رئيس التحرير
عصام كامل

بالفيديو.. 3 خبراء في الشأن التركي: "العدالة والتنمية" يحكم تركيا بـ "المكرونة الزيت والسكر"

فيتو

  • يقول أمام الكاميرات شعارات ويمارس في الكواليس أبشع طرق القمع والديكتاتورية
  • الرئيس التركي استغل علامة «رابعة» والهجوم على «السيسي» في الحملة الانتخابية
  • أردوغان كان يدير مكتب الإرشاد من خلال مندوبه السامي «جان أجون»

كيف نجح حزب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الفوز بالانتخابات النيابية المبكرة؟.. كيف سيكون شكل الدولة السياسي في ظل سيطرة حزب "العدالة والتنمية" على الحكومة؟.. هل هناك نية لدى "أنقرة" لغلق ملفات الخلافات الإقليمية والتصالح مع القاهرة؟.. وماذا ينتظر الجيش التركي في ظل هيمنة أردوغان على الدولة والنية لتحويلها إلى النظام الرئاسي؟
أسئلة كثيرة تحتاج إلى إجابات حاسمة، بعيدة عن الزيف وخلط الحقائق والأزمات الدبلوماسية.
في رحلة البحث عن الإجابات المنطقية، وللخروج من دائرة "سب أردوغان" بطريقة عشوائية، وضعت "فيتو" هذه الأسئلة وغيرها على طاولة حوار استضافتها، بالتنسيق مع مركز القاهرة للدراسات الكردية، شارك في الإجابات عليها الباحث والكاتب التركي "تورجوت قاره محمد أوغلو"، وممثل الاتحاد الوطني الكردستاني "ياسين رؤوف"، ورئيس مركز القاهرة للدراسات الكردية، السيد عبدالفتاح على.. ودار الحوار التالي:

كيف فاز أردوغان؟.. السؤال الصعب والإجابة المتوقعة....


* كيف فاز حزب العدالة والتنمية في الانتخابات النياية المبكرة؟
أوغلو: أردوغان رسخ لمبدأ "أنا أو الفوضى"، عقب فشل حزبه "العدالة والتنمية" في الانتخابات التي جرت في شهر يونيو الماضي، وانفجرت المشكلات الداخلية والأزمات، بالإضافة إلى تهديد الشعب بالفوضى حال فشل انتخابات "نوفمبر" في حسم النتائج لصالح حزبه وفشل تشكيل حكومة موحدة دون الحاجة للدخول في ائتلافات مع أحزاب المعارضة، وأشعل الدولة بالتفجيرات، ودخلت البلاد في حالة حرب على مدى أربعة شهور، ووقعت تفجيرات في إسطنبول وأنقرة راح ضحيتها الأبرياء، وفتح جبهة حرب مع الأكراد، وزعم محاربة تنظيم "داعش" الإرهابي.. الأمر الذي فرض على الأحزاب المعارضة حالة صمت وارتباك.
واستغل الرئيس التركي غياب الوعي الشعبي، وحصول الأغلبية التي تسانده، والتي تمثل نحو 60% من الأميين، معلوماتها من وسائل الإعلام التي يهيمن عليها جهازه الحاكم، ما سبب حالة رعب نتيجة بث الخوف والذعر من انهيار البلاد، وتمكن العناصر الإرهابية من مفاصلها والتغلل والانتشار دون مجابهة.
والمفاجأة هي لجوء الحزب الحاكم "العدالة والتنمية" لنفس طريق جماعة الإخوان، المصنفة إرهابية، لحشد الناخبين، من خلال توزيع السلع الغذائية بالمناطق العشوائية، والتي شملت "المكرونة الزيت والسكر"، وأيضا بعض السلع المنزلية المعمرة مثل الثلاجات وغسالات الملابس والأطباق والأدوية، وما إلى ذلك.
وهناك 80% من الكتلة التصويتية التي تصوت لحزب "العدالة والتنمية" يحملون شهادة التعليم الابتدائي، والـ 20% الآخرون أميون، وأسلوب "أردوغان" في الدعاية والحشد لم يتوقف عند حد "السكر والزيت والمكرونة"، فخلال الأربعة أشهر الماضية لعب أردوغان على القضايا العربية وتبنى لسان القومية، واستغل الملف المصري جيدا ولم تفارقه إشارة "رابعة"، والهجوم على الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، خلال جميع جولات حزبه الترويجية، إضافة إلى غزة وارتداء قناع المدافع عن القضية الفلسطينية التي يرتديها كـ"ـقميص عثمان" مع كل حدث سياسي داخلي.

*ولكن ما سر الفوز؟
الملا ياسين رؤوف: حملة الاعتقالات التي طالت كوادر حزب "الشعوب الديمقراطي"، وفرض الطوارئ وحظر التجول على مناطقهم أضرت بالحزب، الذي كان يمثل الحصان الأسود في العملية الانتخابية.
قال عبدالفتاح علي: أردوغان وضع خطة بديلة عقب خسارته في المرة الأولى ودفع الأمور إلى الانتخابات المبكرة، واعتمد على عدة وسائل، من ضمنها استهداف حزب الحركة القومية وحزب الشعوب الديمقراطي، وربط بينه وبين حزب العمال الكردستاني، والذي يتهم بالإرهاب، واستطاع بالتعاون مع التنظيمات الإرهابية إشعال الدولة بالتفجيرات على يد عناصر "داعش"، بالإضافة إلى فرض حظر التجول، وللأسف العمليات العسكرية التي قام بها حزب العمال الكردستاني، سبب في التأثير على الأكراد وشعبية صلاح الدين ديمرتاش، زعيم حزب الشعوب الديمقراطي، وتبنى شعارات أكثر قومية بترويج مزاعم سعي الأكراد للانفصال، وفي سبيل ذلك استقطب شخصيات قومية بارزة بالحديث عن الاستقرار والأمن ووحدة الدولة وقضايا العالم الخارجي.

