رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

بسلاح العدل فقط..و ليس بسلاح الدين أو الشيوخ!


هناك بديهيات ومسلمات في الحياة السياسية المصرية من بعد حركة الجيش في يوليو 52، ومنها على سبيل المثال أن كافة الوزراء والمحافظين ما هم إلا مجرد موظفين تنفيذيين للرئيس، ليس فقط بحكم وضعه كرئيس(منتخب) أو حتى معين أو مستفتى عليه، بل بحكم وضع الواقع وامتلاك القوة مهما كانت أنماط تلك القوة، لذا فالرئيس هو كل شىء، إن أحسنت الحكومة غنى الإعلام ورقص وسبح بحمد الرئيس، وإن فشلت الحكومة أو انحرفت أو احتفظت بالوضع القائم(الظالم) انتقد الشعب الرئيس سرا أو جهرا وظل الإعلام الرسمى وشبه الرسمى المملوك لرجال أعمال الدولة، يمجدون الرئيس وينزهونه عن الخطأ بل ويقلبون الخطأ صوابا وعبقرية خالصة لا يدركها إلا أولى الألباب !


لا يعلم هؤلاء أن ذلك كان يصلح قبل سنوات طوال سبقت 25 يناير، وتحديدا مع تواجد شعبى منظم في حركات مثل كفاية وغيرها والتي شجعت المصريين على الاعتراض علانية والتظاهر للمطالبة بحقوقهم والاعتصام السلمى أمام الوزاررات ومجلس الشعب، والآن ونحن نعيش في عصر أكبر (مصطبة) مصرية يتقابل فيها جميع المصريون تقريبا، وهى شبكات التواصل الاجتماعى صار الرئيس والحكومة والجميع تحت منظار الانتقاد والتقييم بدون رقابة وبدون خوف إلا قليلا بالطبع !

لم تعد لغة الأمر الواقع تصلح، ولم تعد قرارات الرئيس أو من دونه من المساعدين تمر مرور الكرام، وحتى كلمات الرئيس المشهورة أو لزماته صارت محفورة في ذهن الجميع لتكرارها، ولعل أشهرها(مفيش، معنديش).. قالها الرئيس وهو يتحدث عن آماله الشخصية لنقل فئات كثيرة مظلومة من الشعب لحياة أكثر آدمية وعدلا.. وتمسك الشعب بها تبريرا للتقشف الذي أصاب فقراء مصر وهم كثر..أو تندرا وانتقادا لطيفا في حدود المسموح به،عندما تنال إحدى الفئات مزايا مادية ومعنوية بينما الباقى يعانى من تدهور يومى في دخله بفعل التضخم وتهاوى قيمة العملة في بلد لا ينتج فقط سوى أغان هزلية مملوءة نفاقا!

تندر المصريون واسترجعوا كلمات الرئيس عن ضيق ذات اليد، وهم يجدون السادة الدعاة أو كما يطلق عليهم العامة(شيوخ الجوامع) يحصلون على زيادة شهرية مفاجئة من السيد رئيس الوزراء مقدارها ألف جنيه شهريا بدون مظاهرات أو مطالبات بتحسين أوضاعهم المالية، والتي تشبه كافة موظفى الدولة في مجملهم إذا استثنينا بالفعل باشوات البترول والكهرباء والبنوك والجهات العليا.. اللهم احفظنا !

أهكذا يتم تمييز السادة الشيوخ في وقت اشتكى كثير من موظفى الدولة من تناقص رواتبهم فعليا، بحكم قانون الخدمة المدنية، وفى وقت يشتكى الجميع فيه من توحش الأسعار، وقيام حكومة لا تستحى بالإعلان عن مهرجانات لتخفيض أسعار الغذاء.. الغذاء يا سادة الحق الأدنى والطبيعى لكل إنسان يعيش في أي مكان وليس في دولة بحجم مصر !

أهكذا يتم ترضية السادة الشيوخ بألف جنيه شهريا أي ما يعادل راتب شاب حديث التعيين، إن تم تعيينه بالفعل، وما يعادل عقدين عمل لمن يعملون في الحكومة بدون تعيين حتى تاريخه!.. لماذا يتم تمييز هؤلاء بعيدا عن باقى موظفى الحكومة؟ لماذا يتم إرضاء هؤلاء وتقديرهم مع أن جهودهم ضئيلة حقا وفعلا في العمل، مجرد موظف يصلى بالناس بعض الفروض ويلقى خطبة مكتوبة موصى له بعدم تجاوزها حرفيا!

هل تذكرت الدولة فجاة أن الدعاة بحاجة للمال، حسنا ماذا عن باقى فئات الشعب، هل الغلاء يصيب هؤلاء فقط أم أن الأمر له أبعاد أخرى تظن الدولة أنهم سيلعبون فيه دورا بارزا تثبيطا وإقناعا حتى ولو بسلاح الدين !

مخطئة هي الدولة التي تفكر بتلك الطريقة ومخطئة هي الحكومة التي تعبتر أن للدين (الرسمى) تأثير على الناس، لو أراد الشعب الخروج والثورة والاعتراض لن يوقفه شيخ معمم يقبض راتبه(الكبير) من الحكومة، ولن يفلح أي من يحمل سلاح الدين بعد تجارب مريرة ذاق فيها المصريون معنى وجود كهنوت على رأس الدولة أو حتى من وراء حجاب كما في حالة الإخوان والسلفيين، لن يؤثر شيوخكم في الناس حتى تميزوهم من الآن !

فلتحارب الدولة كل الفتن العاجلة والمتوقعة بسلاح العدل.. وفقط العدل.. ولتكن مفيش على الجميع أو هناك مكافآت وحوافز للجميع..ولله الحق العدل الأمر من قبل ومن بعد.
fotuheng@gmail.com

Advertisements
الجريدة الرسمية