رئيس التحرير
عصام كامل

المتسبب الحقيقي في «صفر» الطالبة مريم!


ماذا تفعل لو عرفت المتسبب الحقيقي في كارثة «طالبة الصفر» مريم ملاك ذكري؟.. أتوبخه، تشتمه، تلعنه، تقطعه بأسنانك، تطالب بإعدامه في ميدان عام؛ ليكون عبرة لمن يعتبر، أم تعفو عنه وتلتمس له العذر؟!!


قبل أن تنزلق في الإجابة، وتتهم «المراقب»، أو «رئيس اللجنة»، أو «نائب رئيس الكنترول»، أو أو أو.. اسمح لي أن أخبرك بأن «الفاعل» هو أنا، وأنتَ، ونحن، وهو، وهي، وهؤلاء الذين يربون أبناءهم على الغش والتزوير، واستمراء أخذ حقوق ليست لهم.

فأنتَ - أيوة أنتَ - كم مرة حاولت «تغشيش» أبنائك؟.. كم مرة توددتَ إلى المراقبين، وعرضتَ عليهم «رشوة»، (مال، هدية عينية، عزومة، سيجارة سادة أو محشية)؛ لـ«ياخدوا بالهم من ننوس عين أمه»؟.. كم مرة اعتديت على مراقبٍ؛ لأنه لم يسمح لنجلك بالغش؟.. كم مرة لعنت «سنسفيل أبو المراقبين»؛ لأنهم «ماسكين اللجنة»؟ كم مرة رقصت على أنغام «فرتكة فرتكة»؛ لأن ابنك البليد «انتشل» الإجابة من زميله المجتهد؟

ثم - وهذا هو الأهم - ماذا تفعل لو عرض عليك أحد نجاح ابنك «الفاشل» في الثانوية العامة نجاحًا يضمن له الالتحاق بإحدى كليات القمة، مقابل حفنة من الجنيهات؟

لا أنتظر منك إجابة على الملأ؛ حفاظًا على صورتك أمام الناس، لكنني سأتركك لـ«ضميرك» وأنت ترى نفسك في المرآة.

في الماضي كان الفساد «استثناءً»، ثم صار - الآن - «قاعدة».. بدأ «عشوائيًا» ثم أمسى «ممنهجًا».. «الغش»- يا سيدي- صار «سيد الأخلاق»، أصبحتَ ترى صوره أينما وَلَّيتَ وجهك، أو ذهبت إلى أي مكان لقضاء شأنٍ من شئونك.

فكم من أستاذ جامعي «سطا» على مجهود غيره؛ ليترقى إلى درجة وظيفية أعلى؟!.. وكم من جهة رسمية «تلاعبت» في التقارير؛ لتداري على فضائحها، وتجاوزات قياداتها؟!.. وكم من موظفٍ تورط في «تزوير» محررات رسمية؛ ليعطي مَنْ لا يستحق حق غيره؟!.. كم من نائبٍ برلماني فاز بـ«التزوير»، و«تبجح» بنجاحه أمام الجميع؟!.. كم من مواطن «زوَّر» أوراقه؛ ليسافر إلى دولة أوربية؟!.. وكم من «امرأة» زوَّرت في عمرها؛ لتبدو أصغر من سنها؟!

«التزوير» أصبح شعار المرحلة، ودليلا على «انحطاطنا».. انحطاطنا التعليمي، والعلمي، والفكري، والسلوكي، والأخلاقي، والسياسي، والديني.. وفي الوقت الذي كنا نلوم «نظام مبارك» على «غباء تزويره للانتخابات»، كنا نتناسى أننا - إلا مَنْ عصم ربنا - نمارس هذه الجريمة، كلٌ في مجاله، مبررين إياها بـ«العبقرية»، «الفهلوة»، و«الحداقة»، بل وصل الحال بنا إلى أن نصف الشخص البارع في التزوير بأنه «إيده تتلف في حرير»!!

ولن نخوض طويلًا في البحث عن أسباب انتشار الفساد، ولا التأصيل لهذه الظاهرة - رغم أهمية ذلك - فالأهم الآن، كيف نقضي عليه؟.. وما الإجراءات التي تتخذ للحد من هذه الظاهرة؟.. وهذا أمر نتناوله في مقال لاحق إن شاء الله.. وإلى أن يحين الحين، سيظل «صفر» الطالبة مريم، وزملائها، عارا على جبين الجميع.
الجريدة الرسمية