رئيس التحرير
عصام كامل

في ذكرى انتصارات أكتوبر.. السيسي رئيسا للوزراء!


كيف يتم اختيار رئيس الوزراء؟.. أحيانا يتم اختياره بأحد المعايير الآتية: أن يكون رجلا فنيا يملك من الرؤية الفنية لعمل الوزارة، وفي الغالب يكون من المجموعة الاقتصادية.

المعيار الثاني: اختياره كرجل سياسة، لديه حنكة سياسية ورؤية يستطيع التعبير عن هموم الجماهير، مؤكدا أن هناك طرقا كثيرة، منها أهل الثقة والمصالح، ولكن في الدول الديمقراطية، التي تعتمد على الأحزاب والانتخابات، ونحن لسنا مثلها في شيء، وعلينا الاعتراف بهذا وإلا فإننا نخدع أنفسنا، هناك طرق لا علاقة لها بكل معايير العالم المتخلف.

وبالعودة للتاريخ لكي نتعلم من تجاربه، نجد أن جمال عبد الناصر تولى رئاسة الوزراء ذات يوم لإعطاء المجلس قوة وجسارة؛ لاتخاذ القرارات المصيرية المرتبطة بالجماهير، وفي موقف أهم من ذلك تولى الرئيس أنور السادات رئاسة الوزراء أكثر من مرة، كانت المرة الأولى وهي الأهم، تحمل مسئولية رئاسة مجلس الوزراء في الفترة التي استعدت وخاضت مصر فيها حرب أكتوبر بدلا من د. عزيز صدقي، بالرغم من كفاءة وثقة السادات في د. صدقي.

وأذكر في شتاء عام 2001، التقيت بهذا الرجل العظيم في مكتبه بالزمالك، وكانت المرة الأولى في حياتي أن ألتقي بالعظيم عزيز صدقي - رحمه الله - التى كانت بداية لتقارب وحب حتى قبل وفاته بأيام، سألته وبإلحاح عن السبب الحقيقي عن تركه رئاسة الوزراء أو إبعاده وتولي السادات المنصب؟.. خاصة أن دور د. عزيز صدقي لاستكمال تسليح الجيش مهم، فهو الذي أتم اتفاق مصر والسوفيت بعد مماطلات من الروس مع السادات شخصيا.

قال د. عزيز صدقي بنبل رائع: لم أختلف مع السادات في شيء، وعندما تسلم رئاسة الوزراء مني كانت كل الخطط للاستعداد للمعركة جاهزة تماما، ولم يتبق سوى انتظار قرار المعركة، حتى الأسلحة التي كان الروس يماطلون فيها يتم حاليا تسليمها للجيش المصري!

وأضاف السبب الحقيقي لا يعلمه سوى أنا والسادات وربنا سبحانه وتعالى، وأعتقد لا يصح أن أتحدث والسادات رحل وأصبح بين يدي الله.. ولكن كان هناك سبب أنا احترمت وجهة نظر السادات لتبرير الواقعة، السادات أكد للمقربين أن عزيز صدقي ممتاز ولكن هناك من يحاول عرقلة عمله، وتجنبا للقلاقل في وقت حساس ونحن نستعد لمعركة التحرير.. والشيء بالشيء يذكر كان السادات قد أصدر قرارا جمهوريا ليكون د. عزيز صدقي مساعدا لرئيس الجمهورية، وهو منصب تم اختراعه من السادات من أجل عزيز صدقي، ولا بد من التأكيد على نجاح التجربة في حرب 73.

أعرف أن عنوان المقال لن يروق للكثيرين من الأصدقاء؛ لأنه يؤكد مركزية القرار أكثر في الوقت الذي ينادي الأغلبية بتحديد أو تقليص سلطات الرئيس، ولكن علينا أن نتحدث بواقع الحال وليس بأحلامنا، منذ حسني مبارك قد تحولت الوزارة إلى سكرتارية لرئيس الجمهورية، ولا أحد يعمل سوى التصريحات ونشر الأخبار الكاذبة عن وزارته، ووجود رئيس قوي يجمع بين رئاسة الجمهورية والوزارة سيعطي قوة جبارة لسرعة العمل، سيجعل الوزراء الجالسين على كراسيهم يشعرون فعلا بأن هناك قيادة قوية تتابع وتراقب وليس مجرد اجتماعات هزلية وموت يا حمار وأمور شيلني وأشيلك، والاستغراق في مناقشات لا قيمة لها.

من هنا ليس غريبا أن يتولى السيسي رئاسة الوزراء، أولا سيعطي للوزارة حالة من الانضباط في كل شيء، انضباط زمني، انضباط في الأداء، حتى انضباط في المناقشات، وبالتالي النتائج ستكون مختلفة تماما، والحال لن يكون غير الحال، وللعلم من الناحية الواقعية، حاكم إنجلترا الفعلي هو رئيس الوزراء، وكذلك إسبانيا واليابان.. إلخ.. والهدف ليس جمع السلطات بقدر إعطاء الوزارة دفعة للأمام.

في النهاية نهنئ شعب مصر والأمة العربية بذكرى انتصارات السادس من أكتوبر، ولنا أكثر من لقاء مع هذه المعجزة التي لا يعرف شبابنا عنها شيئا!
الجريدة الرسمية