رئيس التحرير
عصام كامل

«الدويك» يقدم دراسة إستراتيجية لتنمية سيناء.. ربط المنطقة بمشروعات إقليمية ضمن «مارشال عربي للتنمية».. نقلة حضارية لسيناء وتبوك بخط سكة حديد يربط بينهما.. وإنشاء خط أنابيب بترول من

فيتو

أعد الدكتور عبد الغفار عفيفي الدويك، وهو أكاديمي مصري، يعمل أستاذا للتخطيط الإستراتيجي بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية بالرياض، دراسة إستراتيجية لتنمية سيناء، مع دراسة عدد من المشروعات الإقليمية، والدراسة مُقسمة إلى جزأين بأبعادهما المختلفة.


وقال «الدويك»، في الجزء الأول من دراسته: «في أقل من شهر صدر إعلان مبادئ القاهرة بين مصر والسعودية، تلاه موافقة الحكومة على قرار رئيس الجمهورية بشأن التنمية المتكاملة في شبه جزيرة سيناء، ما يعني أن هناك رؤية شاملة للتنمية تتجه شرقًا تنطلق من محور القناة، وهي ما تحتاج إلى مشاركة كل ذي رأي أو خبرة في التخطيط الإستراتيجي عبر وسائل الإعلام التي تصل مباشرة لصانع القرار بعيدًا عن أروقة البيروقراطية المصرية المعهودة وحراس بوابة الدولة العميقة».

المشروع القومي لتنمية سيناء
وأضاف أنه بالرغم من صدور وثيقة المشروع القومي لتنمية سيناء (1994 م- 2017م)، متضمنًا خطة عامة وبرامج تنفيذ تفصيلية محددة لتنمية وتعمير سيناء حتى عام 2017 م بتكاليف مبدئية قدرت بنحو 75 مليار جنيه، فإنه لا توجد بيانات أو حصر عن نسبة ما تم إنجازه منها، وهو دليل آخر عن فساد نظام مبارك، موضحا أن هذا المشروع القومي من رؤية إقليمية ينبغي أن يكون في أولويات الحكومة وامتدادًا موازًا لتنمية محور قناة السويس، وهو ما يضع سيناء على خريطة الاستثمار الدولية، لافتا إلى أنه لا يمكن إنكار بعض الجهود الاستثمارية المحدودة في مجال السياحة إلى جانب مشروعات صغيرة، وبعض مشروعات الخدمة الوطنية، لكنها لم تحقق الهدف المرجو منها وهو العمران البشري، وقانون تنمية سيناء نتيجة طبيعية للتقييم الإستراتيجي لمشروع تنمية سيناء المفقود منذ عام 1994م.

وأكد أن مشروع تنمية سيناء يهدف إلى الخروج من الوادي الضيق وإعادة هيكلة التوازن الديموجرافي، خاصة أن الخبراء يؤكدون حجم التناقض بين المساحة وتعداد السكان، فشبه جزيرة سيناء منطقة صحراوية تمثل 6% من مساحة مصر الإجمالية، ويسكنها 529,012 ألف نسمة.

مشروعات تنموية بالمنطقة

ورأى «الدويك» ضرورة أن يأتي مشروع تنمية سيناء في أولى اهتمامات المرحلة المقبلة، وينبغي أن تطرحه الحكومة المصرية بكل جدية وشفافية، وهو مراجعة ما يدور على الساحة الإقليمية من مشروعات تنموية، فهناك عدة مشروعات تنموية رئيسة على المستوى الإقليمي، أهدافها إحداث تنمية وطنية حقيقية الأول في جبل على في الإمارات، والثاني في شمال المملكة بمنطقتي عرعر وتبوك، والثالث في الأردن بمدينة الزرقاء الصناعية، موضحا أنه لا يمكن إغفال هذه المشروعات ونحن نضع إستراتيجية شاملة لمشروع تنمية سيناء، والتفكير الإستراتيجي للمشروع القومي لتنمية سيناء يطرح من خلال مسارين الأول مصري يبنى على قاعدة أن هنالك العديد من المشروعات الاقتصادية القائمة، ومن أهمها تنمية شمال السويس، ومشروع شرق التفريعة ببورسعيد، ومشروع وادي التكنولوجيا وسط سيناء، ومشاريع وزارة الزراعة لاستصلاح الأراضي، وهنا يتطلب المزج الإستراتيجي بين ما هو مأمول وما هو قائم.

