رئيس التحرير
عصام كامل

رجال مال لا رجال أعمال



لن تجدي محاولات وزارة البترول لجذب القطاع الخاص نحو الدخول في استيراد الغاز الطبيعي لتوفير احتياجاته من الطاقة اللازمة لمصانعه، والسبب أن القطاع الخاص يحقق من دعم الطاقة الذي تقدمه له الحكومة ببلاش تقريبا، أكثر مما يحققه تجار المخدرات من أرباح.


وقال وزير البترول شريف إسماعيل الأسبوع الماضي إنه منذ عام أعلن عن السماح للقطاع الخاص باستيراد احتياجاته من الغاز باستخدام الشبكة القومية لنقل الغاز لاستهلاكه الخاص أو تسويقه للغير مقابل تعريفة تحدد مقابل النقل، لكن لم يتقدم أحد من مستهلكي الغاز.

والحقيقة التي يعرفها وزير البترول هي أن القطاع الخاص والذي يضاعف أرباحه سنويا من خلال كميات الغاز المحلي الذي يشتريه بسعر 5 دولارات بينما كان يحصل عليه منذ سنوات قليلة بدولار واحد يعني ببلاش تقريبا بالنسبة لتكلفة إنتاجه محليا، في حين أنه في حالة استيراد الغاز المثيل من الخارج سيدفع أكثر من الضعف بخلاف النقل وإعادة التسييل من خلال مراكب يتم تأجيرها.

وزير البترول يعلم أن القطاع الخاص تربي خلال 30 سنة على الحصول على كل شىء في الدولة ببلاش تقريبا تحت لافتة كبيرة جدا يروج من خلالها أنه يقوم بتشغيل العمالة وإنتاج مستلزمات الاستهلاك المحلي والتصدير أيضا، بينما كانت النتائج بالنسبة للاقتصاد المصري أكثر من كارثية.

فالقطاع الخاص يحصل على الغاز المحلي لإنتاج الحديد والأسمنت والسيراميك بأسعار مدعومة ويبيع إنتاجه بأضعاف التكلفة الفعلية له وفي المقابل الدولة تتولي دفع مليارات الدولارات لشراء الغاز المستورد بأسعار تفوق ضعف ما تبيعه لرجال الأعمال لتقدمه لتوليد الكهرباء والفاتورة السنوية لاستيراد الغاز من الخارج هذا العام تقدر بأكثر من 3.5 مليار دولار.

مصر التي يعيش بها الفقراء بالكوم والمرضي طوابير لا يجدون سريرا في مستشفى ويشرب مواطنوها في الريف المياه المخلوطة بالمجاري، تدفع كل عام أكثر من 60 مليار دولار دعما للأثرياء في الوقود ومنه الغاز الطبيعي وسابقا كانت تدفع أكثر من 100 مليار دولار عندما كانت أسعار البترول أكثر من 100 دولار للبرميل.

إن رجال المال الذين يطلقون عليهم رجال الأعمال لن يختاروا الفطام طالما أن الدولة لم تعترض على استمرارهم في التقام ثديها حتى ولو كانوا يرتشفون منه دماء الشعب ليروي نهمهم وطمعهم وجشعهم، فهم يرفعون شعار مصر أولا طالما أن مصر تقدم لهم لحم الغلابة في صورة دعم للطاقة وخلافه، ويهيلون عليها التراب إذا كل كتفهم بأحمال دعمهم.

واتحدي أن يقبل رجل أعمال أن يتقدم لاستيراد الغاز الطبيعي لزوم استهلاكه، ولأن موارد الشعب مال سايب، فلماذا يدفع أكثر طالما أن الحكومة تبدد موارد الشعب لصالحه.

وعلي المهندس شريف إسماعيل أن لا ينتظر خيرا من رجال أعمال مصر الذين لن تشبع نفوسهم ولن تمتلئ بطونهم من أموال الشعب السايبه التي تقدم لهم دون حساب، ولن يقابلوا مطالبه إلا بإخراج لسانهم له.

أعتقد أن الرئيس عبد الفتاح السيسي عليه فورا أن يوقف تلك المهزلة وأن تتولي الدولة فقط توفير احتياجات معظم الصناعات من الطاقة بالسعر العالمي وأن يكون استيراد احتياجات تلك الصناعات من الغاز بتكلفته الفعلية.
الجريدة الرسمية