رئيس التحرير
عصام كامل

فضيحة في مجلس النواب!


هي فضيحة مكتملة الأركان، وجريمة لا يمكن السكوت عليها.. روايات مختلفة.. هناك مَنْ يقول إنها «تصفية حسابات»، وآخر يؤكد: «الاتهامات ثابتة، وواضحة وضوح العفاريت الزُرق في ظلام الليل الحالك»..ووزير الشئون القانونية ومجلس النواب يبرر بأنها:«عمالة زائدة»!


اتهامات متبادلة..المسئولون يعلنون غسل أيديهم قبل وبعد وأثناء عملية استبعاد الموظفين من المجلس «الموقر».. والمستبعدون يزعمون أنهم يدفعون ثمن فضحهم للفساد والفاسدين..!

الحكاية باختصار بدأت بخبر، نُشر في الزميلة «الوطن» على لسان «مصادر»، تفيد بـ«انتماء نحو 234 موظفًا من العاملين بمجلس النواب إلى تنظيمات إرهابية، مثل داعش والإخوان، وتم إقصاؤهم». وكشفت المصادر عن أن مَنْ صدر بحقهم قرار إقصاء عن العمل بـ«مجلس النواب» سيجرى نقلهم لجهات أخرى وليس فصلهم.

رائع.. الرجالة شغالة على وِدنه.. تحريات.. مطاردات.. تطهير المؤسسات من العناصر الإخوانية والداعشية.. لا مكان لمتطرف.. لا مكان لمنحرف!

المصادر أوضحت أنه جرت مراجعة ملفات 234 موظفًا خلال الفترة الماضية، بسبب انتماءاتهم المتطرفة، وانضمامهم لتنظيمات إرهابية، أو تورطهم في عمليات إرهابية، مشيرة إلى وجود قرار بنقل 69 موظفًا، وأنه جرى بالفعل سحب كارنيهات المجلس من 35 منهم، فيما سيجرى إقصاء مجموعة أخرى ممن يثبت تربحهم وتورطهم في عمليات اختلاس وسرقات، مستغلين وجودهم في البرلمان، وتوجد كثير من الشكاوى ضدهم تحقق فيها الجهات المختصة حاليًا.

يا مثبت العقل في "النافوخ" يا رب.. موظفون لصوص، ومختلسون، ومتورطون في قضايا إرهابية، ويتم نقلهم من مكان إلى آخر، بنفس درجتهم الوظيفية، والمزايا المالية؟ أي عقل يستوعب هذا العبث؟ أي عاقل يصدق تلك الفضيحة؟

ما نعلمه جميعًا أن الفاسد، والمختلس، والسارق، والإرهابي يتم التعامل معهم وفقًا للقانون..القانون الذي يجب أن يُطبق على الجميع دون استثناء..فإذا ما ثبت تورط هؤلاء الموظفين المستبعدين من مجلس النواب في أية جريمة؛ فإن عقابهم يكون بـ«الفصل التام» من وظائفهم، وإحالتهم إلى المحاكم المختصة، لينالوا عقابهم دون أن تأخذنا بهم رحمة ولا شفقة..اللهم إلا إذا كانت في الأمور أمور..؟!

نعم لا يُقْدَم على تلك «الفضيحة»- هكذا أسميها- إلا إذا كانت هناك أسباب أخرى لا نعلمها، وهو ما يجعلني أميل إلى تصديق الرواية القائلة بأن كثيرا من المستبعدين دفعوا ثمن صوتهم العالي في محاربة الفساد، طوال السنوات الماضية..خاصة وأن بعضهم على «درجة مدير»، ورأيناهم مرارًا على شاشات الفضائيات الموالية للنظام، وهم يحملون مستندات تكشف حجم الفساد المستشرى في المجلس منذ عهد المخلوع، مرورًا بعهد الإخوان.. لكن بدلًا من تشجيعهم، واستبعاد الفاسدين، تم استبعادهم هم.. فهل هناك توضيح لهذا القرار، ومعرفة حيثياته؟

يا سادة نحن مقبلون على عهد جديد، ومرحلة جديدة تتطلب عقولًا واعية، مدركة..لا عقولًا انتقامية، تسعى إلى تصفية حسابات، أو إخراس الأصوات العالية، التي كانت وما زالت تعتقد أنها تدافع عن الحق، وتدافع عن الدولة..في حين نتغاضي عن الفاسدين والمنحرفين وناهبي أموال الشعب.. بل وتسعى الدولة للتصالح معهم!
حسبي الله ونعم الوكيل
الجريدة الرسمية