رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

الغرفة «٢٤١٢» في انتظار الزيني جمال الغيطاني

 الأديب جمال الغيطانى
الأديب جمال الغيطانى

واجه الأديب الكبير جمال جمال الغيطانى، طوال حياته لحظات مرة وخطيرة، فقد عرف التغريب في سجون جمال عبد الناصر، وذاق طعم الموت وقت أن كان مراسلا حربيا على جبهات القتال، أيضا استشعر طعم المرارة في حلقه عندما استبعد اسمه من جوائز الدولة، وارتجف جسده مرتعشا مرارا وتكرارا عندما علم بمرض زوجته التي دعمها في مقاومته.


ولكن ما يواجه "الغيطانى" الآن يختلف عن سابقيه، فالخطر دائما ما كان يأتى من الخارج، لكن اليوم يداهمه من الداخل.

"جئنا إلى الدنيا وسنمضي عنها، فنحن لسنا بمعمرين، وسنترك آخرين يأملون في قدوم الأيام السعيدة"... هكذا يؤمن "الغيطانى" الذي يرقد منذ أكثر من أسبوعين في العناية المركزة، تحت جهاز التنفس الصناعى فاقدا الوعى، يقاوم هزيمة الموت بمستشفى الجلاء العسكري، كفارس في ميدان المعركة لن يهادن أو يستسلم بسهولة.

٢٤١٢.. ليس رقم حساب "الغيطانى" في أحد البنوك أو عددا لأوراق رواية جديدة له تشتاق إلى كتابة نهايتها، بل أشقى وأتعس غرفة في مستشفى الجلاء العسكري، تنتظر تلك الغرفة عودة محبوبها الذي هجرها منذ أسابيع قليلة فجأة، دون سابق إنذار أو اتفاق ضمني بينهم.

تتراص باقات الزهور التي أرسلها المحبون حول جدران الغرفة، تقف منتصبة في كبر وكبرياء، تخشى مهيب الانتظار، تأبى الذبول، هائمة حائرة، مولية وجهها إلى السماء، راجية رب العالمين ألا يفطر قلبها برحيل حارس البوابات الشرقية، ومتولى الرواية العربية الزينى جمال الغيطانى.

على بعد خطوات من العناية المركزة بقسم القلب المفتوح داخل المجمع الطبى بالجلاء العسكري، وداخل نفس الغرفة ٢٤١٢ تسمع همهمات تلاوة الآيات القرآنية وهمسات الأدعية والرجاء، تقف الدموع على أبواب العيون، تواري ضعفها بين أهداب الرموش بعيدا عن المراقبين المتربصين.

يعيش الآن صاحب "حكايات شاب عاش ألف عام".. تجربة مغامرة الألف وواحد، هذا الخط الفاصل بين الحياة والموت، فروحه هائمة كحكاياته، وجسده يعتصر من شدة الألم.

وأخيرا وليس آخرًا، يقاوم جمال الغيطانى بكل ما أوتى من قوة، هذه المِحنة المرضية التي سيخرج منها منتصرا بإذن الله، ليعود إلى قرائه ومحبيه، ويفاجئهم بحكايات جديدة عن لحظات ما بين الحياة والموت.
Advertisements
الجريدة الرسمية