الربط بين سيناء والسعودية
أما المسار الثاني فهو عربي يرى أن الربط بين شمال المملكة وسيناء من خلال جسر أو نفق السلام هو البوابة الاقتصادية لدول مجلس التعاون الخليجي إلى البحر المتوسط وشمال أفريقيا، ويتقاطع مع خط الحجاز البوابة الاقتصادية لدول وسط آسيا وصولًا إلى طريق الحرير عبر الأناضول مستقبلًا.

وتابع «الدويك»، في دراسته، إنه في إطار الجهود العربية المبذولة مصريًا ينبغي أن تحظى سيناء بأولوية إستراتيجية لتنمية إقليمية جادة، تهدف إلى التكامل العربي الإقليمي ومن خلال مشروع «مارشال عربي»، مضيفا: «كان قد نشر في الصحف المصرية في 29 فبراير 2012 حول اتفاق المملكة ومصر على إعادة إحياء مشروع نفق بينهما، وهو ما تنشده الرؤية الإستراتيجية المطروحة التي تراعي ما طرأ من تطور جاء عبر إعلان القاهرة المصري السعودي يوليو 2015»، مشيرا إلى أن ما قرأه يعرض لفكرة إستراتيجية في إطار رؤية عربية وإقليمية تتمنى أن تجد صدى لدى الحكومتين، حيث أن هذا المشروع ينبغي أن يكون في أولويات الحكومات المصرية القادمة وبالتعاون مع مجلس الوحدة الاقتصادية العربية، كي نضع سيناء على خريطة الاستثمار العربية والدولية، وهو ما يحقق أهدافًا إستراتيجية لحماية الأمن القومي في سيناء.

واستطرد أستاذ التخطيط: «ولأن هناك سيناريوهين لسيناء، الأول جار تنفيذه وتطهيرها أمنيًا، بعد أن زرعها الإخوان إرهابًا، والثاني ينبغي تخطيطه والبدء الفوري به من أجل الحفاظ عليها جزءًا عزيزًا من أرض الوطن من خلال خطط إستراتيجية شاملة تتكامل مع محور قناة السويس، ولتحقيق السيناريو الثاني هناك مساران إستراتيجيتان، الأول من خلال رؤية مصرية من الغرب إلى الشرق، والثاني نطرحه كرؤية عربية إقليمية منشودة من الشرق إلى الغرب».

ولفت إلى أن المسار المصري يدعو إلى التقدم عمرانيًا شرقًا بإنشاء مناطق صناعية زراعية في نطاقين، الأول قريب من قناة السويس داخل الحدود الإدارية لمحافظات السويس والإسماعيلية وبورسعيد شرق القناة، بالإضافة إلى الساحل الشرقي لخليج السويس بدعم ومشاركة من القطاع الخاص، وهو ما يتوافق مع ما أعلنه الرئيس السيسي في خطابه أمام الدورة التثقيفية لقادة القوات المسلحة أغسطس الجاري، يليها النطاق الثاني ويصل حتى شرق المضايق بعمق 40 كم أخرى، ليصل العمران إلى شرق المضايق، ويخصص هذا النطاق لإنشاء مدن متكاملة جاذبة للزحف السكاني لمحافظات شرق الدلتا (قليوبية، شرقية، دقهلية، كفر الشيخ، ودمياط)، ومشروعاتها زراعية صناعية مع التوسع في الإنتاج الحيواني، وهذه المرحلة تحتاج إلى محطة تحلية عملاقة شمال سيناء في منطقة وسط بين رفح المصرية وبور فؤاد والمرحلتان في النطاقين سيحققان نقلة ديموجرافية من ثماني محافظات إلى شرق سيناء، وهو ما يعني حشدًا ديموجرافيًا قد يزيد على 2/ 3 ملايين نسمة، أغلبهم من الشباب خلال خمس سنوات، هم نواة العمران البشري في سيناء، وقد يطرح هذا التوسع إعادة التقسيم الإداري لسيناء كي تظهر محافظة أو محافظات جديدة أولها محافظة وسط سيناء وكل هذا يتطلب دراسات وتنسيقًا مع الوزارات المعنية بشئون الأمن القومي بشكل مباشر.

