رئيس التحرير
عصام كامل

نقيب الخطاطين: والد السيسي «صديق عمري» وأهداني «طقم أرابيسك» بعد شرائي مكتب «المشير»

فيتو

  • زكريا عزمي قابلني وقال لي: "مبروك الريس اختارك"
  • تعاملت مع جمال عبدالناصر كضابط ومجند في الجيش فقط
  • الرئيس معروف بالتزامه منذ الطفولة.. و"طول عمره من البيت للجامع".. وميراثه من والده 30 مليون جنيه
  • أنفق على النقابة 11 ألف جنيه شهريًا من "جيبي الخاص"
  • رفضت تكرار تجربة الترشح للانتخابات 
  • الخط العربى ضحية التكنولوجيا الحديثة
  • التربية والتعليم متهم رئيسي في "إهدار قيمة الخط العربى" 
الخطاط مسعد خضير البورسعيدي، ابن منطقة الجمالية بمحافظة القاهرة... عندما تسأله عن نفسه يقول "أعمل في مجال الخط العربي منذ 65 عامًا، منذ أن كان عمري 8 سنوات فقط، فأرفض العمل التجاري جملة وتفصيلا، وأرسم الخط واللوحات لوجه الفن والإبداع فقط، فمجموع لوحاتي يصل إلى 10 آلاف لوحة".


"البورسعيدى" الذي التقته "فيتو" قال زاولت العمل التجاري لفترة زمنية لكني اعتزلته؛ لأنه شكل ضغطا كبيرا على فكري ورأسي الذي أحاول تفريغه وتكريسه للفن فقط، إلا أن العمل التجاري كان يمنعني من ذلك، فالعمل الفني يحتاج مني تفرغا تاما لأفكر فيما ستصنعه يداي للجمهور الذي يشاهد لوحاتي في معارضي".

ومع تزامن الانتخابات البرلمانية، لطالما ارتبط الناخب بالخطاط عن طريق الدعايا واللافتات التي تغطي الشوارع، فلم يكن لنا أفضل من نقيب الخطاطين لنحاوره حول علاقته بالانتخابات البرلمانية، ومعايشته لها.
ودار الحوار على النحو التالي:


* بداية.. ما هي الأساسيات التي تراعيها في رسم لوحاتك وتشكيل معارضك؟
أراعي دائمًا فكرة التميز، فقد كنت أعمل كخطاط في التليفزيون المصري ضمن فريق كبير من الخطاطين، إلا أن تمعنى وتفكيري في التميز هو ما جعل من عملي لوحة فريدة من نوعها.
أما المعارض فأراعي أن تكون أعمالها متنوعة، حتى يجد الفنان ما يستهويه ويعجبه من اللوحات، وليعلم الدارس للخط العربي مدى إتقاني وعلمى وإلمامي بفنون العمل.
وأراعي أيضًا الجمهور البسيط الذي يجب أن يجد في المعرض ما يشبهه من لوحات بسيطة غير معقدة، تستطيع أن تجذب قلبه وعينيه.

* هل يمكن القول إن رئاسة نقابة الخطاطين شكلت عبئًا على كاهلك؟
بالطبع.. النقابة عملت بشكل كبير على سحب وقتي تجاهها، إضافة إلى المجهود والمال الذي أنفقه للنهوض بها، فيبلغ مقدار ما أنفقه عليها سنويًا 11 ألف جنيه، لأنه لا يمكنني أن اقترب أو أنفق من أموال الأعضاء المشتركين في النقابة، لأن جميع أموالهم ستتحول إلى معاشات لهم، لذا اضطر للإنفاق من جيبي الخاص.

