رئيس التحرير
عصام كامل

للنجاة من الإعدام.. ابعد عن البُعْراط والبَحْطوش والبَعَعْقَش


مهم وعاجل.. تحذير شديد لمستخدمي صفحات التواصل الاجتماعي، أرجو توخي الحذر عند كتابة ونشر التدوينات والتغريدات، والرسائل المتبادلة بين الأصدقاء.. فَرُبَّ تدوينة بسببها تتباس وأخرى بسببها تُضرَب بالمداس، وثالثة بسببها قد تزج في محبس شديد الحراسة والبأس.. نحن في وقت الشك في أصابع اليدين.. وقانون مكافحة الإرهاب يجرم بحزم أي مواد محرضة على العنف والكراهية، والسب والقذف والدعوات إلى التظاهر والاحتجاج.


نصيحتي الذهبية.. اكتب ما تريده مباشرة وبوضوح، وابتعد عن الاستهبال والترميز والغمز واللمز، الذي قد يفسر بكل بساطة على أنه رسائل مشفرة يُقْصَدُ من وراءها شر مستطير.. هتحلف هتصوت هتعيط لتؤكد أن ما كتبته كلام عبيط بلا مقاصد شريرة، كل ذلك لن يفلتك من المصير المؤلم.

خذ عندك مثلًا لو كتب أحدهم هذه الأبيات من الشعر الجاهلي على سبيل الدعابة، فوالله الذي رفع السماء بغير عمد لن تفسر سوى أنها شفرة وتعليمات خطيرة لقلب نظام الحكم، وإليك الأبيات:

تَدَفَّقَ في البَطْحَاء بَعْدَ تَبَهلُلِ/ وقَعْقَعَ في البيداءِ غيرَ مُزَرْكَلٍ.. إذا أقبَل البُعْراط طاح بهمةٍ/ وإن أقْرَطَ المَحْطُوشِ ناءَ بِكَلْكَلٍ.. يكادُ على فَرْطِ الحَطِيفِ يُبَقْبِقُ/ ويضرب ما بين الهماط وكندلٍ.

لو صادف الجهات المعنية تلك الأبيات على صفحة زبون، أراهن أنها أقصر طريق لتلبيسه قضية تهديد للسلم والأمن الدوليين، وربما يجرى اعتبارها تخطيطا لحادث أشد كارثية من حادث 11 سبتمبر الشهير.

الشيء بالشيء يذكر.. استدعيت من الذاكرة واقعة حدثت في أواخر ستينيات القرن الماضي.. كان هناك رجل من أهل النوبة الطيبين، صاحب مقهى شهير بوسط البلد، عُرِف عنه حبه للقطط التي تمرح براحتها في المقهى.. كانت هناك قطة سوداء ملفتة للانتباه، على وشك الوضع.. أعجب بها أحد رواد المقهى، وكان موظفًا بالأمانة العامة للاتحاد الاشتراكي العربي، التنظيم السياسي الحاكم آنذاك، فأوصى صاحب المقهى بإهدائه قطة سوداء صغيرة بعد أن تلد الأم الجميلة، وترك رقم التليفون ليطلبه صاحب المقهى عند الولادة.. ولدت القطة وبادر المعلم بالوفاء بالوعد، وطلب الزبون على رقم الأمانة العامة للاتحاد الاشتراكي، فرد عامل السويتش، سأله صاحب المقهى

ــ الأستاذ فلان موجود؟

- لأ.. مين عايزه؟

ــ ابقى قول له القطة السودة ولدت.

طبعًا عامل السويتش في هكذا مكان، ليس ككل عمال السويتشات.. من مهامه الأولى إبلاغ الجهات المعنية في حالات الشك.. ولما كانت حالة الشك هنا متكاملة الأركان في غموضها ومذاق الشفرة السرية الواضح، فقد بادر بإبلاغ الجهات المعنية، وسهرت الأجهزة ليلة طويلة لحل لغز شفرة "القطة السودة ولدت".. تتبعت الأجهزة رقم الطالب وتوصلوا إلى صاحبه المعلم صاحب المقهى.. وأنت عارف الباقي!!!

أخيرًا.. أرجوك اسمع نصيحتي كما قال الشاعر الجاهلي كليب بن الخش الظَعْفظي: فيا أيها البعَعْقُش لستَ بقاعِدٍ/ ولا أنت في كل البَحيص بِطَنْبَلٍ...ربنا يستر.
الجريدة الرسمية