رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

الفنانة سميرة محسن: مسلسل «ضمير أبلة حكمت» نموذج لما يجب أن تكون عليه المدارس

فيتو

  •  تعلمت في مدرستى حب الأدب والفن والإبداع
  •  مصروفى كان 10 قروش وكنت أوفره لشراء مجلة أو كتاب
  •  أديت في مرحلة الثانوى دور «قسيس» في مسرحية فنية 
  •  تم تكريمى بكأس «التمثيل» من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر 
  •  والدى له دور أساسى في التأثير على ثقافتى 
  •  الدروس الخصوصية وراء عدم قيام المدرسين بدورهم في المدرسة
  •  مع الأسف كل البيوت مخصصة ميزانية للدروس الخصوصية
تلقت الفنانة القديرة سميرة محسن تعليمها الابتدائي في مدرسة محرم بك بالإسكندرية، وفى الابتدائى تعلمت حب الفن والأدب والإبداع، وكان للإذاعة المدرسية دور كبير في ذلك، ولدت بالإسكندرية عام ١٩٣٥، وحققت نجاحات في المسرح والإذاعة والتليفزيون والسينما، وتقدم برنامج «وقال الفيلسوف» منذ عام ١٩٧٥ وحتى الآن، وقد حصلت على عديد من الجوائز المحلية والخارجية.


تقول في حوار لـ "فيتو" بمناسبة بدء الدراسة عن الفارق بين التعليم زمان والتعليم الآن "اكتشفت موهبتى الفنية من خلال الإذاعة المدرسية، كنت أحضر أبيات الشعر وأبحث في الكتب عن الأحاديث والآيات القرآنية حتى ألقيها في الصباح بالإذاعة المدرسية، وكان لكل طالب يوم للتحدث في الإذاعة، كنت أتمنى أن أحصل على يومين أو ثلاثة لذلك دائمًا كنت جاهزة بكتابات لأكون بديلا لأى طالبة غير مستعدة للتحدث، الإذاعة المدرسية لها أهمية كبيرة في اكتشاف مواهب الطفل، أولها أنها تعلمه كيف يخاطب الناس.

*ماذا كان شعورك في اليوم الأول في المدرسة؟
كنت فرحانة جدًا أننى أتعلم القراءة والكتابة؛ لأتمكن من قراءة الكتب والمجلات مثل باقى الأسرة في المنزل، وشعرت بسعادة كبيرة لأننى أقرأ مثلهم، وأتذكر شكلى أثناء ذهابى للمدرسة، وكنت أرتدى الزى المدرسى وهو عبارة عن مريلة بيج وكرافتة بني، وفى الشتاء جاكت بنى على نفس المريلة، وكانت والدتى تحضر لى الساندويتشات واحد فول وواحد جبنة ثابتين كل يوم، وتضعهما في الكيس البلاستيك لوضعهما في الشنطة المدرسية.

*هل كان هناك مكان للأنشطة في المدارس؟
المدارس كانت نظيفة والفناء كبيرا يضم ملاعب للباسكيت والتنس والفصول واسعة، وعدد الطلاب كان قليلا في الفصل، ما يسمح بالاستيعاب، بجانب وجود غرف مخصصة للرسم تضم لوحات فنية وألوانا زاهية لنقوم بالرسم فيها بحرية، إضافة إلى وجود غرفة خاصة للموسيقى تضم آلات للعزف والمدرسة تقوم بالعزف لنا، وكنا نحضر الطابور ونقدم الإذاعة المدرسية، ونحصل على فسحتين، الأولى صغيرة بعد مرور أول حصتين من أجل تناول وجبة الإفطار، والفسحة الثانية كبيرة نجرى خلالها نشاطات مختلفة، ومن ثم نحصل على حصتين أخريين وبعدها نعود إلى المنزل.

*ما الذى أضافته المدرسة لشخصيتك؟
في المدرسة شعرت بأننى شخصية مميزة حين كنت أتعلم كل يوم حكمة جديدة أو بيت شعر، تعلمنا في المدرسة فنون الرسم والتمثيل والعديد من الأنشطة الفنونية الإبداعية، والفن يجعل الشخصية سوية ووجدانها يقظ، المواهب الفنية لا بد أن تكتشف مبكرًا، هكذا كان يجرى معنا في المدارس قديمًا، فمن يمتلك ناحية فنية مستحيل يسلك طريق العنف، مستحيل يمسك طوبة ليقذف أحدا كما نرى حاليًا.

