رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

مصر تهزم نفسها!


من الواضح أننا دخلنا وبعمق مرحلة الخطر الذي لا يصلح معه ضجيج الطبل الأجوف وجلجلة صاجات الرقص التي تلهى لفترة وجيزة ثم ما تلبث أن تتلاشى وتختفى تماما لتترك لنا الواقع كما هو دون تزييف، لن تجدى في تلك الحالة الخطر من تاريخ مصر أصوات نفاق وتغييب صادرة من علب الليل اليومية المسماة ببرامج التوك شو حتى إن كان صانعوها ومقدموها شديدى التمرس والحرفية في النفاق والقبح والتغطية على المصائب وتلوينها أو حتى خلق كوارث أخلاقية تصرف النظر عن واقعنا الأسود كما في حالة ممثلة الدرجة الثالثة التي تحب البورنو أو الأفلام الإباحية وتدعو الشباب كقدوة لهم بمشاهدتها!


فالواقع الأشد إباحية، هو الاقتصاد المتدهور والذي شارف على الانزلاق بنا جميعا حكامًا ومحكومين إلى هاوية لا نعلم لها نتيجة محددة واحدة ويقينية سوى الوقوع في فوضى حذرنا منها كثيرا تتجاوز في خطورتها الإرهاب الذي نبدد كل طاقتنا في الحديث عنه ولا ترى الدولة عدوا سواه !

الواقع أن الفساد أخطر والتدهور الاقتصادى أشد خطورة من كليهما وإن كان الاثنان مترابطين فلا يوجد تدهور اقتصادى دون فساد صريح أو مستتر أو تحت حماية ووصاية ولا يمكن وصولنا لتلك المرحلة من السوء في إدارة مواردنا دون وجود سياسات فاسدة متوارثة منذ عقود لكن لم يقترب أحد منها ولم تمتد يد لتحجمها ومن أبسط أمثالها الضريبة التصاعدية المسكوت عنها والتي يمكن أن تسهم بشكل سريع جدا وفعال في حل أزمة ضعف موارد الدولة.. هذا إن كانت الانحيازات لصالح الشعب ولصالح الفئة الأكثر فقرا فيه وليس لصالح مجتمع رجال الأعمال والمستثمرين الذين خربوا البلد ونهبوا موارده وكل ما حدث لهم هو تهديدهم بفتح ملفات فسادهم..

قالها رئيس الوزراء السابق محلب وهو ما زال حيا يرزق ولكنه لم يفتح ملفات وذهب إلى الظل مكتفيا بكلام أجوف لم يحقق منه كلمة واحدة ولم يحاسبه أحد على كلامه الذي يدلل على وجود فساد مستتر ومسكوت عنه!

الحل في تدبير موارد عاجلة لدولة انخفض الاحتياطى النقدى لها من الدولارات بواقع 1.7 مليار دولار فى شهرين فقط، هو اتخاذ قرارات عاجلة تحجم من نهب مافيا استيراد السلع المستفزة وغير الضرورية لما تبقى من مقدرات وطن منهوب ومعلوم من نهبه، لا يمكن أن يكون الحل في فرض ضريبة القيمة المضافة والتي سيتم تحميلها بشكل متضاعف على الفقراء الذين تضحى بهم الدولة لصالح التجار والمستوردين ويتربح من فقرهم وبؤسهم رجال النهب المسمون خطئًا برجال الأعمال!

الحل في فرض ضريبة أرباح استثمارية على المضاربين بأقوات المصريين في البورصة ، الحل في التحول سريعا للاقتصاد الإنتاجى وليس الريعى الذي حول مصر لشركة استيراد فاسدة تضيع مواردها على الهواتف المحمولة وباقات الإنترنت على المحمول وخلافه، الحل في مشروعات صغيرة زراعية وصناعية في كل المدن والمراكز الريفيه مع وقف تام للاستيراد إلا في حالات الضرورة كالأدوية وأدوات الإنتاج، الحل في التخلى عن المشروعات العملاقة التي تستنزف مواردنا ولا يظهر لها مردود سوى بعد عشرات السنين والتي لا تصلح لدولة تعيش على المعونات والغلاء يعربد في طرقاتها ويجوع شعبها.

الحل في تخفيض رواتب الكبار وتطبيق قانون موحد للأجور على كل موظفى الدولة حتى تذوب تدريجيا الفوارق الهائلة بين الطبقات في الدخل وتنخفض القيمة الشرائية عند الجميع فتعود الأسعار لطبيعتها، الحل في فرض تسعيرة جبرية تلزم التجار بنسبة ربح محددة يسجنون إن تجاوزوها بأية حال، مصر في حاجة لاقتصاد الضرورة حتى لا تهزم نفسها بنفسها وتنزلق لفوضى من صنع سادتها وحدهم.
fotuheng@gmail.com
Advertisements
الجريدة الرسمية