رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

التكفير الجوال


اسمه التكفير الجوال لأنه يتجول ويرحل من مكان لمكان ومن زمان لزمان، ودائما يصيب صاحبه، كيف هذا؟! خذ عندك، شيخنا الجليل الراحل محمد متولي الشعراوي كان قد دخل في صراع عقائدي مع الراحلين الكبار توفيق الحكيم وزكي نجيب محمود ويوسف إدريس على خلفية عدة مقالات كان الحكيم قد كتبها في جريدة الأهرام، مقالات الحكيم كانت من وحي خياله حيث تحركت حاسة الأديب عنده وجعلته يتخيل حوارا دار بينه وبين الله رب العالمين، ولم يكن هذا الأمر معتادا في الأدب العربي، وإن كان معروفا في الآداب الغربية.


وكان الحكيم في حواره له نظرات فلسفية عميقة ولكن الدنيا قامت ولم تقعد، وبدأ عدد من الشيوخ في تكفير الحكيم، وفورا دخل الراحل الجليل الشيخ الشعراوي في خط التكفير واتهم الحكيم ومعه زكي نجيب ويوسف إدريس بالكفر، وأنه مستعد للدخول في مناظرة معهم لكشف كفرهم، وأوقفت الأهرام مقالات الحكيم، ولكن التكفير الجوال تحرك من مكانه ليصيب الشيخ الشعراوي، إذ قال الشعراوي في البرلمان المصري ذات مرة إن الأمر لو كان بيده لقال إن السادات لا يُسأل عما يفعل، وهذه مقاربة مع الآية الكريمة عن الله سبحانه (لا يُسأل عما يفعل وهم يسألون) فما كان من بعض المشايخ إلا أن كفروا الشعراوي بسبب هذا القول.

لم يكن الشعراوي وحده، ولكن الشيخ الراحل عبد الصبور شاهين اتهم الكاتب الكبير الراحل نصر حامد أبو زيد بالكفر على خلفية أبحاث كتبها أبو زيد دار معظمها حول أنسنة النص المقدس من حيث الفهم، فالنص الإلهي مقدس لا شك في ذلك ولكن هذا النص يتحول إلى نص إنساني من حيث فهم الناس له، وكلنا يعرف الذي حدث لنصر أبو زيد، وتدور الأيام ويكتب عبد الصبور شاهين كتابا اسمه "أبي آدم" يقول فيه إن آدم ليس هو أول البشر وإنه مولود من أم وأب، فقامت الدنيا على الشيخ واتهمه أهل السلف والخلف بالكفر!

ومع الكاتب الراحل جلال كشك كانت رحلة تكفير أخرى، حيث قام هو الآخر بتكفير نصر حامد أبو زيد، فإذا بكشك يكتب كتابا عنوانه (خواطر مسلم في المسألة الجنسية) يقول فيه إنه يباح لأهل الجنة إتيان "الولدان المخلدين" من أدبارهم، أي أن الشذوذ مباح لهم في الجنة وأن "الولدان المخلدين" قد خلقهم الله لهذه المهمة، فقامت جمهرة كبيرة من الشيوخ والعلماء بتكفير جلال كشك!

أما الأغرب فهو سيد قطب ذات نفسه، فقطب قام بتكفير العالم كله، بمسلميه وغير مسلميه، ثم دارت الأيام وقرأ العلماء تفسير سيد قطب عن مسخ الله بعض اليهود إلى قردة وخنازير، فإذا بقطب يقول في تفسيره إن مسألة المسخ هذه مجرد أساطير لا أصل لها! فقام علماء المملكة السعودية بتكفير قطب الذي كفر الدنيا! وكما تدين تدان.
Advertisements
الجريدة الرسمية