*هل مارست أي نشاط فنى خلال دراستك؟
المدرسة ساعدتنى على تحسين قدراتى ومواهبي، على سبيل المثال، أديت في مرحلة الثانوى دورا في مسرحية فنية، أظهرت من خلالها قدراتى التمثيلية، لعبت دور «قسيس» خلال المسرحية، وحصلت على أفضل ممثلة على الجمهورية، وتم تكريمى بالحصول على كأس صغير عرف باسم «كأس التمثيل» من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، كما أن والدى كان له دور أساسى أيضًا في التأثير على ثقافتي؛ كونه أستاذ رياضيات ساعدنى في الحصول على العديد من الكتب في مجالات متنوعة.

*ماذا عن علاقتك بالمعلمين؟
علاقتى بالمعلمين كانت جيدة جدًا وأثرت فيَّ كثيرًا، وكان أكثر المعلمين الذين تأثرت بهم بشكل كبير أستاذ اللغة العربية، ومدرسة اللغة الإنجليزية (ميس بشرى)، ومدرس الرسم الذي طور موهبتى وسمح لى بأن أمثل عملا في فريق التمثيل، وأتذكر أسماءهم جميعًا لشدة تأثرى بهم، كانوا يقدرون الطفل ويسعون لتنمية موهبته، كانوا يقدرون رسالتهم التي اعتمدت في الأساس على تنشئة جيل واعٍ مثقف مبدع له أهميته في المجتمع.

والمدرسة قديما كانت تقدم الأنشطة الثقافية والفنية والرياضية، فهناك جماعة الأدب، جماعات (الموسيقى، الإذاعة، الرياضة، اللغة)، وكل جماعة تضم عددًا من طلاب كل فصل، على سبيل المثال جماعة اللغة كانت تصطحبنا كل يوم جمعة إلى سينما مترو لمشاهدة فيلم باللغة الإنجليزية للأطفال؛ إذ كانت سينما مترو تعرض أسبوعيًا فيلمًا للأطفال، وكانت مشاهدته تحسن الأداء اللغوى لدى الطلاب، أما في الوقت الراهن فلا يوجد برامج في المدارس لتنمية واكتشاف مواهب الطلاب، وحين تداركت ذلك اشتركت لأولادى في برامج تنمية المواهب بالأوبرا التي من بينها الكورال.

عندما كنا نذهب إلى السينما كل يوم جمعة مع مدرسة اللغة الإنجليزية؛ لمشاهدة فيلم للأطفال لتحسين اللغة لدينا من خلال الاستماع، كان هناك اعتراض شديد في المنزل على ذلك، وخاصة من جانب والدتي، ونظرًا لرغبتى الشديدة في مشاهدة الفيلم الأسبوعى اضطريت أن أقنعها عن طريق إبلاغها بأن الذهاب لمشاهدة الفيلم يهدف إلى كتابة قصته؛ من أجل الحصول على درجات في المدرسة، واقتنعت والدتى وحين ذهبت ورأت أن مشاهدة الفيلم بالفعل شيء مفيد لممارسة اللغة، وممتع في نفس الوقت، اقتنعت بأنه شيء جميل وشجعتنى بعد ذلك.

*هل حصلت على دروس خصوصية؟
لم يحدث أن حصلت على دروس خصوصية قط، وحين تعثرت في إحدى المواد خلال المرحلة الجامعية درس لى والدى بحكم أنه مدرس في الأساس، وأرى أن الدروس الخصوصية هي السبب الرئيسى لعدم قيام المدرسين بدورهم في المدرسة، لكن مع الأسف كل البيوت مخصصة ميزانية للدروس الخصوصية.

*ماذا كان مصروفك؟
مصروفى في المدرسة كان عشرة صاغ في اليوم، أي بمعدل 30 قرشا في الشهر، كنت أدخره ولا أشترى به مصاصة وما شابه ذلك مثل باقى الأطفال، بل كنت أخصصه لشراء شيء مفيد مثل مجلة لمشاهدة الممثلين لتنمية موهبتى أو قطعة قماش لصناعة فستان.

*هل كان نظام التعليم مختلفا في السابق عن الآن؟
التعليم في السابق لم يكن يشمل المرحلة الإعدادية، فالنظام القديم كان عبارة عن 4 سنوات للمرحلة الابتدائية، ومن ثم الانتقال مباشرة إلى الثانوية العامة التي تشمل 5 سنوات، فبعد أن قضيت 4 سنوات في مدرسة محرم بك الابتدائية، انتقلت بعدها مباشرة إلى مدرسة الأميرة فايزة الثانوية، لكن في الحقيقة المدارس في المراحل المختلفة كان لها هدف هو الارتقاء بالطالب وتنشئة جيل مبدع، وكان الاختلاف بالنسبة لى في مرحلة الثانوى هو أننى أصبحت أكثر نضجًا ووعيا، وكانت النشاطات الإبداعية أكثر، ومنها: التمثيل، الموسيقى، الرسم، وفى هذه المرحلة كانت المدارس تدخل مسابقات على مستوى الجمهورية، وكان تعداد السكان وقتها 20 مليونا، أما حاليا 90 مليونا.

