رئيس التحرير
عصام كامل

مشكلات الأحزاب المصرية


نحن لدينا الآن أكثر من مائة حزب، لكننا لا نرى لها أثرا في الحياة السياسية.. والسبب في ذلك - فيما أرى - ست عوامل رئيسية، هي:

1) ضعف وهشاشة البناء الداخلي لهذه الأحزاب؛ من حيث الهياكل التنظيمية والإدارية واللجان الفنية والنوعية، ممارسة الديمقراطية، ومؤسسية اتخاذ القرارات.. إلخ.


٢) محدودية انتشارها على المستوى المجتمعي العام، في العواصم، والمدن، والقرى، والكفور، والنجوع.

٣) ضعف تفاعلها مع مشكلات المجتمع في كل المجالات والميادين، وعلى كل الأصعدة، وعدم قدرتها على تقديم حلول مقنعة وحقيقية لها.

٤) افتقارها إلى المصداقية والشفافية، خاصة فيما يتعلق بالتمويل ومصادره.

٥) عدم وجود رموز وطنية وشخصيات عامة، ذات تاريخ وقبول على المستوى المجتمعي.

٦) الانقسامات والخلافات الداخلية التي نشهدها هذه الأيام.. والمتأمل جيدا في هذه العوامل الست، ينتهي إلى حقيقة مفادها أنه لا توجد لدينا أحزاب، وأن الطريق ما زال أمامنا طويلا، وما لم تكن هناك معالجة حقيقية وفعالة لسد هذه الثغرات الستة، فسوف يستمر الوضع إلى ما شاء الله.

ثمة مشلكة أخرى تكمن في قيادات الأحزاب، فهي ليست - باستثناءات قليلة - على المستوى المأمول؛ من حيث القدرة على تقديم النموذج والقدوة - تاريخا وفهما وإدارة وممارسة - لكل القريبين منها، سواء كانت لجنة مركزية أو هيئة عليا، أو مكتب تنفيذي.. إلخ.

وهذه بدورها تفتقر إلى نفس المعايير.. والسؤال هو: هل هناك رئيس حزب سافر ولو مرة واحدة إلى مدن وقرى مصر، جنوبا وشمالا، والتقى أهلها، وسمع منهم مشكلاتهم، واستمعوا إليه في أطروحاته ورؤاه في حل هذه المشكلات؟.. وإذا لم يكن قد فعل، فهل ندب مجموعة من قيادات الحزب للقيام بهذه المهمة؟.. وإذا كانت الإجابة بالسلب، فلماذا نلوم الشعب على ضعف ثقافته الحزبية والسياسية؟

نعلم أن المال يلعب دورا رئيسيا في حياة أي حزب، بدءا من مرحلة التعريف والتأسيس، مرورا بالتكوين الفعلي للهيكل الإداري، واختيار القيادات اللازمة، واتخاذ المقرات، وانتهاء بالحركة والانطلاق المستمر في المحافظات المختلفة، وإقامة المؤتمرات وإصدار النشرات الدورية وغير الدورية.. إلخ.. كل ذلك يتطلب مالا كثيرا، قد يتوافر لبعض الأحزاب، ولا يتوافر لبعضها.

يلاحظ أن معظم الأحزاب قريبة من بعضها من حيث البرامج والتوجهات والأفكار والرؤى، ولا توجد بينها اختلافات جوهرية، وبالتالي يمكن دمجها في عدد محدود للغاية.. ولا شك أن عدم وجود محاولات جادة في هذا الصدد، يفقد الأحزاب مصداقيتها لدى المواطن من ناحية، ويبقي على ضعفها وهشاشتها من ناحية ثانية.. لذا، إذا اعتبرنا الأحزاب هي أساسا يمين، ووسط، ويسار، فيمكن تقسيم كل منها إلى ثلاثة أقسام (يمين اليمين، وسط اليمين، ويسار اليمين)، وهكذا بالنسبة للقسمين الآخرين، فيكون لدينا تسعة أحزاب فقط بدلا من هذا العدد الضخم الذي نراه.. بالطبع سوف تكون هناك مشكلة المحاصصة، فكل حزب - أو بالأحرى قيادات كل حزب - تريد أن تكون لها مواقعها المتميزة داخل الحزب الكبير، لكن مع صدق النوايا والمثابرة والدأب، يمكن التوصل إلى وضع مرضٍ لكل الأطراف.

عموما، إن لم يكن ممكنا تنفيذ فكرة الاندماج؛ نظرا لضيق الوقت، فلا أقل من التنسيق الكامل بين الأحزاب؛ لخوض انتخابات مجلس النواب المقبلة، التي أصبحت على الأبواب.. وإذا لم يحدث هذا التنسيق، فإن الأحزاب - بشكلها الحالي - لن يكون لها وجود مؤثر في المجلس المقبل.. ربما يحصل بعضها على بضعة مقاعد قليلة، لكن معظمها سيبقى خارج دائرة المنافسة.. هناك توجس من أن يحصل حزب النور على نسبة لا بأس بها، وأنه سوف يحتل مكان الإخوان في الانتخابات النيابية القادمة، لكن في تصوري ربما لا تزيد النسبة عن ١٠٪ بأي حال.. أما النصيب الأكبر فسوف يكون "للمستقلين" على اختلاف توجهاتهم.
الجريدة الرسمية