رئيس التحرير
عصام كامل

ولاد أبوإسماعيل .. وعضلاته


الكثيرون يمارسون السياسة بأفكارهم ورؤاهم ومعتقداتهم، لكن الشيخ حازم أبوإسماعيل يطرح نفسه باعتباره ظاهرة سياسية فريدة من نوعها، فهو الوحيد الذى يعتقد أن السياسة تمارس بالعضلات، موهبة الفتونة لم تظهر على الرجل فى فترة حكم المخلوع مبارك حتى عندما خسر الانتخابات عام 2005 أمام آمال عثمان فى الدقى، وبالمناسبة ماذا لو أصبح حازم أبو إسماعيل رئيسا لمصر؟ وماذا لو لم يتم استبعاده بسبب جنسية والدته الأمريكية؟
الآن فقط أقول: إن القدر كان رحيما بهذا البلد عندما تم استبعاد الرجل من سباق الرئاسة، ضمن أسماء عديدة لم يقدر لها أن تخوض انتخابات الرئاسة، ومنهم عمر سليمان وخيرت الشاطر، ذلك أن عجائب وغرائب صندوق الانتخابات فى مصر متعددة، وكان بريق بعض الوجوه يرشحها للجلوس فى القصر الجمهورى، وكان شهر العسل بين الشعب والساسة بعد الثورة قائما، فى الجولة الأولى لم يكن مستبعدا أن يجمع الشيخ أبوإسماعيل أصوات السلفيين والمتعاطفين والمتدينين، ليدخل الإعادة ويضيف إلى نفسه أصوات الإخوان والجماعة الإسلامية وبعض أنصار النظام السابق ليصبح رئيسا لمصر.

الشيخ حازم كشف مؤخرا عن أن مواهبه فى استعراض العضلات لا تحصى ولاتعد، فمريدوه وأتباعه ومناصروه يأتون إليه بإشارة يد، بل ربما بكلمة، فيأمرهم بالتجمع والاعتصام فى أى مكان يريده، ثم يأمرهم بالانصراف، وهى مقدرة تفوق قدرات "أتخن" زعيم عربى على مر التاريخ.

عضلات حازم أبوإسماعيل ظهرت فى المشهد السياسى المصرى عندما كان يأمر أتباعه فى مليونيات قندهار بالتحرير بالبقاء حتى الثامنة مساء ليستمعوا إلى خطبته، وفى إحداها طالبهم بالدعاء له وهم ساجدون، وبعد استبعاده من سباق الرئاسة أطلق تهديدات بالويل والثبور وعظائم الأمور لكل من سولت له نفسه استبعاده، وأنه سيخوض معركة قضائية لملاحقة كل من جرؤ على ارتكاب هذا الفعل الشنيع ضده، ثم اختفى، .. ربما لأنه اطمأن إلى سيطرة الإخوان على مفاصل الدولة، ثم عاد للظهور مع أزمة الإعلان الدستورى، بعد أن شعر أن الإخوان فى حاجة إلى "مساعدة صديق"، بالتزامن مع واستجابة لرسالة وجهها له زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهرى مطالبا أنصار أبو إسماعيل بأن يشنوا حملة شعبية تحريضية لإكمال الثورة التى تم إجهاضها بسبب تجبر قوى الفساد فى مصر، ولكى يثبت ضخامة حجم أتباعه ومريديه اختار مكانا مختلفا لتجمعهم، وهو مدينة الإنتاج الإعلامى رافعا شعار تطهير الإعلام، وجاءهم ليلا ليخطب فيهم ويطالبهم بأن يتكاثروا ويتزايدوا ليصل عددهم فى الاعتصام إلى 3 ملايين وأن يحضروا نساءهم وأبناءهم وبناتهم وأطفالهم وشيوخهم، وأن يجهزوا أنفسهم ولا ينصرفوا إلا بأمر منه، ثم كانت الهجمة على مقر حزب وجريدة الوفد من جانب أنصاره الذين نشرت بعض الصحف والمواقع أنهم احتجزوا مدير المباحث الجنائية بمديرية أمن الجيزة، ووضعوا سيفا على رقبته، .. أبوإسماعيل حضر فى الساعات الأولى من فجر اليوم التالى للأحداث إلى قسم شرطة الدقى، ونشبت مشادة كلامية بينه وبين بعض القيادات الأمنية بمديرية أمن الجيزة، ووعد بأنه لن يحرق أى منشأة عامة أو أى أقسام شرطة، وعندما عاتبه القيادى الأمنى على ما قاله ما حدث فى الوفد قال أبوإسماعيل "إنت نسيت نفسك؟ أنا كنت هبقى رئيس جمهورية، إنت ما تعرفش مين الشيخ حازم وأنصاره.

ودعا أنصاره للذهاب للإسكندرية يوم الجمعة الماضى لتأديب سكانها على محاصرتهم للشيخ المحلاوى داخل المسجد، بل وصلت قوته إلى حد إرساله تهديدات واضحة للمسئولين فى الداخلية بأنه فى حالة عدم الإفراج عن الشاب السلفى أحمد عرفة عضو حركة حازمون سيقوم إخوانه "بتحريره بأنفسهم".

التظاهر السلمى حق مكفول.. لكن واقعة اقتحام حزب الوفد تنم عن أن الشيخ حازم ينظر لعموم شعب مصر- كغيره من أنصار التيار الإسلامى بمختلف انتماءاتهم - باعتبارهم إما مسلمون أو كفرة ، ولو أصبح رئيسا لمصر كان سيزج بالجميع "مصريين وليبراليين وقوميين وشيوعيين ومسيحيين" فى غياهب السجون لمجرد خلافهم معه فى الرأى، وربما استصدر فتوى بأن المظاهرات حرام، وبجواز قتل المتظاهرين. ولأن المثل الشعبى يقول "قضا أخف من قضا" فالمؤكد أن الشيخ مرسى أرحم من الشيخ حازم.

الجريدة الرسمية