رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

دكتور عبد الحليم نور الدين: خرجت من وزارة الآثار في عهد عبد الناصر لأنني رفضت طلبا لمسئول بمكتبه

فيتو

  • >> تجارة الآثار أكثر ربحا من المخدرات
  • >> المتاحف عرضة للسرقات يوميا 
  • >> آثار مصر تعيش أسوأ عصورها
  • >> دخل السياحة الأثرية ضعف قناة السويس
  • >> الزحف العمرانى والزراعى غطى مناطق أثرية كثيرة
  • >> الدولة مشغولة فقط بالاقتصاد والسياسة والكهرباء والانتخابات
  • >> مصر لا تقدر العلماء واعتادت إهدار قيمتهم
  • >> وضعت آلية لتأمين متاحف مصر لكنها تحتاج لـ500 مليون جنيه
«متاحف مصر تعيش أسوأ عصورها».. جملة صادمة أصر الدكتور عبد الحليم نور الدين رئيس اتحاد الأثريين العرب ومقرر لجنة الآثار بالمجلس الأعلى للثقافة، على تأكيدها، لافتا النظر في الوقت ذاته، إلى أن غالبية المتاحف تفتقر لأبسط المقومات الأساسية من تأمين كافٍ وعرض متحفى يليق بقيمة الآثار الموجودة داخلها، مشيرا إلى أن دخل السياحة الأثرية ضعف دخل قناة السويس، ورغم ذلك الدولة لا تقدر قيمتها.

مشكلات المتاحف في مصر، ومتطلبات انتعاشها والحفاظ على ما تحتويه من آثار، والسرقات وكيفية مواجهتها.. أسئلة أجاب عنها «نور الدين»، في حواره مع «فيتو»، فإلى نص الحوار..

> بداية.. بما تصف حال المتاحف المصرية في الوقت الحالي؟
المتاحف في مصر تعيش أسوأ عصورها، فهى تفتقد للحد الأدنى من الأمان، وكثيرا منها مغلق منذ أيام زاهى حواس، ومحمد إبراهيم، مثل متحف ملوي، والمنصورة، وغيرهما من المتاحف التي تمثل قيمة أثرية كبيرة، وهو ما يعكس سوء وضع الآثار في بلادنا.

فهناك متاحف كثيرة لا تزال تفتقد للحد الأدنى من المقومات الأساسية، والغريب أن المسئولين يخرجون علينا عقب ضرب المتاحف يطالبون بتأمينها، لذا أقول إن المتاحف تحتاج لتأمين جزئى وكلي، وأجهزة إنذار على أعلى مستوى، فسرقة لوحة زهرة الخشخاش من متحف محمود خليل، سببها الأساسى عدم وجود كاميرات مراقبة وأجهزة إنذار، وتأمين يقدر حجم الثروات الموجودة بالمتحف، وهناك أيضا متحف ملوي، حيث سرقت منه ألف قطعة في ساعة واحدة، والكارثة الأكبر هي أن الآثار المسروقة غير المسجلة تضيع تماما إذا لم يتم ضبطها وإعادتها للجهات المسئولة.

> هل هناك خطوات حال اتخاذها من الممكن أن تساهم في إنعاش حركة سياحة المتاحف؟

في مصر لا يوجد حس متحفى قوي، أو إحساس بقيمة المتاحف، فنفتقر إلى أساسيات العرض المتحفى من إضاءة وتكييف وجودة الأرضيات، فنحتاج إلى حس بقيمة المتاحف من خلال التأمين من الخارج والعروض من الداخل، وفى الوقت ذاته نحتاج لإمكانيات بشرية تقدر التعامل مع المتاحف، وتفهم الإدارة المتحفية، أسوة بالمتاحف الموجودة في الدول الأوربية.

> ما تعريفك للعمل المتحفي؟
العمل المتحفى يشمل إنشاء متاحف جديدة وتطوير القائم، بالإضافة إلى المعارض الخارجية، والأهم تأهيل العاملين بالمتاحف وتدريبهم على التوثيق والتسجيل والترميم، هذه الخطوات سوف تقضى على جزء كبير من المشكلات وانتعاش السياحة الأثرية وسوف تنعش السياحة الشاطئية والثقافية وغيرهما.

> لماذا لا تتم الاستعانة بالخبراء في مجال تطوير المتاحف؟
المسئولون في مصر، وكل من يجلس على كرسى وزارة الآثار، يتصور أنه ليس بحاجة لنصيحة من أحد، وأنه أدرى بشئون وزارته، فلا أتذكر أنه تمت استشارتى في شيء خاص بالآثار رغم علم المسئولين بخبرتي، مع الأخذ في الاعتبار أيضا، أن أغلب من يعملون في هذا القطاع تلاميذي، وقد تم اختيارى لوضع المادة الخاصة بالآثار في الدستور الجديد.

مصر للأسف لا تقدر العلماء، واعتادت إهدار قيمتهم، ولا يستمع المسئولون للمستشارين الأثريين المعروفين بالخبرة وتحذيراتهم المتكررة.

> هل تعنى أن الدولة لا تهتم بآثارها؟
الدولة المصرية مشغولة فقط بالاقتصاد والسياسة والكهرباء والانتخابات، وتهمل السياحة الأثرية التي يقدر دخلها السنوى في حالة انتعاش السياحة بـ14 مليار جنيه، أي ضعف دخل قناة السويس، وعلى الرغم من ذلك يهتمون بالقناة، في الوقت الذي لديهم فيه كنز يمكن أن يستغل ويحقق أضعاف دخل القناة، بالإضافة إلى أن السياحة الأثرية لها مردود ثقافى على أبناء الوطن وتعرفهم بتاريخهم، وهذا تفريط من الحكومة المصرية في قيمة الآثار.