*هل كنت متفوقة في دراستك؟
كنت تلميذة مجتهدة جدًا في دراستى ومتفوقة في كل المواد، ولم أجد صعوبة في أي مادة، ودرجاتى كانت تتراوح ما بين 48 و49 من 50، وما أتذكره أن هذه النسبة ظلت ثابتة طوال فترة المرحلة الثانوية لمدة 5 سنوات، كنت أحب اللغة الإنجليزية، وكانت اللغة العربية أكثر مادة أفضلها؛ لأننى أعشق الشعر، كنت أقرأ كثيرًا، البيت ساعدنى على ذلك، الأم متعلمة والأب مدرس، فكان هناك اهتمام وتشجيع على المذاكرة والتعليم، لذا فإن البيت والمدرسة يكملان بعضهما.

*ما هو العمل الفنى الذي ترينه نموذجا لما يجب أن تكون عليه المدارس؟
مسلسل «ضمير أبلة حكمت» كان نموذجًا لما يجب أن تكون عليه المدارس، فالناظرة في المسلسل تتابع مشاكل التلاميذ ليس فقط داخل المدرسة، بل خارجها أيضًا، وهذا يأتى ضمن دور المدرسة؛ لأن الطالب يقضى مدة طويلة داخلها، على أيامنا كانت هناك مشرفة اجتماعية متخصصة وخريجة قسم اجتماع، ولها غرفة خاصة وتجلس معها الحكيمة، وكان دورها متابعة الطلاب الذين يعانون من المشاكل النفسية، مثلا طالبة تبكي، منطوية، وغير ذلك من المشاكل.

*كيف ترين مستوى التعليم الآن مقارنة بالسابق؟
التعليم أساس كل شيء، والعالم كله أدرك أهمية العلم ودوره في تقدم الدول، وإذا لم يتم توصيل العلم بالشكل المطلوب، وإذا لم تعد المدرسة لتؤدى دورها كما كانت من قبل، فمن الطبيعى أن نتخلف عن العالم، وبالتالى يؤثر ذلك على دور مصر في كل المستويات، ونحن نعانى من نسبة أمية كبيرة، حتى المتعلمين هناك غالبية كبيرة منهم أميون.
ويجب الاستعانة بخبراء في التعليم، عايشوا حقبة التعليم قديما؛ لأن هذه الفترة أنجبت عباقرة في شتى المجالات؛ لأن الناس الذين تعلموا على الطريقة القديمة خرجوا مبدعين؛ بسبب تربيتهم السليمة منذ الصغر.

*ما الذى تفتقده مدارس هذا الأيام؟
أطالب بفرق موسيقية، وإذاعة مدرسية، مجموعات لتعليم الرسم ويجب تعليم أطفالنا القراءة، وهناك دور مهم جدًا للحدوتة، الطفل الذي لديه اهتمامات ينبذ فكرة العنف؛ لأن الوجدان عندما ينشغل بالفن والأدب يسمو ويبتعد عن العدوانية التي تدمر المجتمع، المدرسة والبيت كل منهما يكمل الآخر.

وأنصح الأمهات بأن يهتممن بأطفالهن ويزرعن فيهم الهوايات الفنية؛ لأن الطفل الذي ليس لديه هوايات يكون وجدانه ميتا، وبالتالى يؤثر ذلك بالسلب على المجتمع، وأرى أن التقنية الحديثة قتلت الخيال والإبداع عند الأطفال، على عكس الحدوتة الخيالية عندما تحكى للطفل تنمى خياله ويتحول إلى مبدع، لكن مع الأسف الجو العام في مصر خالٍ من المبدعين، ونظرًا للدور المهم الذي لعبته المدرسة قديمًا رأينا الكثير من المبدعين سواء في الموسيقى أو الفن وفى مجالات أخرى.

وينبغى أن نعلم الطفل سماع الموسيقى والشعر والأدب، وهذا مفتقد في هذه الأيام، والتليفزيون مقصر في مساعدة الأسرة في تربية وتنشئة الأطفال، وللأسف التليفزيون الآن يقتل الموهبة والخيال.

وهناك ضرورة لفرض رقابة أكبر على التعليم وتخصيص ميزانية كبيرة له؛ حتى نمنع ما يحدث الآن، وعلى المدرس أن يحصل على دورات تدريبية لتطوير نفسه، وعلى الدولة الاهتمام برواتب المعلمين؛ حتى يبتعدوا عن الدروس الخصوصية.

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لملحق "فيتو"

Advertisements
الجريدة الرسمية