رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

من «النزلة» إلى الشرطة: ممنوع الدخول بـ«الفيوم»

مبني محافظة الفيوم
مبني محافظة الفيوم

قرية النزلة التي تبعد ما يقرب من 35 كيلو مترا عن مدينة الفيوم وتتبع إداريا مركز يوسف الصديق، هي المكان الأوحد في محافظة الفيوم الذي لم يفكر الأمن في دخوله سواء قبل ثورة 25 يناير أو بعدها، فقبل الثورة كانت في حماية أمين عام الحزب الوطنى المنحل الدكتور يوسف والى أحد ابناء القرية، وبعد الثورة تطور العمل في القرية من صناعة البمب والصواريخ والشماريخ إلى صناعة العبوات الناسفة والعبوات الصوتية والدخان.


وتباع العبوات الناسفة وعبوات الصوت أو الدخان بأسعار تبدأ من 150 جنيها حتى 1200 جنيه على حسب وزن العبوة، وعجزت الشرطة عن وقف هذه الصناعة، ومطاردة صانعيها لأسباب كثيرة، فقبل الثورة كان ممنوعا على أي شرطى الدخول إلى القرية لاعتبار أن ذلك إهانة للنائب كما يطلقون على الدكتور يوسف والي، نائب رئيس الوزراء، وزير الزراعة، الأمين العام للحزب الوطنى -وقتها.

بعد ثورة 25 يناير لم تتمكن الشرطة من التوصل وإيقاف صناع المفرقعات لأنهم يقيمون في المدافن، وتخشى الشرطة من الدخول إليهم، خوفًا من أن تتم محاصرتهم، خاصة أن المدافن محاطة بأراض زراعية يسهل عن طريقها هروبهم دون أية خسائر، وسبق أن حاولت قوات الأمن مطاردتهم في المدافن إلا أن العبوات الناسفة أحاطتهم من كل اتجاه فاضطروا إلى الانسحاب.
أما عن مصادر المواد الخام للعبوات الناسفة، فهناك ثلاث طرق للوصول إليها، الأول شراؤها من أحد الكيميائيين، والطريق الآخر الشراء من حارة اليهود بالقاهرة، أما الطريق الثالث فهو التهريب من الصين عن طريق البحر ثم الدروب الجبلية.

وفى الغالب هم لا يميلون إلى استخدام الخامات الصينية لأنه حسب قولهم، الصين تصدر الموت لأن المتفجرات الواردة من الأنواع الرديئة مما يتسبب في انفجارها، وقتل عدد من أبناء القرية بسببها وذلك أثناء تصنيعها.
جدير بالذكر أن أغلب منازل القرية تحولت إلى مصانع للمتفجرات، وأن أطفال القرية «يشربون الصنعة منذ طفولتهم لتواجد المصانع داخل منازلهم».

وأكد اللواء ناصر العبد، مدير أمن الفيوم، أنه منذ اليوم الأول لتوليه المنصب شكل فريق عمل لإعداد دراسة أمنية وافية تمكن المديرية من اقتحام كل أوكار تصنيع الألعاب النارية والقضاء عليها خلال الأشهر القادمة.
«العبد» أشار أيضا إلى أن الأجهزة الأمنية تمتلك كل التفاصيل عن هذه المهنة ومن يعملون بها كما أن لديهم خريطة كاملة عن صناعة الألعاب النارية بالفيوم.
تجدر الإشارة هنا إلى أن صناعة «الألعاب النارية» دخلت القرية في بداية ثمانينيات القرن الماضى، ووجد الفقراء والغلابة فيها فرصة لتشغيل الأطفال والنساء بأجر مجز.

أحد العاملين في هذه المهنة «رفض ذكر اسمه» تحدث عن مخاطر عملهم في صناعة «الألعاب النارية» بقوله: « أنا وغيرى فقدنا أجزاء من أجسامنا، منا من فقد ذراعا أو قدما أو عينا ومنا من مات بعد أن تحول إلى أشلاء خلال تحضير المادة ».
وعن أسباب الانفجارات أكد أن المادة المفرقعة تتكون من أكثر من مادة يتم خلطها بكميات ونسب محددة في عملية أطلقوا عليها اسم «المعايرة».

وأشار أيضا إلى أنه أثناء عملية التصنيع يتم غلق كل الأبواب والشبابيك، وأى مصدر للتيارات الهوائية أو أي مصدر للحركة لأن أقل احتكاك حتى لو كان مجرد نفخة هواء من فم شخص تؤدى إلى الانفجار «لكن لأننا تعودنا عليها فنقوم بها بسهولة لكن قد يسهو على من يقوم بالعملية لأى سبب من الأسباب فيحدث الانفجار» على حد قوله.

وتابع: «ولأن المنتج محرم قانونا فعلى صاحب الورشة أن يتفنن في إخفاء إنتاجه الذي تصل أسعاره لمئات الآلاف من الجنيهات، رغم أن التكلفة لا تزيد على مئات الجنيهات، وعادة كل المنتجين لهم مخازن في مقابر القرية المجاورة لمنطقة «الربع» لصعوبة الوصول إليها من قبل الشرطة في حاله حدوث حملة للتفتيش.. وهو ما لا يحدث كثيرًا ما جعل أهالي المنطقة يباشرون عملهم بهدوء وراحة بال.

كما أشار أيضا إلى أن إنتاج «النزلة» من المفرقعات تطور كثيرا في السنوات الأخيرة، فبعد أن كان مقتصرا على «البمب» ووصلت القريه إلى مرتبة المنتج الأول للبمب على مستوى الجمهورية، إلا أن دخول المتعلمين إلى المهنة ومنهم كيميائيون وصيدلى «صاحب التركيبة» كان سببا رئيسيا في تطوير الإنتاج حتى وصل إلى أحدث الألعاب النارية، مثل صناعة الصواريخ والشماريخ التي تستخدم في مباريات كرة القدم والأفراح، هذا بالإضافة إلى منتج جديد دخل الأسواق الآن يطلق عليه ( الكوز) وهو منتج لا ينفجر لكن يولد أدخنة ملونة بكل الألوان.

تجدر الإشارة هنا أيضا، إلى أن عناصر جماعة الإخوان المسلمين، المصنفة الإرهابية، وجدوا ضالتهم في «النزلة» بعد ثورة 30 يونيو عندما قرر تطوير صناعة الألعاب النارية، وبدأوا في تصنيع العبوات الناسفة والعبوات الصوتية، ووافق صناع «البمب» على التحول لما فيها من زيادة في الدخول وتضاعفت قيمة المتفجرات أكثر من 10 أضعاف.
Advertisements
الجريدة الرسمية