رئيس التحرير
عصام كامل

الانتخابات البرلمانية وحزب النور السلفي


انطلقت أمس السبت الانتخابات البرلمانية في الخارج، وبدأت اليوم في 14 محافظة في مرحلتها الأولى، بمشاركة حزب النور السلفي – الذراع السياسية للدعوة السلفية – الذي يتواجد على الساحة السياسية وفي الشارع المصري بالمخالفة للدستور، المُقام ضده العديد من الدعاوى القضائية أمام مجلس الدولة للمطالبة بحله.


غير أن هناك أكثر من عشرة أحزاب دينية أخرى، ومنها الوسط والنهضة والبناء والتنمية والأصالة، لا نعرف أين هي وماذا تعمل في ظل تعتيم إعلامي إزاء نشاطاتها في الواقع المصري، وجميع هذه الأحزاب يجب أن تكون "محظورة" طبقًا للدستور حسب المادة 74، التي تحظر قيام أحزاب سياسية على أساس ديني أو بناء على التفرقة بسبب الجنس أو الأصل أو على أساس طائفي، كما أن وجود هذه الأحزاب يتعارض مع المادة 53 من الدستور التي تؤكد أن التمييز والحض على الكراهية جريمة يعاقب عليها القانون، وكل هذه الأحزاب تمارس على الدوام وعلى مرأى ومسمع من الجميع هذه الجريمة.

ونظرة إلى الوراء؛ حيث تنافس حزب النور على كل مقاعد برلمان 2012، وحصل على 25% من المقاعد، غير أنه يتنافس اليوم على نسبة نحو 40% من المقاعد الفردية، وعلى قائمتين من أصل أربعة، ويأمل حصد نسبة معقولة وليست كبيرة لا تزعج الحكومة؛ بحيث يكون مشاركًا وليس مغالبًا كما تزعم قاداته!

غير أن خطاب الدعوة السلفية وحزب النور - القديم والجديد والآتي - يؤكد أن الدعوة والحزب لا يزالان عند معتقداتهما الثابتة، ولم يتغيرا قيد أنملة عنها، ولا يزالان على طريق العداء مع جُل المجتمع المصري، والشواهد عديدة والصور كفيلة بالتوضيح:

- اعتراف رئيس حزب النور يوسف مخيون، في حوار له قبل عدة أيام مع وكالة الأنباء الألمانية، بترشيح الحزب عددًا من أعضاء الحزب الوطني المنحل على قوائمه بدعوى عدم تلوث أيديهم بالمال الفاسد أو الدماء، يؤكد انتهازية الحزب السياسية واستعداده للتحالف مع الشيطان من أجل المصالح.

- دفاع مخيون في ذلك الحوار، عن تصريح أحد قيادات الدعوة السلفية بأن ترشح الأقباط على قوائم الحزب جاء "لدرء المفاسد"، وقوله: لولا اشتراط القانون وجود نسبة معينة منهم على القوائم لما قام أي حزب بترشيحهم، هذا القول وذلك التصريح يؤكدان أن الفكر السلفي هو العقيدة الثابتة لحزب النور، مهما زعم أعضاؤه غير ذلك.

- غموض مصادر تمويل حزب النور الداخلية والخارجية، وإسراف إنفاقه على حملاته الانتخابية يثير العديد من التساؤلات حولها، ولا ندري أين اللجنة العليا للانتخابات من المخالفات والخروقات التي ترتكبها كل الأحزاب ومعظم المرشحين إزاء الدعاية الانتخابية!.. ومراقبة الإسراف المالي الجلي الجاري في المرحلة الأولى، فما بالنا في المرحلة الثانية!

- مواصلة أعضاء حزب النور دعايتهم الطائفية من منابر بعض المساجد والمنشورات تحت زعم تطبيق الشريعة الإسلامية ومهاجمة الأحزاب الأخرى، يعني التلاحم بين الدعوة السلفية وحزبها.

وفي النهاية، ننقل عن الدكتور هشام بشير أستاذ العلوم السياسية بجامعة بني سويف وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية، رؤيته - في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية - أن الدولة وحزب النور في الوقت الراهن في هدنة قد تكون قصيرة أو طويلة، حسب مواقف الحزب المستقبلية.. فإذا استمرت مواقف الحزب في إطار دعم النظام، فإن مدة بقاء شرعيته ستطول والعكس صحيح.

غير أننا نعتقد أن الدعاوى المُقامة أمام القضاء، التي سينظرها في المستقبل القريب، المُطالبة بحل حزب النور وكل الأحزاب الدينية، قد تُغير الأوضاع في الدولة وعلى المسرح السياسي المصري وخاصة مجلس النواب.
الجريدة الرسمية