رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

فياجرا حزب النور!


سألني وابتسامة خبيثة تلوح على شفتيه: هُما ماعندهمش فياجرا؟.. كان المفترض أن أمنحه إجابة، لكني سألته بدوري: هُما مين؟.. حزب النور يا عم.. وحزب النور ده بتاع برلمانات وحكومات، ومنح لهارفارد وعربيات تحت الكباري، واللا بتاع فياجرا وترامادول وسيبتازول؟.. قال لي بعد ضحكة طويلة مجلجلة: أنت شكلك مش عايش في الدُنيا!


شرح لي الأمر سريعًا، وقال إن حزب النور قرر بالتزامن مع بدء الحملات الانتخابية الخاصة بمجلس النواب المُقبل، طرح عقار سوفالدي لعلاج فيروس C لمَن يضمن أن يمنحه صوته، يعني تجيب صوتك نديلك السوفالدي، طيب لو مش هتجيب صوتك؟.. بكُل بساطة تولع بجاز أنت وكبدتك وكلاويك وممبارك، ونخرَّط عليهم بصلتين وقرنين فلفل حامي، ونبيعهم على أقرب عربية في التوفيقية!

كانت مُعاناة مُحدثي تكمُن في أنه معندوش أي مشاكل في الكبد، لذا فقد فكَّر في البديل، أكيد لازم يستفيد من العرض السخي، طيب مالها الفياجرا عيوبها أيه؟.. ما يجيبوا فياجرا للي زينا وياخدوا أصواتنا، وكان الدور عليَّا علشان أسأله: يعني تبيع بلدك ومبادئك بقرصين فياجرا؟.. أجاب بإباء وشمم: لأ طبعًا.. مش هقبل بأقل من كرتونة كاملة، بس تكون فياجرا أصلي، إحنا مش ناقصين فضايح!

في الماضي كانت مطالب الناس محدودة؛ بسبب انعدام المُنافسة الحزبية والبرلمانية، يعني شوية رُز، إزازة زيت، حبِّة عدس، الدُنيا زي الفُل، كدة كدة فيه حزب وطني مسيطَر بالعافية والدراع، يقوم بتصحيح أخطاء الناخبين وتصويب أصواتهم للاختيار الحتمي المطلوب، وإحنا وقتها مش عاوزين غير شويِّة كراسي، أما الآن فالفتَّة تستحق، واللحمة على وشَّها كتير هبر هبر (مش تقول لي كبدة)، ولو صرفت مليار جنيه علشان تاخُد أغلبية في البرلمان، فسيكون بمقدورك السيطرة على الفتَّة كُلَّها، طيب يا عم مادام الموضوع كدة، ما تبسطها على العالم حبتين، وبعدين فيه ناس مالهاش في سكة الفياجرا، شوف لهم شوية حشيش، حبة بانجو، لحستين أفيون بس من الإيراني الحلو ده، ومادام إيراني يبقى تبع الثورة الإسلامية، فهو مش حرام طبعًا!

إخواننا في حزب النور لا يختلفون كثيرًا عن إخواننا في باقي الأحزاب، كُل واحد عاوز مصلحته، وده أمر لا يُمكن نختلف عليه، وهي السياسة أيه غير لعبة أنانية قذرة؟.. طيب ليه ماتوزعوش صابون لوكس ومسحوق إيريال أتوماتيك؟.. قال لك مش عاوزينها تنضف وتزحلق، طيب يا مولانا لو أنا كبدي سليم، وقلبي زي الحديد، وصدري ميَّة ميَّة لا بشرب بانجو ولا حتى عايز فياجرا، مُمكن تعمل لي لينسيس ألوان؟.. واللا في الإمكان تعملوا لي عملية الليزك لتصحيح البصر علشان أقلع النضارة نهائي؟.. طبعًا، ولو عاوزنا نعمل لك دقنك دوجلاس كمان على حسابنا مفيش أي مانع، المُهم صوتك أمانة!

شبيك لبيك حزب النور بين أيديك، أي أمنية عندك يحققها لك، الست إللي عمالة تدخُل في جمعيات هايفة بقالها كام شهر علشان تجيب الديب فريزر، صوتِك أمانة لحزب النور يا مدام، والديب فريزر يوصل لحد البيت، ومعاه اتنين كيلو بامية مجمِّدة ومقمَّعة، الحزب هيقمَّعها بنفسه، ولو خليتي الأستاذ يجيب صوته راخر هانحُط اتنين كيلو لحمة جنب البامية، ومعاهم شوية كوسة متقورين عَجَب، عندنا قسم تقوير كوسة عجب بما لا يخالف شرع الله، الأخ إللي عاوز يغيَّر موبايله، أيه رأيك في حتَّة هواوي مع كارت شحن بخمسين جنيه؟.. بس أيدك معانا هنا في الانتخابات الله يكرمَك، ويكتَّر من واتساتك وفايبراتك!

أنت يا كابتن مابتصليش ليه؟.. تعرف أنك كدة هتدخُل النار؟.. تعمل أيه؟.. لازم تصلي طبعًا الوقت بوقته في الجامع، يعني أيه ماعندكش وقت، خلاص فيه بديل سهل، صوتك لمرشح حزب النور في الانتخابات الجاية، لأ طبعًا، مش هتحتاج تصلي تاني خلاص، أنت كدة ضمنت تدخُل الجنة، بالمُناسبة في الانتخابات الجاية هات صوتك برضو وبلاش تصوم رمضان تاني وتتعب نفسك في الحَر والقرف، وحُط في بطنك بطيخة صيفي، أنت في الجنة حدف إن شاء الله، ولعلمك لو جبت صوتين كمان معاك سواء من قرايبك أو أصحابك، هنضمن لك أنك لما تموت تبقى شهيد، حتى لو كانت وفاتك وأنت نايم على سريرك بتقرا مجلة الشبكة بعد ما تخطيت الثمانين من عُمرك!

ولماذا الهجوم على حزب النور بالذات؟.. لسببين، أولهما هو أنه أول مَن بدأ موَّال الرشاوى الانتخابية الصريحة وبكُل سفور، وبدون حتى أي تحفُظ أو نصاحة ولا مواراة، مؤكدًا - عن طريق ذلك - أنه يخوض صراعا عنيفا لا للفوز بكيان برلماني قوي قادر على إدخالنا في ديلمة مرمغة الدين في السياسة مجددًا - للأسف - فحسب، لكنه صراع بقاء حقيقي للحزب نفسه، ولتيار اللاوطنية الذي يُمثله (فاكر ازدراء السلام الجمهوري؟)، والمخلوط بخلطة دينية سطحية استغلالية على طريقة الغاية تبرر الوسيلة!

أما السبب الثاني، فيُمكن أن يتلخَّص بشكل عام في كلمات الراحل (فرج فودة) حينما قال: "العلمانية ليست إنكارًا للأديان، لكنها إنكار لدور رجال الدين - بصفتهم رجال دين - في إدارة سياسة الدولة أو توجيهها".. عبارة تُلخِّص كُل شيء، فقط لمَن أراد أن يفهم، ولمَن فضَّل الابتعاد عن رشاوى السوفالدي وعصير الليمون!
Advertisements
الجريدة الرسمية