رئيس التحرير
عصام كامل

باريس ودواعش الفيس


تابعت مواقع التواصل الاجتماعي بعد حادث باريس الأخير، ولا أعرف لماذا أقبل على قراءة التعليقات التي دوما ما تتسبب في رفع الضغط عندي، لكني تعودت أن أفعل ذلك، وأصبحت على قدر لا بأس به من فهم جميع المحيطين بي، فالناس دوما ما يتكلمون بقوالب كلامية وجدوا آباءهم لها عاكفين.


- «الدم كله حرام» ستجد هذا التعليق كثيرا، وأنا أميل لهؤلاء؛ لاحترامهم لإنسانيتهم.

- «أحسن إيه وداهم هناك»، وهذا التعليق ينطق به الشامتون الحاقدون.

– «لست شامتا ولكن وبس واللهم إلا»، وإن شئت أكمل بكل أدوات الاستثناء والاستدراك في اللغة العربية، ليكمل بعد ذلك وصلة الشماتة والتشفي.

- «أومال ماعملتوش كدة لما حصل قبل كدة ليه»، لعل هذا التعليق المتصدر في اليومين الماضيين، وجدنا مقارنات لا علاقة لها ببعضها، وكأنك عندما تتضامن مع ضحايا حادث إرهابي غشيم، أنك لا تبالي بغيرهم أو أنك تفرق بين هؤلاء وأولئك، ومعظمها مبنيٌّ على تكهنات لكنه أراد أن يكتب تعليقا مختلفا، ألا لعنة الله على «الكوبي بيست».

- «يريدون إلهاءنا عما يحدث في بلاد الواق واق، لا تنجروا وراءهم ودعونا نكمل ما كنا عليه»، أولئك أصحاب نظرية المؤامرة وبص العصفورة، كما لو أنهم كانوا عاكفين على البحث العلمي للمفاعل النووي.

ثم بعد ذلك يتحفنا الخبراء الإستراتيجيون في برامج التوك شو؛ لتحليل الموقف من وجهة نظر إستراتيجية، والحديث عن المؤامرة بكلام «لا بيودي ولا بيجيب»، ثم يقبضون أجر الحلقة، وفي سريرتهم يدعون «اللهم دمها نعمة واحفظها من الزوال».

لكن ما لفت نظري هذه المرة في تناول السوشيال ميديا للحوادث الإرهابية في فرنسا، أننا مقبلون على مرحلة داعشية وطائفية تدعو للقلق، اشتعلت النقاشات الحادة على مواقع التواصل الاجتماعي، زاد الهجوم ضد كل من يعلن تضامنه مع ضحايا فرنسا، وجدنا من يفرح ويشمت في أبرياء، تعالت نبرة العنف.. ثم تعالت نبرة العنصرية الطائفية والعنصرية الجغرافية.

لا بد أن نفرق بين الدول وسياساتها، وبين المدنيين الذين يعيشون فيها، فإنسانيتنا وتعاطفنا مع حادث باريس لا يعني أننا نسينا «فلسطين وسوريا وبورما، وغيرها..»، لكنها الإنسانية التي يحاول البعض قتلها عن عمد.
الجريدة الرسمية