رئيس التحرير
عصام كامل

أجندة سياحية


ترتبط أهمية أجندة السياحة بالسياسات التي يعمل عليها أي مقصد سياحي، وتتأثر بعوامل عدة منها الاستقرار وقوانين السفر، بالإضافة إلى طبيعة وأهمية الأحداث السياحية ومستوى المشاركين فيها، وقوة المنافسة في الأسواق الخارجية المصدرة للسياحة، وتضم في طياتها أحداثا داخلية وأخرى خارجية، وهناك نوعان منها واحدة لدولة السوق "المصدر للسياحة" والأخرى لدولة المقصد السياحي "المستقبل للسياحة"، ولنا فيها مآرب كثيرة باعتبارها إحدى وظائف المخطط العام، وتبنى عليها قرارات لصانع القرار السياحي، تنفق عليها الملايين من الجنيهات من لا يملكها يعيش متخبطًا في سياسات عشوائية، وتغلب عليه سياسة الفهلوة في الشارع السياحي، ما يضطره إلى الوقوف على ناصية شارع "الشانزليزيه" في باريس يستجديهم في الزيارة.


لم تكن مصر سياحيًا على موعد مع ثورة 25 يناير 2011، بل غابت منذ 2010 بعد أن حققت إنجازات عظيمة تحقق فيها الكثير من الأرقام التي كانت بمثابة حلم، فقد زارها 14.7 مليون سائح وحققت 12.6 مليار دولار حصيلة السياحة في هذا العام؛ حيث أسدل الستار على مسرح أحداث كانت تستطيع أن تقضي على الأخضر واليابس خلال عشر سنوات مضت، أي منذ بداية القرن الحالي؛ حيث الأحداث الإرهابية المحلية في طابا وشرم الشيخ ودهب، وكان الهدف منها ضرب السياحة المصرية ودوليًا.

أحداث سبتمبر 2001 في أمريكا واحتلال العراق في 20 مارس 2003، بالإضافة إلى الأزمة الاقتصادية العالمية التي اجتاحت العالم في عامي 2007 / 2008 التي اعتبرت الأسوأ من نوعها منذ زمن الكساد الكبير عام 1929، ورغم أن السياحة حساسة تتأثر كثيرًا بأي متغيرات سياسية أو اقتصادية أو أمنية، إلا أنه يطلق عليها سلة العملات، أي تجلب العملة الصعبة وتوفرها في الأسواق المحلية، فمنذ بداية النشاط السياحي في مصر في ثمانينيات القرن الماضي، تعرضت وقتها لموجة إرهابية أثارت الرعب في قلوب العباد، أثرت سلبيًا على استقرار البلاد، ورغم ذلك لم تتوقف بناء القرى والمنشآت السياحية في مدن كثيرة، بل زاد حجم الاستثمار السياحي بشكل ملحوظ.

وفي تسعينيات القرن الماضي أيضًا، وقعت مذبحة الأقصر في البر الغربي، وفي شهور قليلة تجاوزت واستردت عافيتها مصر، وتضاعفت أعداد الليالي السياحية، ويرجع ذلك إلى السياسات التسويقية والأنشطة الترويجية بالإضافة إلى جودة المنتج السياحي، غياب الرؤى بدا واضحا في سياسات وزارة السياحة بعد 25 يناير 2011، فالأرقام تؤكد أن نسب الإشغال الفندقي بالقاهرة الكبرى 64.2%، والبحر الأحمر 80.7%، والأقصر 64.2%، وجنوب سيناء 61.3%، أي أن ثورة 25 يناير بكل أحداثها لم تكن سببًا مباشرًا في وقف الرحلات إلى مصر.

بل بالعكس في بدايتها كانت مبهرة ومحفزة لبعض كبرى شركات السياحة في العالم، حالة من الفوضى أصابت الجميع في القطاع السياحي، وأصيب بشلل تام وتحول رموز القطاع إلى ساسة وزعماء ومناضلين، وتأسست حركات وائتلافات وتشكلت مجموعات تثأر لنفسها وتضغط للحصول على مصالح خاصة ومكاسب، دون النظر إلى إصلاح القطاع وإعادة ترتيبه من الداخل، فقد الجميع قدرته على العمل، وفقدت مصر قدرتها على المنافسة في الأسواق الدولية بعد اصطحاب أحد الوزراء مجموعة من أصحاب اللحى والجلاليب البيضاء للمشاركة في أهم بورصة سياحية في العالم، وغلبت المصالح الخاصة على العامة، وفقدنا ما أنجزناه داخليًا وخارجيًا خلال العشر سنوات الماضية.

وجلس الجميع على مقاهي الخليج ولندن وباريس وميونيخ، يبحث عن أجندة سياحية في غياب رؤى وسياسات واضحة تناسب المتغيرات السياسية والاجتماعية، وتساهم في تحقيق تنمية مستدامة لمجتمعاتنا المحلية، ويبقى الوضع مأساويًا في ظل حالة انحسار سياحي تشهده بعض المناطق في مصر..

s.aldemerdash@gmail.com
الجريدة الرسمية