رئيس التحرير
عصام كامل

اللواء فؤاد فيود يكشف: السادات قال لقواتنا المسلحة «خدوا شبر من سيناء وسيبوا الباقي عليَّ»

فيتو

>> السادات أخرج الإخوان المسلمين من السجون ليضرب بهم مراكز القوى
>> أمريكا أهلت البغدادي لتنفيذ المخطط التخريبي الذي يقوم به الآن

>> حائط الصواريخ في عهد عبد الناصر أجبر إسرائيل على وقف إطلاق النار
>> الإعداد الحقيقي لحرب أكتوبر 73 قام به عبد الناصر
>> السادات أصدر أمرا إستراتيجيا بأن تستولي قواتنا على أرض بعمق 15 كم
>> أسبوع إسقاط الطائرات وراء قبول إسرائيل مبادرة روجرز
>> من يقولون إن السادات مشى على خط عبد الناصر بأستيكة.. مرتزقة
>> معارك الاستنزاف دمرت 80% من خط بارليف بنيران المدفعية
>> مجلس علماء مصر يمتلك الكثير من الاختراعات والمسئولون لا يلتفتون إلينا
>> استقرار مصر يبدأ من البرلمان
>> الحل في سوريا إقامة حكومة انتقالية



اللواء فؤاد فيود، أحد أبطال حرب أكتوبر ورئيس مجلس علماء مصر، فتح قلبه وعقله وصندوق أسراره لـ"فيتو"، وأكد أن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بدأ الإعداد لحرب أكتوبر بحرب الاستنزاف، وأكملها السادات، فكان الانتصار الكاسح بمساعدة الدول العربية، مؤكدا أن السادات استكمل مشوار عبد الناصر، ولكن مراكز القوى وقتها كانت غاضبة عليه؛ لأنه لم يُطع أوامرهم.

وقال "فيود": إن مجلس علماء مصر به الكثير من العلماء أصحاب الاختراعات، ولكن أحدا لم يلتفت إليهم، وأشار إلى أن استقرار مستقبل مصر يبدأ من انتخابات مجلس النواب، مطالبا الشعب بأن يكون حريصا على اختيار العناصر الصالحة، وإلى نص الحوار:-

* انتصار أكتوبر 1973 نبتدي منين الحكاية؟
حرب أكتوبر بدأ الإعداد لها من بعد نكسة 67، ووقتها كنت في ثانوي وكنا نشعر بالمهانة، وكنت سأدخل كلية الهندسة لكن إحساسي بالمهانة جعلني أدخل الكلية الحربية. 

* هل كان لك واسطة أدخلتك الحربية؟
إطلاقا ووالدي كان مزارعا بسيطا، وكنت من أوائل الكلية الحربية، ما ترتب عليه إعفائي من مصاريف الدراسة، وكنت أحصل على جوائز ومكافآت. 

* نعود للإعداد لحرب أكتوبر؟
بدأنا مناوشات متمثلة في معركة "رأس العش" يوم 1 يوليو 1967 بقيادة النقيب سيد الشرقاوي، ودمر الجيش المصري وقتها للعدو الإسرائيلي 3 دبابات، 11 مركبة مدرعة وفشل العدو وقتها في الاستيلاء على "رأس العش"، وعادوا إلى مواقعهم، وحاولوا في اليوم الثاني الوصول لبورفؤاد وفشلوا، وبعدها استولت إسرائيل على كل سيناء ما عدا رأس العش وبورفؤاد.

* وهل كان هناك ردود أفعال من جانب قواتنا المصرية؟
أكيد.. قامت القوات الجوية المصرية بضربة جوية يوم 14 يوليو 1967، نسفنا فيها تشوينات الغنائم التي أخذتها إسرائيل من قواتنا، وفي يوم 21 أكتوبر 1967، قامت قواتنا البحرية مزودة بلانشي صواريخ، بإغراق المدمرة إيلات، وهذه كانت تسمى "مرحلة الصمود".

* وهل اقتصر رد الفعل على الصمود فقط وقتها؟
لا استكملت قواتنا بمرحلة "الفاع النشط" عام 1968، وكنا وقتها نقوم بإغارات وكمائن على الدوريات الإسرائيلية التي تمر من سيناء. 