* مع دخول موسم الترشح للانتخابات.. كيف كنت تستعد في شبابك لهذا الموسم؟
الانتخابات تعتبر موسم عمل كبيرًا للخطاطين، إضافة إلى أن القماش يعمل على تمرين يد الخطاط على الكتابة وإتقان فنون الخط والتحكم فيه، إلا أن هذا كان منذ وقت طويل، وقد عملت لأول مرة في موسم الانتخابات في سن صغير للغاية، فكنت طفلًا صغيرًا في سن الثامنة وسط مجموعة كبيرة من الخطاطين المتمكنين، لذا كان لابد لي من ابتكار فكرة ما لجذب المرشح تجاهي، فأتيت بقماش طوله 30 متر وقسمته لثلاث لافتات، وكتبت على الأولى بخط كبير "انتخبوا" تليها جملة "خضير الخطاط لكتابة لافتاتكم الانتخابية" بخط صغير، وعملت الفكرة وسرعة البديهة على جذب المرشحين فعلا، لأجد الكثيرين يطلبون مني كتابة لافتات الدعاية الخاصة بهم.

* هل تذكر موقفًا معينًا مع المرشحين؟
أذكر موقفًا مع أكبر برلماني في بورسعيد في أواخر الخمسينات، كان يدعى حسن حمزة، وكانت شهرتي في الخط بلغت نواحي بورسعيد جميعها رغم صغر سني، فجاء إلى "المحل" ليسأل عن خضير الخطاط فقلت له "نعم"، فقال أريد خضير الخطاط، فقلت له "أؤمرني.. نعم"، فضربني على وجهي وأعتقد أني أمازحه، وكانت في الشارع مقهى صغيرة لأشخاص من الصعيد، فقاموا على ذلك المرشح وضربوه عندما شاهدوه يعتدي على، وانتهى الموقف في قسم الشرطة، حين عرف أني خضير الخطاط ولم أكن أمزح معه، فاعتذر لي عن سوء فهمه واعتدائه على، فقد كان صغر سني سببًا في كثير من المشاكل التي حدثت معي.

* كان لك تجربة مع الترشح للانتخابات.. فلماذا لم تعد الكرة مرة أخرى؟
لأني أستطيع خدمة أبناء الحي دون الترشح لمقعد البرلمان، وهو مقعد أقل من قدري، وهو ما أصر عليه دائمًا، فقد ترشحت مرة واحدة قبل ذلك بمباركة جميع أبناء الحي إلا أني فوجئت بعدها بعدم فوزي ووجدت أن عملية التصويت وفتح الصناديق لا تمتثل للضوابط والقيم، وفيها العديد من الألاعيب، لذا لم أعد الكرة مرة أخرى وفضلت أن أكون من أبناء الحي وإليهم فقط.

* هل تعتقد أن اللافتة عنصر مهم في نجاح الدعاية الانتخابية؟
كان ذلك في السابق قبل ظهور التكنولوجيا، فقد كانت اللافتات قديمًا عنصرًا أساسيًا لا بديل له، إلا أني أفضل أن يعزف المرشح عن الدعاية واللافتات، وأن يصنع بثمنها شيئًا ذا قيمة حقيقية لأبناء الحي الذي ينتمي إليه، الأمر الذي سيعمل على شهرته أكثر من اللافتات.

* هل ترى أن التكنولوجيا الحديثة أثرت في مسار عمل الخطاط في موسم الانتخابات؟
بالتأكيد... أثرت في الخطاط ككل، وليس في موسم الانتخابات فقط، فنحن نعاني الآن من تلوث بصري في الشوارع، من اللافتات التي تفتقد الحس الجمالي الراقي، ففيما مضى كانت لافتة الطبيب لابد أن يكون لونها أبيض والكتابة بالأسود، والمحامي تكون لافتته سوداء وخطها بالأبيض، تبعًا لزي كلًا منهما، أما الآن فتجد مزيجًا من الألوان والرسومات والأشكال التي تفقد الحس الجمالي والبهاء.

باختصار.. يمكن القول إن التكنولوجيا قضت على الخطاطين، فأصبح الخطاط لا يظهر إلا في موسم الانتخابات، ولا يعتبروا خطاطين من الطراز الأول، فمعظمهم هواة أو طلاب يريدون التعلم والتمرين فقط، ولا ينظرون إلى العائد المادي، لأن اللافتة الانتخابية الآن تباع بـ 3 جنيهات فقط.

