رئيس التحرير
عصام كامل

هل استيقظ الغرب من سُباته!


شهد العالم خلال الثلاثة أسابيع المنقضية، أربعة حوادث إرهابية، في كل من مصر ولبنان وفرنسا ومالي، خلّفت وراءها نحو 425 قتيلًا ومئات المصابين.


وغداة حادث الطائرة الروسية فوق أرض سيناء في 31 أكتوبر الماضي، الذي قُتل فيه كل ركابها وطاقمها (224 شخصًا) سارعت الولايات المتحدة وبريطانيا وبعض دول أوربا الغربية، إلى استغلال الحادث ضد مصر والعمل على حصارها اقتصاديًا بتدمير السياحة المصرية وسحب سائحيهــا والدعــوة لعدم زيارة مصــر، ولا مِـراء في ذلك رغـم "تأمرُك" – من كلمة أمريكا – بعض المصريين ومطالبتهم بالتريث في الحكم على المواقف الأمريكية والأوربية!

ويوم الخميس 12 نوفمبر الجاري، أدى تفجيران في الضاحية الجنوبية لبيروت إلى مصرع 43 شخصًا وإصابة 240 آخرين، فسارع العالم بالشجب والتنديد محملًا الإرهاب المسئولية، وكفى الله المؤمنين شر القتال.

وفي الليلة التالية، تفجَّرت باريس بالعديد من العمليات الإرهابية التي أودت بحياة 129 شخصًا وإصابة 330، فانتفض العالم واستيقظ من سُباته وهدوئه ورخاوته، ولم يقعد حتى الآن، وصباح أول أمس (الجمعة) هاجم إرهابيون أحد الفنادق في باماكو "عاصمة مالي"، واحتجزوا 170 شخصًا قُتل منهم 27 في عملية تحرير الرهائن، بمساعدة قوات أمريكية وفرنسية موجودة هناك.

وقبل هذه الأيام، ومنذ سنوات عديدة، دُمر العراق وانتشر الإرهاب في أوصاله التي تقطعت الآن، وذُبح السوريون وقُتل ما يزيد على ربع مليون سوري، وشُرد أربعة ملايين ونصف المليون من السوريين، وتم احتلال ثلثي البلاد من قبل الجماعات الإرهابية، وفي اليمن لا يزال اليمنيون يقتلون بعضهم بعضًا، وليبيا على وشك الوقوع في أيدي الدواعش، وحصد الأرواح يتواصل في الصومال ونيجيريا وكينيا وغيرها من دول القارة الأفريقية، والمسلمون في ميانمار يُقتلون ويُشردون ويُمنعون من حقهم في الحياة.. ومصر تتعرض لأشد جرائم الإرهاب التي يقتل البشر ويدمر الزرع والحجر.. كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم.

ورغم كل هذه المآسي الإنسانية التي كانت بعيدة كل البعد عن الولايات المتحدة، وعن أوربا نوعًا ما، بقى العالم وأممه المتحدة وأمينها العام يشجبون بأشد العبارات وينددون بأقوى الكلمات دون حراك.

إن الإنسان السوي يتعاطف مع أخيه الإنسان ومآسيه في كل مكانٍ وزمان، ويبدي الحزن والأسى لتلك الأرواح البريئة التي تُزهق دون ذنب أو جريرة على أيدي أولئك الذين هانت عليهم أرواحهم وأرواح البشر، غير أن المرء – في الوقت ذاته – يتعجب من المواقف "الغريبة" للدول الغربية أو بالأحرى الحكومات لمواقفها المزدوجة التي تبديها ولتعاملها مع الإنسان والإنسانية!

وقد طالب وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف، دول أوربا بضرورة الاستيقاظ لمواجهة تهديدات الإرهاب، وطالبت فرنسا مجلس الأمن الدولي بحشد الدعم العالمي لمحاربة تنظيم داعش بعد الهجمات الدامية في باريس، ودعت في مشروع قرار دولي وُزع في مجلس الأمن، إلى السماح لكل الدول باتخاذ التدابير الضرورية لقتال التنظيم الذي أعلن مسئوليته عن تلك الهجمات، فهل سيستيقظ العالم، خاصة الغرب، أم أنه قد صحا بالفعل؟!
الجريدة الرسمية