رئيس التحرير
عصام كامل

الذين ساروا على الماء!


تشيع «الصوفية» في مصر والسودان والمغرب، هو الذي أشعل ثورة الوهابيين في الجزيرة العربية، فقد أدخل الصوفيون «خزعبلات» كرامة أهل البيت وعترة النبي على الدين، ونشروا الاعتقاد في انكشاف حجب الغيب عن «الأولياء»!


الفاطميون الشيعة اكتسحوا المصريين بالتمسح في «العترة النبوية»، اختلقوا قصصا عن هيام أرواح علي بن أبي طالب وأبنائه فوق قبورهم، تكلموا عن معجزات أضرحة السيدة نفيسة والسيدة زينب، والسيدة عائشة في شفاء المرضى.

سرسبة الفكر الشيعي إلى جماعات الصوفية، هو الذي أدى بمعظم مدارس الدراسات الإسلامية إلى عدم اعتبار «التصوف» حالة شرعية، أو قضية «فقهية» تخضع قوانينها للبحث أو الجرح.. أو النقد إذا لزم الأمر.

صحيح يدرس المتخصصون ما حكاه الغزالي عن «الوجد الصوفي»، وما حكى عنه من الشعور بلذة الاقتراب من الله، لكن يظل ما قاله الرجل ليس له حتى الآن طريق للإثبات بأي من الأدلة الشرعية لدى مدارس الفقه المختلفة!

المعنى أن كل ما يحكيه المتصوفة من «تهويمات»، ليست إلا أحاسيس شخصية، أو حالات «وجد» خاصة.. ليس لها في كتاب الله شيء!

في التاريخ الإسلامي اشتدت «حالات التصوف» في البلاد التي تداولت علوم الفلسفة، ظهرت معظم الجماعات الصوفية وانتشرت من مصر، بعدما تأثرت الإسكندرية إلى حد كبير بمدارس الفلسفة اليونانية، وما تركته تلك المدارس من أسئلة متباينة حول قضايا «الروح»، وصفات الصالحين، وجدليات «الخلاص» وطرق الزهد.

في الفلسفات القديمة، كان «الخلاص» مرادفا لوصول «المؤمن» إلى مرحلة التخلص من «رغبات الدنيا»، ليذوب في «روح الإله».

الشيعة قالوا إن «الخلاص» يبدأ من الهيام عشقا في روح «آل البيت»، الفكرة أخذها المتصوفة وسموها «الارتقاء»، أو«الاتصال»، آمنوا بأن القطب الصوفي ينكشف أمامه الغيب، ويتحد مع «روح الأولياء»، فيرى ما لا نراه، ويسمع ما لا نسمعه، ثم يتكلم مع من مات.. ثم يحيا بعدما يموت.

«الاتصال» بالإله سماه البوذيون الصينيون «النيرفانا»، سماه الشيعة «هيام الروح»، ثم نقله المتصوفة عن الشيعة وسموه.. «الفتح» أو « العلم اللدني».

بالعلم اللدني.. تحول أقطاب الصوفية إلى شخصيات «خرافية»، بقصص «أسطورية» تحكي عن انتقالهم عبر الزمان والمكان بقوانين غير قوانين الدنيا، محطمة نظريات الفيزياء.. معارضة لقوانين الجاذبية.

في التاريخ الصوفي مثلا انتقل السيد البدوي على «سجادة طائرة» من المغرب لمصر.. في أدبيات الصوفية أنه - السيد البدوي - أحيا الموتى، وأمات الأحياء، وأن الرفاعي كلم الزواحف وأخذ العهد منها بعدم إيذاء أبنائه أو تابعيه!

وفي أدبيات الصوفية أيضا الكثير عن انتقال الأولياء من مكان لمكان بسرعة البرق، إضافة لقصص سير بعضهم على الماء، وتنبؤ آخرين بالغيب، وحلول أرواح موتاهم في أجساد آخرين، مع أنه ليس في الإسلام شيء اسمه «حلول» أرواح الأئمة بعد مماتهم في أبنائهم، ولا في الدين كلام عن بقاء أرواح الصحابة والصالحين في أتباعهم.

المتصوفة يقولون إنهم الأقرب إلى الله، وجماعاتهم يسمون أنفسهم «أهل الله»، مع أنه لم يرد في الدين ما يتكلم عنه المتصوفة من تفاسير لـ«بواطن القرآن الكريم»، ولا في صحيح الإسلام كلام عن علاقة ما بين حروف المصحف وبين أحجار «خفية» في حوائط مراقد أهل البيت.. وبؤر مقدسة في أضرحتهم.

الشيعة يستخدمون الصوفية.. والصوفية تلبسهم «التشيع».

الثورة الإسلامية الإيرانية حولت المتصوفة في الثلاثين عاما الأخيرة، إلى «مسخ» سياسي في إطار ديني «شعبي».. الثورات الدينية عادة ما تكون مصحوبة بانقلابات اجتماعية.. في «الانقلابات» يلجأ العوام إلى «دين خاص» يعيدون صياغة مسلماته بأنفسهم.

سياسة الشيعة هي التي ساهمت في توجهات المتصوفة، دون أن يلحظ الأخيرون، فتحقق ما تكلم عنه «دور كايم» من ظهور طبقات تتأرجح بين الفكر الديني وبين فكر العوام!

سريان التصوف في الشارع المصري وبين جماعاته.. وموالده.. وطرقه الخطر القادم.
الجريدة الرسمية
عاجل