* وما الهدف؟
كنا نريد توجيه رسالة إلى إسرائيل بأنكم ستدفعون ثمن وجودكم في سيناء غاليا، ثم قمنا بعدها بمعارك الاستنزاف في 8 مارس 1969، ودمرنا نحو 80% من خط بارليف بنيران المدفعية، ونجحت القوات الخاصة البحرية في الإغارة على ميناء إيلات مرتين، كما نجحنا في إغراق الحفار الإسرائيلي في "داكار"، وهذه كانت معركة ناجحة للمخابرات الحربية المصرية وقتها. 

* وهل كانت هناك عمليات أخرى لقواتنا قبل حرب أكتوبر؟
استمرت معارك الاستنزاف إلى أن نجحت قوات الدفاع الجوي في نهاية أغسطس 1970، في إسقاط طائرة استطلاع فخر القوات الجوية الإسرائيلية وقتل طاقمها، كما نجحنا وقتها في إسقاط عدد من طائرات "الفانتوم"، فيما سمي بأسبوع سقوط الطائرات. 

* وهل كان هذا سببا لقبول إسرائيل مبادرة روجرز؟
فعلا كان هذا هو السبب الرئيسي.

* وهل كان للرئيس جمال عبد الناصر دور في حرب أكتوبر؟
أكيد.. لأن حرب الاستنزاف كانت الإعداد الحقيقي لحرب أكتوبر 1973؛ لأن عبد الناصر تولى في حياته إعادة بناء القوات المسلحة وإعادة تسليحها وتنظيمها وتطويرها، وجعل الدفاع الجوي سلاحا مستقلا قائما بذاته بعيدا عن سلاح المدفعية. 

* هناك من يقول إن خطة حرب أكتوبر وضعت في عهد السادات؟
ما فعلته قواتنا في عهد جمال عبد الناصر مهد الطريق لانتصار حرب أكتوبر 1973، ففي عهد عبد الناصر تم إنشاء حائط الصواريخ الذي قطع ذراع إسرائيل الطويلة ممثلة في قواتها الجوية، وأجبر إسرائيل على وقف إطلاق النار، لذا فإن الإعداد الحقيقي لحرب أكتوبر 73 قام به الرئيس جمال عبد الناصر. 

* وما هو دور الرئيس محمد أنور السادات الحقيقي في حرب 73؟
منذ تولى السادات الحكم في عام 1970، عمل على استكمال إعداد الدولة للحرب ونجح السادات في فرض عزلة على إسرائيل، وجعل دول عدم الانحياز تقاطع إسرائيل، ونجح في عزل إسرائيل أفريقيًا عدا جنوب أفريقيا وزائير، ما يعد انتصارا. 

* هل ترى أن السادات سار على خط عبد الناصر بأستيكة؟
لا إطلاقا، السادات كان أكمل ما بدأه عبد الناصر، ومن يقول غير ذلك فهم مرتزقة، يريدون تقسيم الجبهة الإستراتيجية.
 
* ولكن هناك اتهامات للسادات بأنه حاول التخلص من رجال عبد الناصر؟
عندما توفى عبد الناصر كان من الطبيعي أن يتولى نائبه رئاسة الجمهورية، ولكن كانت هناك مراكز قوى "رجال عبد الناصر" يقودها علي صبري الذي عينه السادات نائبا له، وشعراوي جمعة، وكان السادات يختلف معهم فكريا، ويرفض أن ينصاع لأوامرهم، وكانت له رؤية سياسية معارضة لهم، وكانت مراكز القوى وقتها تدين بالولاء للاتحاد السوفيتي، وعندما برز الخلاف قام السادات بعزل علي صبري من منصب نائب رئيس الجمهورية، وهنا تكاتفت مراكز القوى وقاموا بتقديم استقالات جماعية، معتمدين على خروج مظاهرات تطالب السادات بعودتهم. 

* ولكن السادات أخرج الإخوان المسلمين من السجون حتى يضرب بهم مراكز القوى آنذاك؟
فعلا؛ لأن مراكز القوى لها قاعدة شعبية وتسيطر على المنظمات الشبابية والمنظمات الشيوعية والاتحاد الاشتراكي، ومن هنا فكر السادات في إخراج الإخوان من السجون؛ لأن لهم قاعدة شعبية يستندون إليها في التصدي للاتحاد الاشتراكي وغيرها من المنظمات، ولكنهم لم يستطيعوا السيطرة على السادات فقتلوه. 

