رئيس التحرير
عصام كامل

مريم ومحلب.. وإعلام الـ«3 ورقات»


انتصرت الطالبة مريم ملاك ذكري تادرس على وزارة التربية والتعليم بفعل إعلام الـ "3 ورقات"، وفضائيات الهزل، وخرق مواثيق شرف كل المهن.. وانهزمت "التربية والتعليم" بفعل البطء الرهيب والخوف المريب، اللذين تعامل بهما المسئولون في الوزارة مع القضية التي تحولت، بفعل غياب الثقة لدى الناس في الحكومة (أي حكومة)، و"توهان" المتحدث الرسمي، الذي استدعاه الرافعي، بعد أن استبعده أبو النصر، إلى قضية رأي عام، و"مظلومية مجتمعية مروعة".


أحيي موقف البابا تواضروس برفضه استقبال الفتاة، حتى لا يؤكد ما يتردد من أن قضيتها أخذت بعدا طائفيا.. البابا كان أشد ذكاء من رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب.. عجيب جدا أن يتدخل محلب لتطييب خاطر البنت وأهلها ومحاميها، رغم أن أمرها ما زال معروضا على القضاء، بعد أن طعن محاميها على قرار النائب العام بحفظ القضية، استنادا إلى تقرير الطب الشرعي.. هل اعتقد أنه بذلك يهدئ الأوضاع؟! لم يحدث ذلك بل إنه صب مزيدا من الزيت على النار.. وبدلا من تجديد الثقة في وزيره، تسرع، كعادته، متقمصا دور "شيخ العرب"، ومتبعا سياسة "الطبطبة، وتهدئة الخواطر" التي لم تحصد سوى الفشل الذريع في كل مرة (مثلما فعل مع عصام الأمير وصفاء حجازي)

موضوعنا هو الإعلام.. الفضائيات مارست ابتزاز مشاعر المشاهدين، ومواقع إلكترونية هرولت، بالأكاذيب، والأغاليط، لجني "الترافيك"، دون أدنى اعتبار لرسالة الإعلام السامية، ومهنيته الراقية.

أبسط القواعد التي يدركها أقل مبتدئ في المجال، أن يقوم باستطلاع وجهة نظر الطرف الآخر.. المدعي والمدعى عليه.. الجاني والمجني عليه.. الظالم والمظلوم.. والإنصات لوجهتي النظر.. الادعاء والدفاع.

لم يهتم أحد بالاستماع لدفاع مسئولي الكنترول عن أنفسهم.. لم يشغل أحد دماغه بمعرفة خط سير الورقة الامتحانية، من أول لحظة يتسلمها فيها الطالب إلى إعلان النتيجة على الملأ.. هذا ما فعلته "فيتو".. بذل الزميلان عاطف فاروق ومحمود علوان مجهودا كبيرا، حتى استطاعا إقناع رئيس كنترول أسيوط "أ"، الذي امتحنت أمامه "مريم"، ومساعده، بالمثول أمام محكمة الرأي العام، والمجتمع المشرئب لمعرفة الحقيقة، دون مزايدات.. وعرضنا أوراق الإجابة الخاصة بمريم (هكذا قال الطب الشرعي)، واستعرض الرجلان كل المراحل بالتفصيل، ومنها تأكدنا أن تبديل أوراق الإجابة في عداد المستحيل.. ويحتاج إلى ساحر أو قوة فوق البشر ليفعل ذلك.

ما لفت انتباهي، وأثار حزني، أن الرجلين كادا يبكيان، وهما يذكران ما يتعرضان له من ضغوط، وإحراج، أمام أبنائهما وأهلهما في الصعيد.. وكشف رئيس الكنترول أن لديه توءما، ولدا ونتا، في الإعدادية، وليس كما زعم محامي الفتاة، في الثانوية، وفي نفس لجنة مريم!

الرجلان تحملا، ولا يزالان، ما لاتطيق الجبال، وهما أشبه بالملاكم من وزن "الريشة"، وقد أوقعه حظه العاثر مع ملاكم من وزن الثقيل، وتخيلوا معي كم الضربات وشدتها، بالتأكيد لن يصمد سوى دقائق معدودات.. دون دعم معنوي ولا مساندة من الوزير ولا رئيس الوزير.. كان الله في عون رئيس الكنترول ومساعده!

أما إعلامنا، فإن بعض أفراده في أمس الحاجة لمعرفة الفرق بين التعليم والتعتيم.. بين الحقيقة والشائعة.. بين أن تكون محاميا للشعب، وأن تنصب من نفسك قاضيا دون مسوغ.. بين أن تتقصى الأسرار وتفتش عن الأدلة، وأن تصدر أحكاما مسبقة، متسرعة.. بين أن تلتزم الواقعية والمنطقية في تحليلاتك وتقاريرك، وأن تقتحم الحياة الخاصة للناس.. بين أن تحقق نجاحات بشرف ونزاهة وترفع، وأن تستنزف المشاعر، وتخدع المشاهد من أجل الوصول لهدف لا يستحق إزهاق الأرواح، وتشويه السمعة، ورمي الشرفاء بالباطل.

الكلمة نور.. وبعض الكلمات قبور.. مفتاح الجنة في كلمة.. ودخول النار على كلمة.. وقضاء الله هو الكلمة.
أتعرف ما معنى الكلمة؟.. الكلمة لو تدري حرمة.. زاد مذخور.. الكلمة نور.. وبعض الكلمات قبور.
بالكلمة تنكشف الغمة.. الكلمة نور ودليل تتبعه الأمة.

الجريدة الرسمية