رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

مطالب مشروعة ونتائج مروعة «لبنان لا تثوري»


لبنان تثور على الأوضاع الاقتصادية التي شوهت بيروت، المرأة الجميلة على حد وصف كاظم الساهر، اختاروا شعار "طلعت ريحتكم"، شعار يحمل معنيين المعنى الأقرب رائحة النخبة السياسية، وتظاهروا ونشروا صورهم التي تذكرنا بثورات عام 2011 لا اختلاف سوى أنها لبنان لذلك جاءت الصور مختلفة جميلة تفوح منها رائحة طيبة.


كنت أتمنى أن أقول لهم ثوروا فلن تخسروا سوى القيد والخيمة، كنت أريد أن أهتف معهم «تفيه عليكن»، بل أخذتني حماسة لا أعرف مصدرها دفعتني إلى كتابة مقال عريض أحرض على اشتعال هذا الفتيل ربما ما دفعني للتراجع هو أننى أثناء كتابتي على محرك البحث جوجل أسباب تظاهرات لبنان، ظهرت لي أسباب الثورة السورية، أسباب الثورة المصرية، أسباب الثورة الليبية، لا أعلم هل أدين بالشكر لجوجل أم ألعنه لأنه جعلني أتحسس قلبي من أن تثور لبنان حتى أنني قررت أن أقول لهم لا تثورا لأن الخسارة لن تكون فقط خيمة بل ستكون وطنا.

أسباب مشروعة ولا شك لدى اللبنانيين دفعتهم للتظاهر، تمامًا مثل الأسباب المشروعة التي دفعت بوعزيزي إلى إحراق نفسه، ودفعت المصريين إلى الوقوف في وجه طغيان حبيب العادلي، وألهّمت الليبين أنهم ليسوا ملكًا للقذافي، وأقنعت السوريين أن هناك سوريا قبل آل الأسد، كلها مشروعة بل يحق من أجلها الثورة.

مطالب مشروعة، ونتائج مروعة، هو ما يلخص أحداث عام 2011 في الوطن العربي، العيب فيمن لا أدرى جيدًا سوى أننا لم نملك ما يكفي من القذارة السياسية للتعامل مع لعبة السلطة، أو لم نكن ندرك أي قذارة في نخبة هذا الوطن من الخليج إلى المحيط جعلهم يفضلون السلطة حتى لو ذهب الملايين، لم يدركوا أن مصير الدول أصبح في يد دول أخرى ومن هنا دار القتال داخل سوريا وليبيا وظهرت داعش وانطوت مصر على نفسها قابلة بالأمر الراهن خشية أن تكون سوريا والعراق.

لبنان تختلف عن كل هذا، تلك المرأة الجميلة التي لم تكمل عامها الـ25 بعد في سلام بعد حرب أهلية أخذت في وجهها الأخضر واليابس، لو انفرطت لبنان لن تنعقد مرة أخرى هذا ما يقوله التاريخ والمراقبين الأمر عن قرب، لبنان غير مطالبة بأن تخشى شبح التقسيم هو متأصل لديها منذ زمن وما يحدث ما هي إلا هدنة نرجو ألا ينقضها أحدهم، لبنان هي الدولة الوحيدة التي يتم توزيع المناصب فيها وفقًا للمذهبية وفق الميثاق الوطني الذي صاحب نشأة تلك الدولة، الرئيس مسيحي ورئيس البرلمان شيعي ورئيس الحكومة سني، بناء على هذا التقسيم تم حكم لبنان.

العنصر الثاني في خصوصية لبنان هي قادتهم الذين اقتتلوا خلال خمسة عشر عاما هي سنوات الحرب الأهلية، ليتحالفوا بعد ذلك مثلما حدث مع الزعيم الدرزي وليد جنبلاط الذي كان ندًا قويًا للتيار الشيعي في السبعينات قبل أن يتحالف معه في الألفية الجديدة بعد أن أهدروا دماء كثيرة، لبنان إذن تملك قادة لا يبالون كثيرًا بالدماء في سبيل مصلحتهم السياسية.

بجانب العنصرين السابقين هناك حزب الله الذي يدافع عن وجوده في سوريا، متحديًا قرار رئيس الحكومة بأن لبنان لا دخل لها فيما يجرى في سوريا، لكن نصر الله رفض الأمر واختار أن يدافع عن وجوده كحزب بصرف النظر عن الدولة.

منذ يومين وبالتزامن مع تظاهرات حركة طلعت ريحتكم كانت هناك تظاهرات أخرى في بيروت للتضامن مع رئيس الحكومة تمام سلام، كانت مظاهرات مذهبية، أهل السنة خرجوا يعبرون عن تمسكهم بسلام، خبر يستحق القلق إذا عرفنا أن أكبر مؤيد تلك التظاهرات هو حزب الله الشيعي، أما اجتماع مجلس الوزراء فكان نتيجته اعتراض 6 وزراء على قرارات تمام سلام التي تريد إنهاء الأزمة.

Advertisements
الجريدة الرسمية