* ولكن لماذا اتخذ السادات قرار حرب أكتوبر في هذا التوقيت؟
حينما وجد أن إسرائيل لا تلتفت لأي مبادرات سلمية؛ لأنه كان تقدم بمبادرة لفتح قناة السويس وانسحاب إسرائيل من سيناء، ولكن إسرائيل رفضت ومن هنا قرر السادات الحرب. 

* وكيف بدأت الحرب؟
السادات وضع يده على خريطة مصر، وقال بالحرف للقوات المصرية: "أنا عايزكم تاخدوا شبر كدة من سيناء وتتمسكوا بيه وأنا هكمل الباقي".

* وما هو الهدف؟
تحريك القضية من حالة اللا سلم واللا حرب حتى تخرج للمسرح العالمي، ونجح السادات في ذلك. 

* وما هو الأمر العسكري الذي أصدره السادات؟
السادات أصدر أمرا إستراتيجيا، وطالب بأن تقوم القوات المسلحة المصرية بإمكانياتها منفردة أو بالتعاون مع سوريا، باقتحام قناة السويس وتدمير خط بارليف؛ لإنزال أكبر خسائر ممكنة بالعدو الإسرائيلي، وأن تستولي على أرض بعمق 15 كم وبوقفة تعبوية. 

* لماذا 15 كم؟
حتى تظل القوات الأرضية في مسرح العمليات في سيناء تحت حماية حائط الصواريخ المصري الموجود غرب القناة، ونجح في ذلك. 

* وماذا عن دور الدول العربية الشقيقة في حرب أكتوبر؟
الإعداد السياسي الذي قام به السادات، أنه وحد الدول العربية باستخدام كل الأسلحة المتوفرة بما فيها سلاح البترول، وهو الأمر الذي كان مؤثرا للغاية على دول أوربا وهولندا، وشاركت الدول العربية في حرب أكتوبر بقوات رمزية مع مصر، ولكن العراق كان لها مشاركة إيجابية في سوريا وقتها.

* كيف ترى جولات الرئيس عبد الفتاح السيسي الخارجية؟
يحضرني مقولة جمال عبد الناصر إن حرية رغيف الخبز هي الضمان الأول لحرية تذكرة الانتخابات، وهذا يعني أن الحياة النيابية السليمة والديمقراطية وتقدم الدولة رهينة العامل الاقتصادي، وبالتالي الرئيس عبد الفتاح السيسي يضع هذا في اعتباره، وحتى تكون قويا يجب ألا تعتمد على الآخرين في إمدادك بلقمة الخبز؛ حتى يكون قرارك مستقلا؛ لأن الاقتصاد والإعلام هما جناحا القرار السياسي. 

* كيف ترى العلاقات المصرية الأمريكية المستقبلية؟
القيادة السياسية واعية، ونحن لا نكتسب صداقة أحد على حساب أحد، وإنما مصر يدها ممدودة للجميع في اتجاه الشرق والغرب، وعلاقتنا وطيدة بالجميع ما لم يتدخل أحد في شئوننا، وخير دليل على ذلك أننا رفضنا العلاقة مع الاتحاد السوفيتي حينما تدخل في شئوننا السياسية، وتم إلغاء اتفاقية الصداقة معه، رغم أنه كان مصدر تسليح لنا، وساعدنا في بناء السد العالي وبعض المشروعات الكبرى.

* وهل ما زلنا نحتاج إلى المعونة الأمريكية؟
هذه المعونة منصوص عليها طبقا لاتفاقية السلام مع إسرائيل، ولكن علينا أن نعمل على الاستغناء عن هذه المعونة بالمشاريع الاقتصادية والاستثمارات، ونأمل أن تتقدم مصر اقتصاديا وتنجح في الاستغناء عن العطايا الأجنبية، وأرى أن القيادة السياسية تعمل على هذا. 

* هل ترى أن مصر استعادت مكانتها عالميًا؟
نعم وهذا ظهر واضحا في التصفيق الحاد للرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال كلمته في الأمم المتحدة مقارنة بباقي الرؤساء، إلى جانب التفويض الأفريقي لمصر لدخولها كعضو غير دائم في عضوية مجلس الأمن، والحركة الواسعة للسيسي في شرق آسيا والصين وسنغافورة وإندونيسيا وروسيا، وجولات السيسي في أفريقيا، واستعادة مصر لمكانتها في منظمة الوحدة الأفريقية بعد أن تم تجميدها في عهد الإخوان المسلمين، لذا فمصر في طريقها إلى العودة لتحتل مكانتها التي تليق بها. 

