رئيس التحرير
عصام كامل

متى يصبح القانون أقوى من الأشخاص؟!


كلمة السر في غيبة الانضباط في حياتنا هو فقدان القانون لسلطانه وهيبته.. فما معنى أن يتم القبض على رجل أعمال ثم تقرر النيابة حبسه 15 يوما على ذمة التحقيق ثم يجري الإفراج عنه فجأة دون الإفصاح عن حقيقة الاتهامات وما ارتكبه من أخطاء ومخالفات وجرائم إذا كان هناك ما يؤكد ذلك.. فلماذا كان القبض عليه ولماذا تم الإفراج عنه؟!


ما يحدث يدعونا لإعادة النظر في أمور كثيرة حان الوقت لمراجعتها حتى لا نسهم في تكريس فجوة الثقة بين المواطن والحكومة.. وأظن أن البرلمان القادم عليه مهمة الرقابة على تنفيذ القانون وسن التشريعات اللازمة لإصلاح المسار.

إن غياب القانون يجعل كل شيء مستباحًا؛ الأموال والأعراض ومستقبل الأوطان وهو ما يمهد لاهتزاز القيم وتراجعها وسيادة البلطجة وثقافة النهب والتكويش.

مطلوب منا تقييم تجربة الوزراء رجال الأعمال وأصحاب وسائل الإعلام من رجال المال.. والوزراء النواب أيضًا.. هل حققت خيرًا للمجتمع أم أحدثت شرخًا وصدعًا في بنيانه.. هل استطاع هؤلاء الوزراء الفصل بين مصالحهم وشركاتهم وبين وظائفهم ونفوذهم.. أم اختلط العام بالخاص وكان المنصب ستارًا لمزيد من جلب الثروة والقوة وكيف يستخدم رجال الأعمال وسائلهم الإعلامية في الدفاع عن مصالحهم ولو على حساب الوطن والشعب.

الأحداث الأخيرة جاءت كاشفة لحالة اعوجاج وفوضى تدفع إلى مواجهة لا مفر منها وفتح ملفات مسكوت عنها لاستعادة حق الدولة وعلى الحكومة سرعة التحرك لاسترداد هذا الحق وتصويب المسار.

فهل مقبول أن تنتفع حفنة قليلة بمساحات هائلة من الأراضي بهدف استصلاحها وزراعتها ثم تحويلها بطرق ملتوية إلى منتجعات سياحية باعوها بأعلى الأسعار رابحين المليارات دون إنتاج حقيقي يخدم الدولة ثم يماطلون في إعادة الحق إليها.. بينما لا يجد ملايين الشباب سكنًا يأويهم ويمنحهم القدرة على الحياة.. لماذا جرى السكوت على هؤلاء المتربحين بأراضي الدولة الذين هربوا أموالهم للخارج ولم يفكروا في إقامة مدرسة أو مستشفى أو حتى مصنع يعود نفعه على أبناء الشعب ولا أقول الإسهام في مشروعات خيرية على غرار ما يفعله رجال أعمال في دول أخرى.

متى يصبح القانون أقوى من الأشخاص.. متى يلتزم به الكبير والصغير والمنوط بهم تنفيذه.. متى تعود الهيبة لدولة القانون.. وتلغي الامتيازات والحصانات وكل وسائل خرق القانون.. متى يصبح الجميع سواسية أمامه ؟!

إننا نثق في الرئيس وفي البرلمان القادم لإعادة الهيبة للقانون ومن دون ذلك لن نتقدم خطوة واحدة ولن تحل مشاكلنا ولن نكون دولة متطورة.. فهل نحن مستعدون لاحترام القانون والانحناء له مهما يكن ضد مصالحنا الفردية؟!

الجريدة الرسمية