رئيس التحرير
عصام كامل

النتائج الاجتماعية للربيع المزعوم..بعد مضي خمسة أعوام!


أوشك العام الخامس على الانقضاء، منذ انطلقت ثورة الياسمين في تونس، وأعقبتها ثورة يناير في مصر، ثم انتقلت العدوى الثورية إلى بلدان أخرى مثل ليبيا واليمن والبحرين وسورية، وفى هذه الأثناء خرجت علينا أبواق الإعلام التي يسيطر عليها ويرسم سياساتها اللوبى الصهيونى العالمى، ليطلق عليها زورا وبهتانا مصطلح الربيع العربي، بوصفها ثورات شعبية تهدف إلى تحرير الإنسان العربي من ديكتاتورية الأنظمة الحاكمة من أجل تحقيق رفاهيته الاجتماعية والاقتصادية وحريته السياسية، فتبلور شعار العيش والحرية والعدالة الاجتماعية، كرمز لهذه الثورات ولهذا الربيع المزعوم، وكان السؤال الرئيسي هل بالفعل ما حدث يشكل ثورة فعلية؟! وكانت الإجابة القاطعة لدينا بعد البحث والدراسة أن ما حدث في تونس ومصر هي ثورات حقيقية سرقتها جماعات الإسلام السياسي بدعم من الصهيونية العالمية، وما حدث في اليمن والبحرين ثورات قام اللوبي الصهيونى بمحاولة إيهامنا بأنها صراعات طائفية، أما ما حدث في ليبيا وسورية فهى مؤامرة لتدميرهما من قبل النظام الرأسمالى العالمى الذي يسيطر عليه اللوبي الصهيونى.


وإذا كان هذا هو توصيفنا للربيع العربي المزعوم، فلابد من رصد النتائج الاجتماعية التي انتهت إليه بعد اقترابنا من نهاية العام الخامس على انطلاق شرارته الأولى وبالطبع سنبدأ بتونس التي شهدت خلال الأعوام الخمس الماضية تدهور أكثر في الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للغالبية العظمى من سكانه، تحت حكم قوى الإسلام السياسي التي مارست ديكتاتوريتها الدينية بدلا من ديكتاتورية زين العابدين بن على الذي قامت عليه ثورة الياسمين، وعندما خرج التوانسة على قوى الإسلام السياسي عبر صناديق الانتخابات، كانت عودة إلى نظام بن على مرة أخرى، وبذلك تكون النتيجة الفعلية عدم تحقق شيء على المستوى الاجتماعى والاقتصادى والسياسي، ولم تتحقق مطالب الثورة في العيش والحرية والعدالة الاجتماعية.

وفى مصر كانت النتائج أكثر مأساوية حيث قامت الثورة على مبارك وعصابته ونسبة من يعيشون تحت خط الفقر لا تتجاوز 41% ارتفعت الآن لتصل إلى 45% هذا بخلاف 25% يعيشون في حزام الفقر، فبعد الإطاحة بمبارك من سدة الحكم، جاء المجلس العسكري ولم يتمكن من تقديم أي شيء للمواطن البسيط، ثم جاء الإخوان المسلمين وتدهورت أحوال المصريين في عهدهم أكثر فأكثر، مما اضطر المصريين للخروج عليهم بعد عام واحد فقط، أملا في تغيير حقيقي ينعكس على أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية، وبدلا من أن يأتى نظام جديد بعد ثورتهم الثانية عاد نظام مبارك من جديد ليتبوأ مقاعده في الحكومة، وفى مجلس النواب القادم بعد فرض هيمنته وسيطرته على الاقتصاد والإعلام، وبذلك تكون النتيجة الفعلية عدم تحقق شيء على المستوى الاجتماعى والاقتصادى والسياسي بل تدهورت أحوال معيشة المصريين بشكل أكبر مما قامت بسببه ثورتى يناير ويونيو، وتظل مطالبهم في العيش والحرية والعدالة الاجتماعية أحلام بعيدة المنال.

أما في ليبيا التي كان يعيش أهلها في رغد من العيش تحت حكم القذافى، فقد جاءت طائرات الناتو لتدمر آمن واستقرار الوطن وتشرد أبناءه وتحول ليبيا إلى ساحة للقتال بين الميليشيات المسلحة وتلوح في الأفق بوادر تقسيم تسعى من أجله القوى الإمبريالية العالمية، وعلى رأسها القوى الصهيونية، وبالتالى النتائج الاجتماعية هي تدهور تام على المستويات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.

أما اليمن فقد قامت الثورة على نظام على عبد الله صالح، بهدف تحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، فكانت النتيجة دخول اليمن إلى نفق مظلم وحرب أهلية بجوار حرب خارجية من قبل القوى الإمبريالية العالمية وحلفائها بدول الخليج، ويحاولون أن يحولوا الصراع الداخلي لحرب طائفية بهدف تفتيت وتقسيم اليمن، والنتيجة الفعلية هي عدم تحقق شيء لا عيش ولا حرية ولا عدالة اجتماعية بل شبح الموت جوعا يحيط بالغالبية العظمى من السكان.

ونأتى أخيرا إلى سورية التي كان يعيش أهلها قبل المؤامرة عليها تحت شعار الثورة والربيع العربي المزعوم في بحبوحة من العيش، فلم يكن عليها ولا دولار دين خارجى، وكان أهلها يأكلون مما يزرعون ويفيض ويصدر الفائض، ويلبسون مما يصنعون ويفيض أيضا ويصدر الفائض، والنتيجة الآن دخول سورية شعبا وجيشا وقائدا معركة شرسة مع الامبريالية العالمية بقيادة الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين وذيولها وكيانها الصهيونى والجماعات الإرهابية التكفيرية التي دفعت الكثيرين للفرار وترك بيوتهم الآمنة، وتشريد الملايين، والنتيجة الفعلية تدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لشعب كان يعيش في أفضل حالاته قبل بدء الربيع المزعوم.

ومن هنا يمكن القول إن الربيع العربي المزعوم نتائجه الاجتماعية لم تأت في صالح الشعوب، بل يمكن القول وبراحة ضمير إن الوطن العربي قد دخل في محنة لن يخرج منها على المدى القريب، وبذلك تحققت جزء من المؤامرة التي قادتها الإمبراطورية الأمريكية الفاجرة وكيانها الصهيونى، فالربيع هو ربيع عبرى بامتياز فلم نعد نسمع شيئا عن القضية الفلسطينية حيث انشغل كل بلد عربي بمشاكله الداخلية، في الوقت الذي يتم فيه تهويد القدس وهدم المسجد الأقصى وقتل شعبنا العربي الفلسطينى بدم بارد، وإن لم يفق العرب سريعا ويدخلوا في وحدة عربية لمكافحة الإرهاب وإجهاض المشروع الصهيوأمريكى فلا تنتظر الشعوب إلا مزيدا من الفقر والجهل والمرض، اللهم بلغت اللهم فاشهد.
الجريدة الرسمية