المسار العربي
وفي الجزء الثاني من دراسته، تناول «الدويك»، المسار العربي أو الإقليمي، وهو، بحسب الدراسة، التقدم من الشرق إلى الغرب عمرانيًا وتنمويًا، فالمتابع لما يجري من تنمية شاملة ومستدامة في الإمارات وشمال المملكة العربية السعودية والأردن، ووجود عدة مشروعات اقتصادية عملاقة تدعو الباحث المستقبلي، أن يرى مثلثًا استراتيجيًا عربيًا واعدًا في التجارة الدولية، رأسه منطقة الزرقاء الصناعية «عمان / الأردن» وقاعدته منطقة جبل على في الإمارات، ومحور تنمية قناة السويس في الغرب، وقلبه تبوك شمال المملكة وسيناء، ناهيك عما يجري من دراسات لمشروعات سكك حديدية عملاقة بين «عمان، تبوك، المدينة، جدة» (خط الحجاز القديم)، والثاني وهو المأمول وهو خط «تبوك، العريش، بورسعيد» عبر جسر أو نفق السلام من رأس الشيخ حميد (شمال ضبا) إلى جنوب دهب، وهذا الخط وطبقًا للدراسات يمكن أن يكون سوميدًا جديدًا إلى ميناء جديد شرق التفريعة ليصل بالطريق الدولي ليمتد من شمال سيناء إلى المغرب العربي، وتدشين هذا المشروع سينقل سيناء وتبوك نقلة حضارية كبرى، وآلياتها وتمويلها يكون من خلال المجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي وأناشد رئيس الجمهورية تشكيل لجنة خبراء لتقدير الموقف الإستراتيجي الراهن تنمويًا في سيناء، وتقديرات هذه اللجنة يمكن أن تكون بوابة التخطيط الإستراتيجي للخطة الخمسية الأولى للحكومة القادمة بعد الانتخابات التشريعية وأولىمشروعاتها القومية سيناء،في تكامل عربي رشيد، وضمن فكرة المشروع الربط بين المركزين سيناء وتبوك، حيث يتم مد خط سكك حديدية لقطار ينقل المسافرين والبضائع من المركزين،كما يمكن أن تزدهر سيناء سياحيًا وتقديم خدمات لمحور تنمية دولي، أو مراكز لتأمين وصيانة جسم النفق الذي يقع خارج شرم الشيخ والمطار بأكثر من 6 كيلومترات، والبداية البرية للنفق في منطقة خليج نبق، أي أن الجسر أو النفق سيبعد خارج شرم الشيخ نحو 8 كيلومترات.

وأكد الخبراء كذلك أن النفق لن يؤثر في بيئة شرم الشيخ، وسيحافظ على الشعب المرجانية في خليج العقبة ويحمي بيئة الساحل المصري من التلوث، وأن الرأي في هذه الحالة أن النفق بديلًا إستراتيجيًا للجسر الذي كان طرح من قبل وله آثار بيئية.

نفق السلام الأول
وذكر أن هناك حزمة من الأبعاد الإستراتيجية الإقليمية لنفق السلام الأول: يختصر هذا المشروع العملاق زمن الرحلة إلى 25/ 30 دقيقة عابرًا لخليج العقبة (ليربط بين دول الخليج جميعًا وسوريا والعراق والأردن ومصر ودول شمال أفريقيا)، ويمكن عبور خط أنابيب بترول من السعودية إلى ميناء دولي جديد غرب العريش على ساحل المتوسط، أو عابرًا قناة السويس ليتصل بخط الأنابيب المصري «سوميد» ومن ثم يتم تصديره إلى الأسواق الأوربية).

وبحسب الدراسة، فإن هذا الخط يمر خلال النفق ويتم تحصيل الرسوم عليه، ولا تفقد مصر بذلك الرسوم المستحقة في حالة مروره عبر قناة السويس، أما البعد الثاني، فإن النفق داعم لبناء حلم السوق العربية المشتركة فالعلاقة بين مصر والسعودية على المستويين الرسمي والشعبي، من شأنه أن يتجاوز فواصل الجغرافيا، من أجل استعادة أواصر التاريخ المشترك الذي بين البلدين كما يؤدي إلى اتصال بري مباشر بين المشرق العربي (دول الخليج والشام والعراق) من جانب والطريق الدولي على الساحل الشمالي الأفريقي ومنه إلى قلب أفريقيا عند التقائه بممر التنمية غرب وادي النيل (مشروع الدكتور الباز).

واختتم «الدويك» دراسته بشرح البعد الثالث، وهو البعد العربي الإقليمي الذي يحققه النفق من تواصل إقليمي ومن هنا تأتي الرؤية الإقليمية للقوس الذهبي التي تقترح الدراسة انطلاقه عبر (جبل على بالإمارات، وتبوك زرقاء الأردن، وسيناء، وقناة السويس)، أسوة بالمشروعات الدولية (متعددة الجنسيات) وهذه المصالح المشتركة من شأنها أن تهدئ بؤر الصراع الإقليمية، وتقطع السبيل على المشروعات الإقليمية الصراعية متعددة الأهداف التوسعية.
الجريدة الرسمية