> هل توجد إحصائية بعدد المتاحف المغلقة؟
هناك العديد من المتاحف المغلقة في مصر، لكن لا أحد يمتلك إحصائية ثابتة بعددها، كما أن المسئولين لا يصدرون بيانا رسميا بذلك ولا يريدون أن يعلنوا الحقيقة، فنحن لا نمتلك الحد الأدنى من المصداقية، وعليه أطالب بأن تشكل لجنة لاستعراض متاحف مصر والتعرف على حالتها.

> وماذا عن أضرار استمرار غلق المتاحف؟
استمرار غلق المتحف يعيب الإدارة والمسئولين، والأخطر من ذلك قد يهدد بتلف القطع الأثرية الموجودة داخلها؛ بسبب طول مدة التخزين، لذا يجب أن تسرع الدولة في إنهاء أسباب غلق تلك المتاحف، وترميم ما يحتاج منها.

> هل توجد قيمة مالية دقيقة لآثار مصر؟
مصر تمتلك آثارا بمليارات الدولارات، لكن لا يوجد تحديد قيمة مالية دقيقة لها، خاصة أن المعروض بالمتاحف غير الموجود في المخازن، لكن في العموم هي ثروة قومية يجب أن نحافظ عليها.

> بعد الثورة انتشرت ظاهرة سرقة الآثار.. كيف ترى هذه الظاهرة؟
غياب الأمن يعنى ظهور اللصوص، فكثرة سرقة الآثار في الفترة الأخيرة مع تردى الأوضاع الأمنية والتقلبات السياسية في البلاد، حتى أن مسئولين كبارا في الدولة هرّبوا آثارا خارج البلاد، وجنوا ثروات مالية طائلة، فتجارة الآثار أكثر ربحا ورواجا من تجارة المخدرات، وكان سبب خروجى من وزارة الآثار مرتين محاولات تسريب وسرقة وتعد بالبناء على مناطق أثرية، حتى أنى خرجت من الوزارة في عهد عبد الناصر عندما طلب منى أحد مسئولى مكتبه وضع تقرير يقول بعدم وجود آثار بمنطقة بعينها، كان يريد أن يحولها إلى فيلا.

> في رأيك.. كيف يمكن التصدى لهذه الظاهرة؟
من الصعب أن تتوقف سرقة الآثار بشكل نهائي، لكن يمكن الحد منها من خلال إحكام القبضة الأمنية على منافذ الخروج من مصر، واستحداث وسائل التفتيش، بالإضافة إلى وجود قانون رادع يعتبر من يسرق آثار مصر خائنا؛ لأنها ملكية عامة لا يجوز العبث بها، أو التهاون مع من يسرقها، فضلا عن إنشاء مخازن حصينة جدا مزودة بكل أشكال الأمان من قوة بشرية وأجهزة إنذار حديثة.

> وماذا عن القانون؟
لا يوجد شيء في مصر دون قانون، فهناك قانون للتصدى لتجارة أو التعدى على الآثار وهو قانون «117 لسنة 1983»، وآخر صدر في فبراير 2010، لكن جميعها قوانين غير مفعلة، وذلك بسبب ضعف الوعى الأثري، وضعف الإمكانيات المادية والبشرية التي تستلزمها حماية متاحف تحتوى على كل هذه القيمة التاريخية، كما أن هناك ثقافة سائدة بأن من يجد قطعة آثار تكون ملكا له، وهذا على العكس تماما، فآثار مصر ملك الأمة وليست ملك أشخاص.

> ما متطلبات إنشاء منظومة أمنية لحماية الآثار؟
وضعت آلية لتأمين متاحف مصر عندما طلب منى ذلك، لكن هذه الآلية تحتاج لـ500 مليون جنيه، وتشمل تأمين جميع المناطق الأثرية، وإنشاء منظومة تأمين شاملة، وأتمنى أن تفرغ الدولة جزءا من وقتها للاهتمام بمتاحف مصر، ويتشاور المستشارون مع الخبراء لإعادة المتاحف لسابق عهدها، ولاستغلالها بالشكل المطلوب، فتجميل المتاحف وحمايتها سوف يعود بنفع كبير على مصر.

ويجب أن نضع في الحسبان مشكلة كبيرة، وهى أن مصر كلها تقريبا منطقة أثرية، وبمساحات شاسعة، فهناك تلال هائلة في محافظات المنيا والفيوم ومطروح وكفر الشيخ والبحيرة والبحر الأحمر، لذا يجب التعامل مع مشكلة التأمين بشكل جدي.

> هل توجد مشكلات نوعية أخرى تهدد الآثار؟
المشكلات التي تهدد الآثار كثيرة ومتنوعة، فمنها المياه الجوفية والصرف الصحي، وعمليات التنمية المستمرة، كما أن الزحف العمرانى والزراعى غطى مناطق أثرية كثيرة.

> لكن.. هل تتعارض التنمية مع حماية الآثار؟
المعادلة بين التنمية والحفاظ على الآثار مسألة صعبة، لكن يمكن أن نتلاشى المناطق الموجود بها آثار، ونبحث عن بدائل سواء للبناء أو الزراعة، وليس في المناطق الأثرية.
Advertisements
الجريدة الرسمية