رئيس التحرير
عصام كامل

جدوى الحوار مع أمريكا!


بعد ثمانية أعوام من التوقف، يتم استئناف الحوار الإستراتيجي بين مصر والولايات المتحدة بالقاهرة.. ولا شك أن ذلك أمر له مغزاه ودلالاته الهامة.. غير أننا لا يجب أن نبالغ كثيرا في توقعاتنا للنتائج، التي يمكن أن تترتب على هذا الحوار الإستراتيجي المصري الأمريكي، ومن قبل يجب ألا نبالغ في مغزاه ودلالاته!


ولنتذكر أن مصر وأمريكا حتى عام ٢٠٠٩، كان بينهما حوار إستراتيجي، وفي ذات الوقت لم تكن العلاقات المصرية الأمريكية على ما يرام، بل كان يشوبها بعض التوتر الذي يتزايد يوما بعد الآخر، وكانت واشنطن قد اتخذت قرارا بدأت بالفعل في تنفيذه، يقضي بإجراء تغييرات سياسية في مصر، لا تمنع وصول الإخوان إلى حكم البلاد.. وهذا يعني أن انتظام الحوار الإستراتيجي بين البلدين لم يمنع التواطؤ الأمريكي مع الإخوان، بل لم يمنع تآمرا كان يتم الإعداد والتحضير له.. بل لعل الأمريكان استخدموا ذلك الحوار الإستراتيجي للتغطية على ذلك التآمر!

ولكن ليس معنى ذلك أن نقلل من شأن هذا الحوار الإستراتيجي بين البلدين، الذي يستأنفه كيري في القاهرة معنا.. بل لعل ذلك إشارة واضحة لقبول واشنطن براجماتيًا بما حدث في مصر منذ الثالث من يوليو ٢٠١٣، خاصة أنه سبقه أو اقترن به إلغاء التجميد الأمريكي للمساعدات العسكرية لمصر ووصول طائرات الأباتشي ثم طائرات إف ١٦ الأمريكية لمصر فعلا.. وإنما يتعين أن نتعامل مع هذا الحدث بموضوعية وبقدر من العقلانية الخالية من المبالغات.. مبالغات التضخيم ومبالغات أيضا التقليل من شأنه.

وفي هذا الإطار، يمكننا أن نجعل هذا الحوار الإستراتيجي فرصة مناسبة لصياغة جديدة للعلاقات المصرية الأمريكية، تقوم على أسس من التعاون المشترك والاحترام المتبادل.

وهنا أتصور أنه من الضروري أن نطرح على الجانب الأمريكي في هذا الحوار الإستراتيجي، مجموعة من الأسئلة المباشرة والصحيحة لنصل معا إلى إجابات لها، نقبل بها معا.. وفي مقدمة هذه الأسئلة يجب أن تكون الأسئلة المتعلقة بموقف واشنطن تجاه جماعة الإخوان التي تمارس العنف، وتتحالف الآن مع جماعات إرهابية أخرى في مصر، وأيضا الأسئلة المتعلقة بإصرار واشنطن على أن تمول مجموعات تتعامل معهم كوكلاء لها، وتصر على أن يكون التمويل سريًا، وكذلك الأسئلة المتعلقة بإصرار واشنطن على أن تفرض علينا ما تراه من وجهة نظرها هو الطريق الوحيد لإنجاز التحول الديمقراطي.

باختصار نحن نحتاج هذا الحوار الإستراتيجي المصري الأمريكي، صريحا ومباشرا، وليس نوعا من الدردشة العقيمة لتكون له جدوى.
الجريدة الرسمية