رئيس التحرير
عصام كامل

التعليم والتدريب!!


تقوم عليها حضارة الدول ونهضة شعوبها، والبعد عنها كارثة، وفي قطاع السياحة تحديدًا قد تؤدي إلى الإفلاس.. عرفت مصر التعليم مبكرًا والتدريب مؤخرًا، بدأت السياحة كصناعة دون التدريب، رغم أنه أساس أي منظومة بشرية، فهناك مفاهيم مغلوطة بين التعليم والتدريب في مصر، وغياب تام في التنسيق بين مؤسسات التعليم ومؤسسات التدريب، وبينهما مسافات شاسعة، وهذه أيضًا كارثة حقيقية وظاهرة تحتاج إلى دراسة.


والتدريب في مصر يعاني الفقر، وتتعامل معه الدولة على أساس أنه ابن غير شرعي، ومضيعة للوقت ومفسدة للمال العام، ما حفز مؤسسات دولية مثل الاتحاد الأوربي لتقديم معونات مالية وفنية، وأنشأ برنامجًا يضم في طياته عدة محاور للارتقاء بمستوى العامل في مصر، في عدة قطاعات منها السياحة.. برنامج ينفق عليه أكثر من 15 مليون يورو سنويًا، ويشرف عليه خبراء وأساتذة جامعات مصرية، يؤمنون بأهمية التعليم والتدريب من خلال برامج تؤهل الفرد إلى تقديم خدمة فندقية، تتناسب مع المعايير الدولية بجودة المنتج السياحي.

سبق ذلك محاولات حسين بدران في الاتحاد المصري للغرف السياحية، اعتمد فيها على دراسات وأبحاث تتفق مع واقع السوق المصرية، ناضل بدران كثيرا في هذا المجال مع وزراء السياحة مثل البلتاجي والمغربي، حتى استطاع أن يقنع زهير جرانة بأهمية ذلك للقطاع، وصدر قرار وزاري بدعم برامج التدريب بمبلغ 60 مليون جنيه.

أنشئت في مصر عدة مراكز مهنية في العشر سنوات قبل 2011 متعددة الأغراض، فهناك مركز مهني لتدريب السائقين، وفني لتعليم وتدريب الطهاة، بخلاف الجهود المبذولة من خلال غرف السياحة والفنادق، ومحاولات تقوم بها الوزارة لتدريب ورفع مستوى العاملين بالقطاع.. وصلت أعداد العمالة المدربة إلى ما يقرب من 250 ألف عامل في كل المهن والتخصصات بالمنشآت السياحية وقطاع الشركات، بخلاف أرقام لا توجد إحصاءات بها.

خمس سنوات مضت وقطاع السياحة يئن، يشهد انحسارا لا مثيل له، أزمة طاحنة تعتريه، مرض حتى الموت، دخلت مصر سياحيًا في نفق مظلم، فنادق في مناطق سياحية أغلقت أبوابها بالضبة والمفتاح، شركات تم تسريح العمالة بها وبيع أتوبيسات لها وبعض مقارها، شواطئ خليج العقبة وطابا ونويبع وبعض فنادق في الغردقة خير شاهد على ذلك، مطاردات بين وزارات كبيرة منها الكهرباء وقطاع المياه والبنوك وأصحاب القرى السياحية؛ بسبب عدم دفع مستحقاتها.

العمالة المدربة هجرت القطاع، سافرت بعيدًا عنه، منها من وجد عملًا في قصور الأمراء والملوك، ومنها من اتجه إلى أنشطة أخرى، وفريق ثالث اتجه إلى الفضائيات في الداخل والخارج، واضطرت الفنادق إلى الاستعانة بالعمالة غير المدربة؛ ترشيدًا للإنفاق.

أغلقت بعض مراكز التدريب أبوابها، وسرحت المدربين والمتدربين بها، والحكومة تعلم ذلك جيدًا، ولديها تقارير عن سوء الوضع، وزارة السياحة لا تقدم رؤى ولم تكلف نفسها سوى بعض الاجتماعات في الغرف المغلقة؛ لبحث الأزمة، وكأنها تبحث عن حبل غسيل مسروق، وتوقفت عن تقديم الدعم المادي لمراكز تدريب العمالة، وتخلت عن دورها في تنميتها والحفاظ على مستوى جودة المنتج السياحي.. غياب الرؤية وانعدام البصيرة، والسياسات المتخبطة سبب مباشر فيما يمر به القطاع من أزمات.

يؤكد خبراء، أن تلك الممارسات التي تقوم بها الوزارة تجاه القطاع، ستوثر بالسلب على عدة عناصر، أهمها جودة المنتج السياحي في مصر والسياسات التسويقية التي تنتهجها، وستضيع كل الجهود الترويجية والأموال التي تنفق عليها هباءً منثورًا.

هناك أسئلة كثيرة بدأت تطرح نفسها، هل من المفترض أن نطالب الرئيس عبد الفتاح السيسي بالتدخل لحل أزمة السياحة؟.. رغم وجود وزير ورؤساء هيئات معنية بالأمر، وما دور الاتحاد المصري للغرف السياحية فيما يحدث في القطاع؟

بعض رجال الأعمال يهدد بتنظيم وقفات احتجاجية أمام مجلس الوزراء، وبعضهم يهدد باللجوء إلى الرئيس، وتبقى معضلات السياحة عائقًا في غياب المفاهيم الصحيحة للتنمية السياحية!!
الجريدة الرسمية