رئيس التحرير
عصام كامل

أبو طقة يكتب: صدقوني أنا مش كداب

فيتو

أنا عارف نفسى كويس على فكره.. وعارف أن كثيرين منكم يتعاملون معى على أننى فشار.. لكن صدقونى أنا في هذه الحلقة لن أكذب عليكم أبدا.. فحتى الفشارين لهم لحظات صدق يحتاجون خلالها لمن يصدقهم وينصت إليهم.

ففى الأسبوع الماضى كنت في رحلة سياحية إلى جنوب سيناء ضمن مجموعة من رواد السياحة والثقافة في مصر.. حيث زرنا مدن طابا ونويبع ودهب.. تعرفت خلالها على بعض المرشدين السياحيين وأفراد من مكتب العلاقات العامة لوزير السياحة وكذلك وزير الثقافة ودارت بيننا حوارات في السياسة والتاريخ والفن والجمال.
كلهم أدركوا أننى على دراية بجميع تلك المجالات وهنا كانت القضية.. فكل منهم يفهم في مجاله فقط وهذه هي آفة المصريين بعكسى أنا الذي ورثت عن والدى عليه رحمة الله كل هذا الزخم من علوم السياسة والثقافة والفن كما أننى كنت أساعده في تنسيق مؤلفاته وإعدادها للطبع.

بعد العبور من نفق “أحمد حلمى” على طريق “مصر السويس” قام أحد المرشدين السياحيين ليتناول “المايك” المجاور لسائق الأتوبيس ليحكى لنا حكاية نفق أحمد حلمى ثم استطرد مشيرا بيده لشرح تاريخ منطقة “نخل” الأثرية.. ومن بعده بدأ أحد رواد الثقافة في الحديث عن أشهر شعراء هذه المنطقة حتى وصلنا إلى مدخل مدينة “طابا” ليأخذ مرشد سياحى آخر طرف الحديث ويقص علينا تاريخ طابا وكيف آلت إلى إسرائيل ثم عادت من جديد لمصر بعد قضايا تداولتها المحاكم الدولية.

في هذه اللحظة شعرت أنا أن هؤلاء المرشدين السياحيين يعتمدون في سرد معلوماتهم التاريخية على بعض النصوص التي قرأوها وتعلموها في كتب الجامعات المصرية المتوارثة بين أساتذة الجامعات واحدا تلو الآخر منذ إنشاء تلك الجامعات.. فاستأذنت من المتحدث وتناولت المايك وقلت لهم طبعا مش هعرفكم بنفسى لأننى غنى عن التعريف.. ولكن لأنها هذه هي دبلوماسية الحديث فأنا عمكم “أبو طقة” كبير فشاري مصر والوطن العربى.. إلا أننى اليوم ليس لى رغبة في أن أفشر عليكم أو على غيركم.. خاصة بعد أن استمعت لتلك المعلومات التاريخية المغلوطة على لسان هؤلاء المرشدين السياحيين المحترمين.. نعم هم محترمون لأنهم ليس لهم ذنب فيما حفظوه من معلومات مغلوطة وتعلموه من تاريخ على أيدى أساتذتهم المعذورين أيضا فيما ورثوه من معلومات مغلوطة عبر الأجيال السابقة.

وهنا لاحظت حالة من الاندهاش تملأ وجوه ركاب الأتوبيس من أفراد الرحلة.. خاصة هؤلاء المرشدين السياحيين وأفراد وزارة السياحة فقلت لهم لا تندهشوا من كلامى وتعالوا نتحدث بالمنطق واستمعوا منى للتاريخ الحقيقى لتلك المنطقة والذي ورد في كتاب “أصل التاريخ من الأرض حتى المريخ” الذي قام بتأليفه والدى رحمة الله عليه وعكف عليه أكثر من خمس وعشرين سنة.

في البداية يجب أن نتفق أن الأرض تلف حول نفسها ونؤمن بفكرة دوران الأرض
وهنا هز الجميع رأسه في إشارة منهم أنهم يتفقون معى مبدئيا في فكرة دوران الأرض
ثم قلت لهم وتعالوا نتفق أن هذا التاريخ الذي نتناقله جيلا عن جيل قد كتبه أفراد مثلنا ودائما تكون للأفراد أهواء شخصية مهما حاولوا تحرى الصدق!
وهنا أيضا هز الجميع رءوسههم في إشارة منهم بصحة كلامى
فقلت لهم: وتعالوا نتفق كذلك أن كل حقبة تاريخية يتم تأريخها تتدخل فيها العوامل السياسية ومدى انتماء المؤرخ للحكام الذين حكموا تلك الفترة فيظهر أمجادهم سواء الحقيقية أو المتداولة بين السياسيين في ذلك الوقت لمجرد التملق والتقرب للحاكم.. كما أن المؤرخ في ذلك الوقت قد يكون معارضا للحاكم أو يحمل أفكارا مختلفة عن الأغلبية الحاكمة في هذا الزمن فيقوم بتأريخ مساوءه وينكر عليه إنجازاته ولا يذكرها في تأريخه لهذه الفترة الزمنية
وهنا هز الجميع رءوسهم في إشارة منهم بالموافقة على كلامى فقلت لهم إذن نحن جميعا متفقون على ما قلت وسنتفق إن شاء الله على ما سأقول وأفند من تاريخ هذه المنطقة الغير موجود في كتب الجامعات وكليات السياجة والآثار والإرشاد
وهنا اشرأب الجميع في إشارة منهم بأنهم كلهم آذان صاغية لما هو آت
فقلت لهم إن هذه المنطقة المسماة بـ”طابا” هي في الأصل كانت عاصمة مصر القديمة وهى نفسها مدينة الأقصر التي كانت تسمى قديما بـ”طيبة”.. لكن الأرض كما اتفقنا تدور حول نفسها ورويدا رويدا انتقلت إلى هذا المكان وتم تحريف اسمها من “طيبة” إلى “طابا” وكذلك مدينة نويبع هذه هي في الأصل كانت مدينة “إسنا” التي تشتهر بقناطر إسنا التي شيدها الملك “مينا” ونسبوها زيفا لـ”إبراهيم باشا” الذي أطلق على فرع النيل الثانى اسم “الترعة الإبراهيمية”.. فقد كان في مصر فرعان للنيل وليس فرعا واحدا كما تعلمون.. والدليل على كلامى أنكم لو ذهبتم لمنتصف القاهرة ستجدون النيل الأول الذي أنشأ عليه كوبرى قصر النيل الشهير في منتصف القاهرة ثم ستجدون النيل الثانى الذي أنشئ عليه كوبرى الجلاء الشهير موجود في منتصف محافظة الجيزة.

وفى العدد القادم سوف أكمل لكم ما دار من حوار داخل أتوبيس الرحلة المتجهة من القاهرة إلى جنوب سيناء حيث طابا ونويبع ودهب وأقص عليكم التاريخ الأصلى للبلاد قبل تحريفه في لحظات صدق لن تتكرر كثيرا!
الجريدة الرسمية