*ولكن هل يمكن حدوث تقارب القاهرة وأنقرة خلال الفترة المقبلة على خلفية زيارة وفد اقتصادي، وحالة الانتشاء من الفوز في الانتخابات؟
رئيس مركز القاهرة للدراسات الكردية: أستبعد هذا الطرح، وأردوغان يبنى شعبيته الداخلية على العداء لمصر ونظامها الحاكم، وفي ظل حالة الانتصار التي يعيشها الآن، لن يقترب من هذا الملف، وأتوقع وجود تطبيع اقتصادي أو ثقافي فقط.

*ماذا عن معركة الدستور التي يعد لها "أردوغان" الآن؟
تورجوت أوغلو: الرئيس التركي يبني خطته الآن على وضع دستور جديد، بذريعة تحديث الدولة، والابتعاد عن مسمى "تعديل الدستور"، وهو يتبنى الحديث في تغيير الدستور منذ 13 عاما منذ كان رئيسا للوزراء، عقب تشكيل الحكومة الجديدة، سوف يسعى لهذه الخطوة، بهدف تغيير شكل نظام الحكم وإلغاء صلاحيات رئيس الوزراء، ومنحها لرئيس الدولة، ويجب أن نضع في اعتبارنا أيضا أن دستور 1982 المعمول به في البلاد الآن وضعه جنرالات الجيش، وفكرة تعديل مواده سوف تؤدي إلى صدام مع المؤسسة العسكرية، لذلك بدأ يسوق لفكرة وضع دستور جديد بشكل عام بذريعة تحديث الدولة ومواكبته للتطورات العالمية، عبر الاستفتاء الشعبي.

ولا أستبعد احتمالية التعثر في طريق تنفيذ هذا المخطط، بسبب الانشقاقات الداخلية في حزب "العدالة والتنمية، وخاصة الجناح الذي يقوده الرئيس السابق عبدالله جول، الذي خطط أردوغان لتحجيمه بتصعيد "أحمد داود أوغلو" رئيس الحكومة الحالية.

*ماهو مستقبل الحروب التي تخوضها تركيا الآن على الحدود السورية والعراقية؟
ياسين رؤوف: أتوقع تراجع أردوغان خلال الفترة المقبلة عن الحروب الخارجية، بعد تحقيق مكاسبه الداخلية والرجوع إلى مربع "صفر مشاكل"، وإبرام مصالحات مع الجميع، بما فيهم إسرائيل.
وأرى أن انتصار "العدالة والتنمية"، رغم أنه يعد انتصارا للإخوان في المنطقة، و"داعش" أيضا، إلا أنه وضع تركيا ونظامها الحاكم أمام مفترق طرق، وفي حال اختارت أنقرة الاستمرار في المواجهة سوف يخسر أردوغان وحزبه كل شيء ومعهم داعش والإخوان، وفي حال ذهب لتصفير المشاكل سوف تخسر جماعة الإخوان وداعش، ويدير النظام الحاكم في تركيا ظهره لهذه الجماعات بهدف الاستمرار، لا سيما أنه استثمر أوراقهم في المعركة الانتخابية ولم يعد لديهم ما يقدمونه له الآن.

*ماذا عن حرية الصحافة بتركيا؟
أوغلو: في تركيا قبضة أمنية مشددة تكمم الأفواه وتسجن الصحفيين والإعلاميين مع كل بزوغ شمس يوم جديد، وأشير إلى وضع ما يفوق الـ50 صحفيا تركيا بالسجون، بالإضافة إلى فرض الحراسة القضائية على صحف وقنوات فضائية، وتهديد رجال الأعمال المالكين للوسائل الإعلامية باستهداف مصالحهم التجارية لتركيعهم وإدخالهم في حظيرة منافقة النظام، وأردوغان يمارس ديمقراطية ديكتاتورية، يقول أمام الكاميرات شعارات ويمارس في الكواليس أبشع طرق القمع والديكتاتورية.

*ماهو مستقبل قيادات الإخوان الهاربين إلى إسطنبول؟
أوغلو: أردوغان السبب الرئيس لفشل إخوان مصر، بسبب إدارته لحكم القاهرة من أنقرة، وفرض تعليماته على مكتب الإرشاد هنا، وعدم ترك القيادات لانتهاج طريق يشبه النموذج التونسي، وفي ظل اشتعال الشارع المصري بالتظاهرات ضد الجماعة ومحمد مرسي، نصحهم الرئيس التركي بالتمسك بالشارع وحشد أنصارهم وعدم الرضوخ للمصالحة مع التيارات الأخرى.
وأردوغان كان يرسل التعليمات مباشرة إلى مكتب الإرشاد، وليس من خلال السفارة التركية، عن طريق شخص يُدعى "جان أجون"، الذي كان يعد المندوب السامي للرئيس التركي إلى القاهرة، وسهلت الجماعة لهذا الشخص فتح مكتب في منطقة وسط البلد فرع لمؤسسة "سيتا"، والذي كان يعمل به كخبير.

*أين تقف تركيا الآن، وما هو مستقبلها؟
الخبراء الثلاثة: الدولة التركية تقف الآن في مفترق طرق، ومستقبلها رهينة في يد الساسة الذين يملكون خيار تصفير المشاكل، أو الذهاب بها إلى سقف الأزمة، مرجحين تدخل المؤسسة العسكرية في الأزمة حال تفاقمت الأمور وانفلتت الأوضاع وسعى "أردوغان" لجر الدولة إلى حرب مفتوحة.
الجريدة الرسمية