* ماذا عن الخط العربي... هل ترى أن آثار التكنولوجيا امتدت إليه هو الآخر؟
ليست التكنولوجيا وحدها، وإنما المدارس والتعليم هما العامل الأولى في التقليل من شأن الخط وإهماله، فلا تقبل وزارة التربية والتعليم بتعيين أو تثبييت مدرس الخط العربي، بحجة أنه غير تربوي -هذا إن وجد من الأساس- ولكني أنتظر مقابلة الرئيس عبد الفتاح السيسي قريبًا لمناقشة هذا الأمر معه لإيجاد حلول سريعة.

* بالحديث عن الرئيس.. هو من أبناء حي الجمالية.. فهل ربطتك علاقة أو معرفة قبل توليه للرئاسة؟
بالتأكيد، كنت أعرفه تمام المعرفة، وكان والده صديقي المقرب يجالسني طيلة الليل والنهار، وكان يعمل في الأرابيسك، وأهداني طاقم الكراسي الموجود الآن في معرضي عقب شرائي مكتب الراحل عبدالحكيم عامر في أحد المزادات، وكان يشتهر باسم "حسن أرابيسك"، على الرغم من أن اسمه الحقيقي "سعيد"، وكان محبًا لفنون الخط العربي، وترك وراءه ثروة كبيرة لأبنائه، فقد ورث السيسي 30 مليون جنيه، تبرع بنصفها لصندوق تحيا مصر مؤخرًا، وورث أخوه محمود 30 مليونًا أخرى، فقد كان والدهم ثريًا جدًا.

* ما هي الصفات التي كنت تراها عليه.. وما طبيعة شخصيته عن قرب قبل الرئاسة والدخول للجيش؟
كان من المعروف عنه في المنطقة أنه مسالم جدًا، ومتدين، فكان والده يحضر له الشيوخ لحفظ القرآن، الذي أتم حفظه بالفعل، ولم يكن كباقي الشباب يميل إلى الصخب، وإنما عرف دائمًا باستقامته، فكانت تحركاته ما بين المنزل والمسجد، إلى أن التحق بالجيش.

* هل ربطتك دائمًا علاقات واسعة مع الرؤساء.. وإن كان كيف كانت علاقتك معهم؟
تعاملت معهم جميعًا بداية من عبد الناصر وحتى الرئيس عبد الفتاح السيسي، فتعاملت مع جمال عبدالناصر كضابط ومجند في الجيش فقط، ولم تربطنى به علاقات ودية أو عمل، وتعاملت مع أنور السادات على الصعيدين، حيث قابلته أثناء خدمتي العسكرية في الجيش وتعاملت معه بعد ذلك في مجال عملي كخطاط.

* وهل جمعتك مواقف شخصية مع الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك؟
قابلته للمرة الأولى، عندما تم استدعائى ذات مرة من عملي بالتليفزيون إلى مقر الرئاسة في عابدين، أذكر أن زكريا عزمي قابلني وقال لي: "مبروك الريس اختارك"، فتعجبت ومازحته قائلا: "طب وهتعملوا إيه في رئيس الوزراء لما يرجع من رحلة علاجه"، فضحك وقال لي "أنت مفكر أنه اختارك رئيس وزراء".

وعندما دخلت على مبارك، استقبلني استقبالا حسنًا ومتواضعًا، وسألني كيف أكون بهذه الشهرة وأنا في سن صغيرة رغم أنه يسمع عن لوحاتي منذ أمد بعيد ويراها منذ صغره، فقلت له إنني أعمل في الخط العربي منذ نعومة أظافري، ولاحظت خلال مقابلتي له أنه يتمتع بحس فكاهي عالٍ.
وطلب مني وقتها أن أقوم بكتابة دعوة حفل زفاف نجله علاء مبارك، فذهبت إلى المنزل سريعًا وجلبت أدوات العمل وعدت إلى مقر الرئاسة وانتهيت من إعداد الدعوة هناك، دون الخروج منه، وقد عرض على مكافأة مالية عقب انتهائي من إعدادها إلا أنني رفضت رفضًا تامًا، المعروف عني أنني لا أتقاضى أجرًا مقابل أعمالي؛ لأني لا أحب العمل التجاري.
الجريدة الرسمية