رئيس التحرير
عصام كامل

أزمة التربية والتعليم !!


أيا كانت النتيجة التي ستنتهي إليها الأمور في أزمة الطالبة مريم، التي عرفت بالطالبة صاحبة صفر الثانوية، فإن الواقع المؤسف يشير إلى أن المنظومة التعليمية لدينا لا تزال على حالها من حيث الفشل والتدني، ولا أستثني منها التعليم الخاص، فهو يعاني من ذات الأمراض التي تعانيها منظومة التعليم!


كان من المفترض أن تتسارع خطى حكومات ما بعد ثورتي يناير ويونيو ووزراء التعليم فيها لوضع خطط عاجلة تهدف إلى تطوير العملية التعليمية بكافة مكوناتها على الأمدين القريب والبعيد، ولكن ما حدث لم يكن سوي إهدار للوقت وللإمكانيات المادية، وتوالي على مقعد وزير التربية والتعليم، وزراء ليسوا على المستوى المطلوب من الحسم والحزم والعلم بحجم المأساة التي تحيط بالتعليم ما قبل الجامعي الذي يقدر تعداده بأكثر من عشرين مليون تلميذة وتلميذ، من بين أولئك الوزراء الذين كلفوا بالوزارة من كان فاقدا للخبرة والقدرة على تحسس أبعاد الأزمة وكيفية الخروج منها، وهناك من غرق في أضابير وأنفاق الفساد التي تحيط بالوزارة وفى غالبية القطاعات التابعة لها، وهناك من كان تابعا ومساندا للجماعة الإرهابية في تلك السنة السوداء التي جلسوا على سدة الحكم، ومن بين الوزراء أيضا من لا يعرف أن هناك شيئا اسمه الحلول غير التقليدية التي ليس أمامنا سواها لتعويض الخسائر المتراكمة المتمثلة في ملايين الخريجين الفاقدين لأبسط أسس العلم والمعرفة الصحيحة المفترض وجودها في ذهن أي خريج جامعي، بل لا أبالغ إذ قلت أن غالبية أولئك الخريجين يجهلون القراءة والكتابة !

ثم توالى الوزراء على مقعد وزير التربية والتعليم، إلى أن جاء الوزير الحالي الدكتور محب الرافعي، الذي يمتاز بشىء واحد فقط هو احتراف محاكاة وسائل الإعلام المختلفة، وخصوصا التليفزيون، فالرجل ومنذ أن كلف بالوزارة قبل عدة أشهر لم تبدو منه أية إمارات تنم عن امتلاكه رؤية أو إستراتيجية لتطوير التعليم لمحاولة إنقاذ أجيال جديدة من الجهلاء غير الصالحين للدخول إلى سوق العمل، وتوالت الأزمات المتعلقة بالتعليم منذ مارس الماضي بعد تعيين الوزير، ولم يصدر منه أي قرار أو إجراء أدى إلى حل أزمة أو تعديل وضع مايل !!

أكثر من هذا فقد استعان الوزير بمتحدثين إعلاميين، اعتادوا حيال أي أزمة تتعلق بالوزارة ترديد كلمات فارغة من أي محتوى تتقدمها دائما عبارة "بناء على توجيهات السيد الدكتور الوزير".

ومن أزمة الكتب الخارجية إلى أزمة الدروس الخصوصية إلى أزمة انعدام العملية التعليمية من المدارس، ساءت أمور العملية التعليمية بشكل أكثر انحدارا وتدنيا، والحقيقة فقد دفعني الفضول للبحث وراء المؤهلات التي عززت من ترشيح الوزير لتولي الوزارة فوجدت تاريخا مثيرا وغريبا، رغم إنه يحوي إنجازات علمية، ولكنها بعيدة كل البعد عن العملية التعليمية، فالوزير الرافعي حاصل على بكالوريوس تربية تخصص فيزياء وكيمياء من جامعة الزقازيق عام 1981م، وماجستير في علوم البيئة ودكتوراة فلسفة في علوم البيئة تخصص تربية بيئية وشغل منصب رئيس الجهاز التنفيذي للهيئة العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار التابعة لوزارة التربية والتعليم، وعمل مدرسا بقسم التربية والثقافة بمعهد الدراسات والبحوث بجامعة عين شمس في عام 1993م وشغل منصب أستاذ مساعد بمعهد الدراسات والبحوث البيئية قسم العلوم التربوية والإعلام البيئي عام 2001، وعمل أستاذا للتربية البيئية بقسم العلوم التربوية والإعلام البيئي بمعهد الدراسات والبحوث البيئية بجامعة عين شمس عام 2007، كما عمل مديرا لمركز تعليم الكبار بجامعة عين شمس بعد ثورة 25 يناير وبالتحديد في شهر مارس 2011 وحتى نوفمبر 2013م، ووصف الوزير في مبررات اختياره بأنه يمتلك خبرة فنية في مناهج وطرق التدريس والتربية البيئية، وأشرف على الكثير من رسائل الماجستير والدكتوراة

هذه المؤهلات تدفعني إلى توجيه عتاب للمهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء، وأقول يا باش مهندس أعتقد أن مؤهلات الدكتور الرافعي تؤهله لمنصب وزير البيئة، هذا إذا كان لابد أن يصبح وزير!

وختاما أقول إن الدولة تنفق على العملية التعليمية في مرحلة ما قبل التعليم الجامعي ما يزيد على الخمسين مليار جنيه سنويا، وينفق أولياء الأمور ما يقرب من عشرين مليارا من الجنيهات سنويا.. ورغم هذا فإن أعداد العاطلين يزيد عليهم مليون خريج من الجامعات والمعاهد ليسوا مؤهلين بما تلقوه من تعليم لمواجهة متطلبات سوق العمل.
الجريدة الرسمية