رئيس التحرير
عصام كامل

لماذا انصرف الناس عن "التوك شو" ؟!


أين برامج التنمية في إعلامنا بل.. أين المهنية في معالجة القضايا الحيوية الواجبة.. للأسف، كثير من مقدمي "التوك شو" لا يحرصون على تحقيق "المهنية" والموضوعية وقواعد الإعلام المعتبرة عالميًا، حيث لا يهتم أغلبهم بما يؤرق البسطاء من أزمات، بقدر ما يهتمون بتصفية الحساب وإثبات الوجود والعودة للماضي، وفتح ملفات تجلب من الإثارة والجدل العقيم والشو الإعلاني أكثر مما تقدم من النفع والحلول الناجعة.. يبحثون عن زيادة حصيلة الإعلانات حتى يحافظ هذا الإعلامي أو ذاك على موقعه ومغانمه من القناة التي يعمل فيها.


انصرف الناس عن "التوك شو" لإحساسهم بعدم مصداقية كثير من برامجه، وزيادة سقطاته عن حد المعقول وكثرة الدخلاء على المهنة من مقدمي البرامج دون المستوى، الذين قدموا نماذج مشوهة تنضح بالسطحية والتهافت.

تحولت برامج "التوك شو" إلى ملكية خاصة للمذيع يسخرها لمعاركه والدعاية لنفسه وتصفية الحسابات.. بعد أن استولى "المذيع النجم" وحده على الكاميرا والميكروفون، وأغرق مشاهديه في خطبه العصماء ووعظه وإرشاده كل ليلة، راميًا هذا المسئول بالفشل.. مادحًا مسئولًا آخر مطالبًا بإقالة ثالث.. وهكذا.

التوك شو ومذيعوها أصابوا الناس بالملل وأغرقوهم في دوامات الإحباط فهل يمكن أن ينجح "الصوت الواحد" المتكرر في معظم برامج تلك الفضائيات.. في وقت اختفى فيه الرأي الآخر، حتى ظن الناس أنها تعبر عن مواقف ومصالح المذيع أو صاحب القناة أكثر مما تعبر عن نبض الشعب ومصالح الوطن، وأن ثمة "توجيهًا" لتناول موضوعات بذاتها ترتبط ارتباطًا وثيقًا بمقدمي البرامج ومالكي قنواتها في ظل غياب إعلام الدولة لأسباب يطول شرحها.

ويبدو طبيعيًا في سياق كهذا أن ينصرف الجمهور عن تلك القنوات "الموجهة" برامجها، فتتعرض لأزمات مالية طاحنة تدفعها للاستغناء عن طائفة من مذيعيها ومعدي برامجها، وهي أزمات تزداد تفاقمًا بصورة تحرض على السؤال: كيف ستستمر تلك القنوات وما مصادر تمويلها في ظل هذا التراجع المهني والتردي الاقتصادي..؟!

دلوني على مذيع واحد قدم حلولًا واقعية لمشكلات عصرنا بشفافية وموضوعية دون إثارة أو تزيد أو توزيع للاتهامات بلا دليل.

تجاوزات الفضائيات ليست في حاجة لدليل، وللأسف تسببت معالجاتها وردود أفعالها في بعض القضايا في دعم الإرهاب بقصد أو دون قصد، فحين توجه اتهامات مرسلة لهذا المسئول أو ذاك، فإنها تساعد في نشر البلبلة والوقيعة بين أبناء الوطن الواحد، ونشر الإحباط في وقت نحن أحوج ما نكون لتمتين الصف الوطني وشد أزر الدولة في حربها للإرهاب ودفعها للمخاطر الجمة التي تحيط بها.
الجريدة الرسمية