رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

ومن الشعر ما قتل!!

فيتو

في كتاب «شعراء قتلهم شعرهم» للكاتب سمير مصطفى فراج، نجد نماذج لشعراء وضعوا أقدامهم فوق الأشواك، فكان مصيرهم الموت، خاصة هؤلاء الذين تصدروا المشهد الشعري في الجاهلية والإسلام.


هدبة بن خشرم
يحكي الكتاب أن الشاعر هدبة بن خشرم، اصطحب أخته فاطمة لقضاء فريضة الحج، مع مجموعة من قومه، بينهم الشاعر زياد بن يزيد، الذي ما أن وقعت عينه على فاطمة حتى تغزل فيها قائلا:

عُوجِي عَلَيْنَا وارْبَعِي يا فَاطِمَا ما دُونَ أنْ يرَى البْعيرُ قَائِمًا
أَلا تَرَيْنَ الدَّمْعَ مِني ساجِمَا حِذارَ دارٍ مِنْكِ لَنْ تُلائِمَا
فَعَرَّجَتْ مُطَّرِدًا عُراهِما فَعْمًا يَبُذُّ القطفَ الرَّوَاسِما

القصيدة أغضبت هدبة، فرد عليه بأن تغزل في أخته أم حازم قائلا:
لَقَد أُرَانَي وَالغُلامَ الحازِمَا نُزْجِي الْمطيَّ ضُمرًا سَوَاهِما
متى تَظُنُّ القُلَّصُ الرَّوَاسِما والجّلة النَّاجِية الْعَياهِمَا
يَبْلُغْنَ أمَّ حَازِمٍ وَحَازِمَا إذَا هَبْطنَ مُستَحيرًا قَاتِما

وصارت عداوة بين هدبة وزياد، ظهرت بوادرها في المعارضات الشعرية بينهما، ولم يشف هدبة ما قاله من الشعر، وتحين الفرصة لقتل زياد حتى قتله، فأمسك سعيد بن العاص والي المدينة به، وأرسله إلى معاوية بن أبي سفيان، فأقر أمامه بقتل زياد، وحبس بالمدينة ثلاث سنوات، وبعدها قتله المسور بن زياد.

كعب الأشقري
ذكر المؤلف أيضا كعب الأشقري من قبيلة الأزد، وكان خطيبا وشاعرا، من أصحاب المهلب بن أبي صفرة، وقد مدحه، ومدح أبناءه، ورافقهم في حروبهم مع الأزارقة، وقد أوفده المهلب إلى الحجاج مبشرًا بانتصاره على الأزارق، ولما عزل يزيد بن المهلب عن خرسان وتولى مكانه قتيبة بن مسلم، مدحه كعب ونال من يزيد، وثلبه وهجاه، ولما بلغه أن يزيد قد تولى الحكم مرة أخرى؛ هرب إلى عمان، وأقام بها مدة، ثم كرهها، فكتب إلى يزيد بن المهلب معتذرًا، ولكن يزيد لم يسامحه، واختار ابن أخيه ليقتله.

عبيد بن الأبرص
ذكر المؤلف، أن نهاية هذا الشاعر كانت على يد الملك المنذر بن ماء السماء، وقص أن هذا الملك كان له يومان يوم بؤس وآخر نعمة، فإذا كان في يوم نعمة أتى بأول من يراه، فحباه، وكساه، وأعطاه من إبله مائة، وإذا كان في يوم بؤسه، أتى بأول من يراه، فيأمر به فيذبح.

وبينما هو جالس في يوم بؤسه؛ إذ أشرف عليه عبيد بن الأبرص، فقال لرجل كان معه: من هذا الشقي؟، فقال له: هذا عبيد بن الأبرص الأسدي الشاعر، فأتى به، فقال له الرجل الذي كان معه: اتركه فإني أظن أن عنده من حسن الشعر أفضل مما تدركه في قتله، فاسمع منه، فقبل الملك، وقال لعبيد: أنشدني..

أقفر من أهله ملحوب

لكن عبيدًا لم يستطع أن يقوله، وعزَّت عليه نفسه، فرثاها بقوله:
أَقْفَرَ من أهلِهِ عبيدُ فليس يُبدي ولا يُعيدُ
عنتْ له خُطَّةٌ نَكُودُ وَحَانَ منها له وُرودُ

ورفض عبيد أن يقول القصيدة التي يريدونها، فأمر المنذر بقتله.

المتنبي
جاء مقتله بسبب قصيدة هجا بها رجلًا يسمى "ضبة بن زيد"، يتعرض فيها لحادثة مقتل أبي ضبة، وقد فر وترك أباه، وهو يستخف به فيقول فيها:

ما أنصفَ القومُ ضُبَّهْ وأمّه الطُّرطُبّهْ
وَمَا عليكَ مِنَ القَتْـ ـلِ إنَّما هيَ ضَرْبَهْ
وَمَا عليكَ مِنَ الغَدْ رِ إنَّما هِيَ سُبَّهْ

وتعرض المتنبي كثيرا في القصيدة لأم ضبة، ورماها بأفحش التهم، وكان لها أخ يدعى فاتك بن أبي جهل الأسدي، فلما سمع القصيدة غضب كثيرا، وحذره بذلك أبو نصر محمد الحلبي بنية فاتك، فازداد المتنبي عنادا، وأثناء سيره في الطريق لقاه فاتك، فأراد المتنبي أن ينجو بنفسه، فقال له غلامه: ألست القائل:

الخيلُ والليلُ والبَيداءُ تعرفني والسيفُ والرُّمح والقرطاسُ والقلمُ؟

فوقف المتنبي حتى قتله فاتكٌ، وقتل ابنه محمدًا وغلامه، وهكذا كانت نهاية هذا الشاعر العربي الكبير التي جاءت بسبب شعره ولسانه.
Advertisements
الجريدة الرسمية