يبلغ مداها 550كم أو 700كم وسرعتها 3000كم في الساعة ورأسها الحربي يبلغ وزنه 950 كيلو !!

«داعش» لا تملك سفينة واحدة ولا حتى مركب صيد صغير.. فلمن أرسلت كل هذه القوات ؟ ليبيا مع قطع الإمدادات العسكرية البحرية التركية للإرهابيين في ليبيا ؟ ربما.. مد النفوذ الروسي بالقوة في جنوب أوروبا والعودة بقوة كدولة عظمى ؟ ممكن.. أو.. أو تعاون مع مصر في التخلص من الإرهاب في سيناء وارد أيضًا خصوصًا مع المناورات المرتقبة والتعاون المتزايد المتصاعد بين مصر وروسيا وبلوغه حدًا غير مسبوق منذ الستينيات؟ أم لكل ما سبق ؟ الأمر يحتاج مقالًا آخر!
الجريدة الرسمية