رئيس التحرير
عصام كامل

أنور السادات: الحرب ليست خناقة في خمارة!


لم تكن حرب 73 وليدة عدة أيام أو أشهر، لكنها كانت نتاج ست سنوات كاملة عاشتها القوات المسلحة في سباق مع الزمن؛ للوصول إلى ساعة الصفر التي كانت الثانية ظهرا في السادس من أكتوبر العاشر من رمضان، من هنا لابد أن ندرك أن قواتنا منذ أول أيام نكسة 67 أدركت أن الاستعداد لتطهير سيناء من العدو لابد من البذل والعرق، وتاريخ أبطالنا مملوء بالبطولات المذهلة والخارقة سيسجلها التاريخ العسكري في العالم وليس التاريخ المصرى فقط.


بعد 3 أسابيع من نكسة يونية حاول الصهاينة دخول بورسعيد عن طريق بورفؤاد، ففى صباح الأول من يوليو 1967 تقدمت قوة مدرعة إسرائيلية من القنطرة شرق في اتجاه الشمال بغرض الوصول إلى بورفؤاد المواجهة لمدينة بورسعيد على الجانب الآخر للقناة، كان الهدف احتلال بور فؤاد، وكانت المنطقة الوحيدة في سيناء التي لم تحتلها إسرائيل أثناء حرب يونيو 1967، وعندما وصلت القوات الإسرائيلية إلى منطقة رأس العش جنوب بورفؤاد، وجدت قوة مصرية محدودة من قوات الصاعقة عددها 30 مقاتلا، في حين كانت قوة العدو الصهيونى تتكون من عشر دبابات مدعمة بقوة مشاة ميكانيكية في عربات نصف مجنزرة، وحين هاجمت قوات الاحتلال قوة الصاعقة المصرية تصدت لها الأخيرة، وتشبثت بمواقعها بصلابة، وأمكنها تدمير ثلاث دبابات معادية. فوجئت القوة الإسرائيلية بالمقاومة العنيفة للقوات المصرية التي أنزلت بها خسائر كبيرة في المعدات والأفراد أجبرتها على التراجع جنوبا.

عاود جيش الاحتلال الهجوم مرة أخرى، إلا أنه فشل، وكانت النتيجة تدمير بعض العربات نصف المجنزرة وزيادة خسائر الأفراد، اضطر للانسحاب، بعد الهزيمة التي تعرض لها جيش الاحتلال الإسرائيلي لم تحاول إسرائيل بعد ذلك محاولة احتلال بور فؤاد مرة أخرى، وظلت في أيدي القوات المصرية حتى قيام حرب أكتوبر 1973، وتعرف هذه المعركة بـ"معركة رأس العش".
الدماء لم تجف من جراحنا في يونيو، لكن تأتى الأنباء أن الكيان الصهيونى جمع الذخيرة والأسلحة التي تركتها القوات المسلحة في سيناء في صناديقها، وسيتم نقلها إلى تل أبيب، فقررت القيادة تكليف المقدم إبراهيم الرفاعى وأربعة من أفراد الصاعقة بالعبور، والتعامل مع هذا القطار أو أكثر ومنعه من الوصول إلى تل أبيب، واستطاع هؤلاء الأبطال تفجير القطار المحمل بما يقرب من مليون صندوق مليئة بالأسلحة والذخيرة، لم تفتح وكانت كفيلة بتسليح جيش بأكمله، ويذكر هنا البطل سمير نوح أحد أبطال الفرقة 39 صاعقة، أن النيران واللهب ظلت ثلاثة أيام كاملة؛ لدرجة أن ألسنة اللهب كانت ترى ربما في جميع أنحاء سيناء بل تجاوزتها، وذلك في الرابع من يوليو 67.

وفى 13من نوفمبر 67 كلفت القيادة المصرية النقيب محمد غلوش بالعبور، ومحاولة إحضار أحد الصواريخ الأمريكية لدراستها ومحاولة التعامل معها، وكانت المفاجأة عودة البطل غلوش بثلاثة صواريخ مما أذهل السوفييت، وبالفعل تم إعداد النظام الذي يبطل خطورتها على قواتنا، وظهر ذلك في حرب أكتوبر، عندما فوجئ العدو بأنه تحول إلى قطعة حديد لاتؤثر مطلقا.

أما تدمير المدمرة إيلات الذي أذهل كل خبراء العسكرية في العالم، فكان هناك بطولة أخرى في هذه العملية دون أن تعلن، فقد تم تكليف صاعقة البحرية بإحضار أجزاء وأجهزة من المدمرة، ولمدة خمسة أيام ورجالنا ينقلون أجهزة وأجزاء من قاع المدمرة إلى القيادة لدراستها ودون إعلان أو علم أحد.

ولا ننسى عملية الثآر من استشهاد الفريق عبدالمنعم رياض، عندما كلف الرئيس عبدالناصر اللواء محمد أحمد صادق قائد الصاعقة بأنه يريد ثأر عبدالمنعم رياض، فكلف الاسطورة إبراهيم الرفاعى الذي قاد عددا من رجاله وقام باقتحام الموقع المواجه للمكان الذي استشهد فيه الفريق رياض، وتم تدميره بالكامل وقتل مايقرب من مائة صهيونى وأسر عدد من الصهاينة ورفع علم مصر على الموقع.

المؤكد أن هذه البطولات الفذة التي لو قدمت للسينما لقيل إنها خيال، ولكنها مقولة الرئيس محمد أنور السادات صاحب قرار الحرب والانتصار:"الحرب ليست خناقة في خمارة". 
وعبرنا الهزيمة يا مصر يا عظيمة...وتحيا مصر.
الجريدة الرسمية