رئيس التحرير
عصام كامل

بهاليل البرلمان أخطر على النظام من نفسه (1 )


دون الدخول في تفصيلات قانون مباشرة الحقوق السياسية والذي اعترض عليه أغلبية الساسة في مصر، فإن وجود برلمان خطوة مكملة وأساسية لنظام أي دولة حتى وإن كان شموليا استبداديا... لكنه يجب أن يكون برلمانا حقيقيا بالمعنى المتعارف عليه في كل دول العالم، أي مجلس رقابى يحاسب ويراقب الحكومة ويقيم أداءها ويسحب منها الثقه بل يسحب الثقة من رئيس الدولة كما هو الحال في كثير من الدول... وبالمناسبة يوجد نص دستورى مماثل يمنح الحق لأعضاء البرلمان المصرى القادم سحب الثقة من رئيس الجمهورية بل عزله والدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة!


وهنا يكمن الخوف الذي ارتقى لدرجة من الفزع، لا من رئيس الجمهورية والذي لم يتحدث في هذا الأمر مطلقا بشكل علنى، لكن من الأبواق التي تتحدث باسم الدولة والرئاسة، تهدد من تشاء وتتوعد من تريد، تفتح محاكم تفتيش تصل بها للنبش في الضمائر صارخة بأنها في مركز قوة يسمح لها بالتحدث عمن تريد مخونة كل من يفكر ولو للحظه في معارضة الرئيس أو السير ضد اتجاه النظام، وهذا هو الخطر الحقيقى.. كيف ذلك ؟

مبدئيا.. هناك عدة حقائق لا بد من التفكر في دلالتها وليس في وجودها قبل انعقاد المجلس النيابى المزمع انعقاده قبل نهاية العام وفقا لتصريحات رئيس الوزراء أولها أن الكثيرين من القوه التصويتية الهائلة في مصر قد فقدت جل اهتمامها بأى استحقاق إنتخابى قادم وذلك لأسباب عديدة منها أن السياسة نفسها قد ماتت واندثرت ولم يعد هناك صوت مسموح به سوى صوت من يقزم من جسامة الأمور ويحقر من مشاكل الناس مؤكدا أن (كله تمام) وأن من يقول غير ذلك فهو بالطبيعة إما خائن أو عميل أو إخوان أو الثلاثة معا !

يدرك الكثيرون ويوقن بعضهم بأنه (مفيش فايدة) وأن الدولة أو النظام أو كل من هو في السلطة دون تفصيلات أو تعقيدات سلطوية يفعل ما يشاء بالقانون وبالمواطن دون الرجوع إليه، خذ مثلا بسيطا على ذلك قانون الخدمة المدنية الذي تم تطبيقه على القطاعات الأضعف في الهيكل الإدارى للدولة وإعفاء كل من له علاقه مباشرة بالحكومة والنظام بل ومنحه مزايا وبدلات وحوافز و( تدليل ) شبه يومى يستفز كثيرا من الشعب الذي يعرف ذلك ولا يقدر على البوح إلا في المقاهى والأسواق الشعبية، أو في وسائل المواصلات العامة عير الآدمية أو الجلسات الخاصة أو على صفحات التواصل الاجتماعى التي تراقبها الحكومة وتعرف محتواها ولكنها مع ذلك تعتبر كل هذا غير موجود مطلقا.. ! وربما كانت دهشة السيد محلب الشهيره عند زيارة معهد القلب مثالا لذلك ونموذجا كاشفا أيضا لسخرية الشعب من وضع ( كله تمام ) !

ثانيا، لقد خرجت الكتلة التصويتية الأعلى وهم الشباب من سباقات التصويت منذ ما يقرب من ثلاث سنوات لخيبة أملها في مكونات النظام وارتباطهم تشاعبيا بالمصالح المحسوبة بينهم وخروج الشعب وليس فقط الشباب من اللعبة ،أعنى بهم وقتها ثلاثية الإخوان والنظام وبعض القوى المحسوبة على التيار المدنى، لذا فالقوة الأكبر تأثيرا وعددا لن تشارك في هذا العرس الديمقراطى!

ثالثا، ما تبقى من قوى سياسية غير محبطة مشاركة في أي شىء وغير مكترثة بأى شىء غير مصالحها، هما اثنان فقط من فئة ( بهاليل ) السياسة من الانتهازيين وتجار الأوطان والديان وأعنى بهم بقايا نظام مبارك الذين يتغنون بكل شىء يحدث حتى وإن كانت قرارات بالغلاء المباشر أو التدنى بمستوى معيشة المواطن وإخوانهم في التزلف للحاكم، أي حاكم، من الإخوة المتسلفين أدعياء الوصاية على دين العباد والذين يحرمون ليس فقط الخروج على الحاكم بل خروج الصوت من الحناجر اعتراضا على الحاكم ما دام يقيم فيهم الصلاة ويتركهم لهم نصيبهم من الدنيا قبل الدين !

بالطبع هؤلاء جميعا فقدوا رصيدهم عند أغلبية الشعب لأن الواقع كشفهم جميعا ولم يعد هناك أحد مغيب في هذا المجتمع، الجميع يعرف الحقيقة ويقنع بما يتوافق مع مصلحته وفقط، ولكن هؤلاء هم الموجودون فعليا على الساحة ولا يوجد بديل عنهم الآن وربما لفترات قادمة، لذا فالأقرب للمنطق هو عدم الإقبال على الانتخابات القادمة والتي تأخرت كثيرا جدا والتي ستنحصر بين رجال اللحى ورجال مبارك في معزوفة نشاز مقززة يتبادلون فيها المقاعد والمصالح وهذا هو الأخطر على النظام... كيف ذلك في المقال القادم بإذن الله غدا.
Fotuheng@gmail.com

الجريدة الرسمية