رئيس التحرير
عصام كامل

زوبعة في فنجان!


عندما تدعي جماعة الإخوان ومن يسير في مكانها من الأحزاب الدينية، أن رئيس جامعة القاهرة الدكتور جابر نصار منع المنتقبات من التدريس في الجامعة، ونتباكى على الإسلام الضائع في مصر، فهو أمر متوقع من جماعة اعتادت الكذب وتزييف الحقائق، ويدخل في إطار التشويه المتعمد لما يجرى في مصر من إصلاح ما أفسدته الجماعة.


والحقيقة أن رئيس جامعة القاهرة، لم يمنع المنتقبات من التدريس في الجامعة، ولكنه حظر ارتداء عضوات هيئة التدريس والهيئة المعاونة إلقاء المحاضرات وهن منتقبات، وخيرهن في حالة الإصرار على النقاب تدريس تخصصات لا تتطلب التواصل مع الطلاب ولا تتعارض مع حسن أداء العملية التعليمية، وأكد رئيس الجامعة أكثر من مرة في حوارات صحفية وتليفزيونية، أن كل مادة تدرس تتضمن أكثر من منهج بعضها يتطلب التواصل مع الطلاب، ومناهج لا تحتاج بالضرورة هذا التواصل، وحرص رئيس الجامعة على مناقشة الأمر مع أعضاء هيئات التدريس المنتقبات.. ولم يعترض على القرار.. وتفهم دوافعه.. وبدأت بالفعل خلع النقاب أثناء إلقاء المحاضرات والعودة إليه عقب انتهاء المحاضرة، وبالتالي ليس هناك تدخل في الحريات الشخصية ولا حجر على أعضاء هيئات التدريس.. إنما تنظيم يحقق حسن أداء العملية التعليمية.. ويدخل في إطار مسئوليات رئىس الجامعة، وحرص على حق الطلاب في رؤية وجه من تشرح لهم؛ حتى يحدث تواصل فيما بينهم، ولا يكون الشرح من وراء ستار - على حد كلام الدكتور نصار.

ولكن المثير تجاهل بعض المثقفين والإعلاميين لما وضحه رئيس الجامعة، والتعامل مع القرار على أنه منع للمنتقبات من التدريس في الجامعة.. وهو المانشيت الذي تبارت الصحف لنشره بالاستعانة بمعارضي القرار من أساتذة الجامعات؛ للتعبير عن رفضهم واحتجاجهم على إقراره.

ولم يتوقف الهجوم على قرار رئيس الجامعة على معارضيه ومنافسيه داخل أروقتها، إنما امتد ليشمل فئات عديدة من بينها مرشحون لمجلس النواب القادم، وجدوا في القرار فرصة لمغازلة جماعات الإسلام السياسي.. التي يعجزون عن التعامل العلني معها، وإنما من خلال الدفاع عن الإسلام الذي يعتبر النقاب أحد رموزه، متجاهلين أن أغلب علماء الدين أعلنوا أن النقاب عادة لا عبادة.

كما تجاهلوا توجيهات رئيس الجامعة بأن النقاب لم يمنع من جامعة القاهرة، والقرار واضح وصريح، ولكن الغرض مرض كما يقولون، وطالما أن الحصول على أصوات الإسلاميين يتطلب إدانة القرار فلا مانع من استغلال الموقف ومواصلة الهجوم على رئيس الجامعة.

كما شارك عدد من الإعلاميين في رفض القرار، بحجة أنه سيتم استغلاله من جانب جماعات الإسلام السياسي ويقدم لإسلام تستخدمه في الهجوم على مصر، وكأن تلك الجماعات في حاجة إلى مبرر لمواصلة هجومها المحموم منذ إزاحة الجماعة عن الحكم.

وأشار بعض الإعلاميين الذين ساروا في اتجاه الهجوم على قرار رئيس جامعة القاهرة، إلى أن حزب النور السلفي سيستغل القرار في دعائية الانتخابات لكسب أصوات البسطاء، ومثل تلك الفزاعات لا مبرر لها على الإطلاق، ولو أن المسئولين تراجعوا عن اتخاذ قرارات مصيرية تتعلق بالإصلاح؛ خوفا من أن تستغل من جانب تيار الإسلام السياسي فلن يتحقق إصلاح على أرض مصر، وإلا كيف سنواجه رفض التيار السلفي لإصلاح الخطاب الديني الذي تعارضه الجماعات السلفية وفي مقدمتها حزب النور.

المفترض أن نكشف حجم الزيف الذي يتضمنه الخطاب السلفي، ونحول دون إنجاح خطته في ابتزاز الدولة وإجبارها على التراجع عن قرارات جادة، تساعد على تصحيح الأوضاع الخاطئة التي تتعارض مع مسيرتها المدنية.

تحية واجبة لرئيس جامعة القاهرة.. وما أثير حول قراره مجرد زوبعة في فنجان.
الجريدة الرسمية