رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

مهمة صعبة لبابا الفاتيكان !


واضح أن في نية فرانسيس بابا الفاتيكان أن يقلب الدنيا.. ويثير الكهنة، ليس الكاثوليك فقط.. وإنما الكهنة من كل لون وملة، في جميع أنحاء العالم.


على كل.. البابا فرانسيس.. كما يبدو غير البابا السابق بندكت.. فرانسيس صدره أكثر رحابة، وعقله أكثر مرونة.. ولو أن معارضة من نوع ما ظهرت داخل أروقة الساحة الباباوية في الفاتيكان بخصوص قضايا معينة، على عكس من سبقوه من آباء، لا يجد فرانسيس غضاضة في فتحها، والتقليب فيها.

على رأس تلك القضايا، كيفية خلق الكون، والكرة الأرضية، وهل خلقت الكواكب والأرض والشمس، والأجرام والأفلاك في ستة أيام كما يقول الكتاب المقدس ؟ وهل يجوز رغم إيماننا، أن نعيد النظر في مسألة الخلق وتطور الإنسان، ومدة تواجده على الأرض.. وصورة أول ما نزل على الأرض من الجنة؟ وهل يمكن رغم إيماننا أيضا أن نتساءل، إذا ما كان الإنسان قد نزل فعلا على الأرض من الجنة، أم أنه خُلق على الأرض وتطور عليها؟!

الأسبوع الماضى نشرت الإندبندنت أن البابا فرانسيس دعا إلى لقاءات مع الكرادلة، للاتفاق على ما قال الفاتيكان أنه سيعلنه بخصوص رأيه في النظريات العلمية عن "تطور الإنسان على الأرض، ونظرية داروين في النشوء والارتقاء، وأصل الإنسان.. إضافة إلى نظرية الانفجار الكبير، التي إما كان آباء الفاتيكان ينفونها، أوعلى الأقل لا يجيبون إذا ما حاول البعض دفعهم أو استفزازهم بالحديث فيها.

قبل فترة.. هزت تصريحات للبابا فرانسيس الدنيا.. ودوخت كثيرا من رءوس الكهنة ورزعتهم في الأرض. فالبابا فرانسيس قال إنه يقبل نظرية الانفجار الكبير.. وأن الحديث عن الأرض لم تخلق في ستة أيام، لا يصطدم بالنص الدينى.

معنى كلام البابا، أنه إذا كان العهد القديم في الكتاب المقدس، قد حكى قصة الخلق، وكيف خلق الله الخلق في أسبوع، ثم استراح يوما كاملا.. فإنه من حقنا نحن، بوصفنا أبناء الحضارة، والتكنولوجيا والعقل النقدى، أن نؤول النص الدينى.. ونحيل ما لا يقبله العقل إلى الرمز.. فلا نفقد إيماننا، ولا نفقد عقلنا أيضا.

في مناسبة أخرى، قال البابا إنه قد يقبل نظرية أصل الإنسان، لأنه لابد من أن الإنسان مر بمراحل تطور ما حتى وصل إلى ما نحن عليه من هيئة.

يااااه.. كلام في محله، لكنه رهيب وغريب أن يقوله رجل الدين الأعلى على كرسى بطرس الرسول.

معنى الكلام، أن الفاتيكان لا يوارب الباب، إنما يفتحه على آخره، لإعادة الجدل في نظريات كان يعتبر مجرد الحديث فيها في الماضى كفرا مصيره جهنم وبئس القرار.

النظرية تقول إن الأرض والكواكب والمجرات، والكون الذي لا نرى منه ولا نعرف إلا 1% من حقيقته، احتاج ملايين من السنين ليتكون.. وأن الكواكب انفصلت واستقرت في مداراتها، بعد ملايين من السنين الأخرى، عقب انفجار كبير لكتلة كبيرة من المادة الكونية الصلبة.

بعد ملايين السنين، برد الكون، وبردت الكواكب، واستقرت في أفلاكها، ثم ظهر الإنسان على الأرض.

يقول الطبرى أن أبونا آدم، نزل على الأرض قبل 15000 ألف عام قبل كتابة الطبرى كتابه. وفى العهد القديم، من الكتاب المقدس، أن أبونا آدم.. نزل على الأرض شمال الجزيرة العربية، وعرف أمنا حواء على جبل قال الخبراء إنه جبل عرفات، ويقول اليهود إنه جبل ارارات في تركيا، وهو نفسه الجبل الذي رست عليه سفينة نوح بعد ذلك.

كتب الطبرى في كتابه، أن أبونا ادم.. لما نزل من الجنة، كان طوله مئات الأمتار.. وأن رجله كانت على الأرض، بينما رأسه في السماء.. وكان يرى ماذا تفعل الملائكة، لذلك دعت الملائكة الله أن يقلل من طوله، فأمر الله أن يقصر آدم.. فانخفض ارتفاعه.

نصدق نحن كل هذا.. بينما كان رجال الدين في الفاتيكان، حتى وقت قريب، يرون أن أي مما يخالف ما سبق كفر وزندقة.

لكن البابا فرانسيس مختلف. أو كما يسمونه.. البابا العالم.. أو البابا " المتريث".. فالنظريات العلمية لا ترى أن أي مما سبق عن قصص الخلق صحيح، ولا منطقى ولا عملى ولا علمى.

الأصل في الكون ملايين السنين حتى تكون.. وهناك اعتقاد بأنه هناك ما يوازى 10 أضعاف حجم مجرتنا خارج المجموعة الشمسية.. وأن الإنسان نشأ على الأرض.. قبل أن يمر بأكثر من مرحلة من التطور، حتى استوى، وظهر في شكله الحالى.. بعقله ومنطقه، وجسمه المتناسق.

في نظرية النشوء والارتقاء قال تشارلز داروين أن كل أنواع المخلوقات أجبرتها البيئة على مراحل تطور. وإن الإنسان، هو الآخر، مر بعدة مراحل.. استغرقت أكثر من 2 مليون سنة، حتى استطاع بعدها أن يفكر في أن يرتدى قميصا، وأن يصنع حذاء.. وأن يكتب الشعر والقصة.

قبل أسبوعين، في نيوزيلاندا.. اكتشف العلماء حفرية لثعبان يرجع تاريخها إلى 3 ملايين سنة.. كان الثعبان بذراعين.. وفى كل منهم "حوافر".. وبالحوافر أظافر..

الاكتشاف مذهل.. نشرت عنه كل الصحف الأوربية.. معناه أن الثعبان فيما مضى كان بأذرع طويلة، ألغتهما الطبيعية، لصالح قوة عضلية لا يستهان بها في بطنه تساعده على الزحف.

كان دليلا حديثا على أن الحياة على الأرض شهدت تطورا من نوع ما.. ومنذ ملايين السنين.. وأنه من غير الممكن أن يظل بعضهم على معتقداته القديمة باسم الشريعة والقانون.
ربما هذا ما أراد أن يقوله البابا فرانسيس.. لكن كيف يمكن أن يقوله؟
دعنا ننتظر.. لنرى.
Advertisements
الجريدة الرسمية