* تم تجديد الثقة لتوليك رئاسة مجلس علماء مصر للمرة الثانية؟.. نريد كشف حساب لمجلس علماء مصر؟
لدينا علماء يقدمون العديد من الاختراعات والابتكارات، ونقوم بتقديمها للجهات المعنية؛ لاتخاذ الخطوات الإيجابية للاستفادة بها. 

* ولماذا لم يتولَ المجلس تنفيذ المشروعات الهامة إلى الآن؟
نحن جهة موصلة للجهات التنفيذية، وليس لنا ميزانية للإنفاق على البحوث العلمية. 

* هل ترى أن حدود مصر الغربية في خطر بسبب تدفق السلاح والإرهاب من ليبيا؟
بالقطع، فالأمن القومي المصري يتأثر بدول الجوار الجغرافي سواء من اتجاه ليبيا غربا والسودان جنوبا، والإرهاب في سيناء من الشمال الشرقي، كما تتأثر حدود مصر بما يحدث في اليمن؛ لأنها تتحكم في باب المندب المدخل الرئيسي لقناة السويس. 

* وما الحل برأيك؟
أن تظل الدولة المصرية يقظة كما هي الآن، فقوات حرس الحدود في الاتجاه الغربي يوميا تتعامل مع الإرهابيين والمهربين في كل الاتجاهات الإستراتيجية، لذا لا بد من يقظة القوات المسلحة ومساندة الشعب لها. 

* وكيف ترى الوضع بسوريا؟
أقترح حكومة انتقالية يمثل فيها جميع الأطياف السياسية في سوريا، بشرط إخلاص النوايا، ولا يمكن الاستغناء عن بشار الأسد؛ لأنه يمثل العلويين وهم جزء لا يستهان به في النسيج الوطني السوري. 

* انتشرت كثير من العصابات الإرهابية أمثال "داعش" و"جبهة النصرة" و"أجناد مصر" و"بيت المقدس" وغيرها.. وانطلقت المؤتمرات الدولية لمكافحة هذه العصابات.. كيف ترى هذا؟
عندما نقول "داعش" لا بد أن ندقق النظر في زعيمهم أبو بكر البغدادي، الذي كان إماما وخطيبا في العراق، وطاف كثيرا من المساجد في المدن العراقية، وكان له دور أثناء الغزو الأمريكي في العراق، وتم اعتقاله في يناير 2004 في الولايات المتحدة الأمريكية، وأفرج عنه عام 2006، ولا يخفى على أحد أنه كان اعتقالا وهميا، ولكن الحقيقة أنه كان يتم تأهيله لتنفيذ المخطط التخريبي الذي يقوم به الآن. 

* وما هو المخطط الذي يقوم بتنفيذه؟
الاستيلاء على حقول البترول في العراق، وتصدير البترول بأسعار متدنية، وبيع الإنتاج لدول أوربا عن طريق تركيا؛ لإضعاف دول البترول العربي حتى تكون لقمة سائغة للدول الغربية، لذا فهذه الجماعات الإرهابية جميعها صناعة غربية. 

* أين دور الجامعة العربية من انهيار الدول العربية وإسقاطها؟
لا بد أن تعود الجامعة العربية للتماسك والتوحد العربي، والعمل بجدية لتفعيل القوى العربية المشتركة لمقاومة الإرهاب؛ ولحماية الأمن القومي العربي ضد الأخطار والتهديدات الخارجية. 

* كيف ترى مستقبل مصر؟
استقرار مستقبل مصر يبدأ من انتخابات مجلس الشعب، على أن يكون الشعب حريصا على اختيار العناصر الصالحة فعليا؛ للقيام بواجباتهم ومسئولياتهم التشريعية في سن القوانين التي تنطلق بالدولة إلى الأمام. 

* هل أنت متفائل بالبرلمان القادم؟
نعم، وأطالب الشباب بحسن الاختيار بعيدا عن غزوات الصناديق والشعارات الإسلامية المخادعة، وأن يكون الاختيار بناءً على برامج الأحزاب.
الجريدة الرسمية