رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

مديحة كامل.. «أميرة خلعت تاج الشهرة ووهبت نفسها لله» ..«بروفايل»

فيتو

«أميرة السينما»، لقب استحقته الفنانة الراحلة مديحة كامل لما قدمته للفن من أعمال جعلت الجمهور والنقاد يتوجونها أميرة بلا منازع، بسبب أسلوبها الخاص، مستغلة في ذلك موهبتها وسحرها النابع من عينيها التي امتزجت فيها البراءة والإغراء فتشعر عندما تراها أنك أمام قطة بريئة لكنها مفترسة في فنها متوحشة في إبداعها.


أبهرت الجميع بأدائها لأدوار مختلفة وتميزت أيضًا في أدوار الإغراء، صعدت إلى سماء النجومية، ثم اختارت بمحض إرادتها أن تعتزل وتتفرغ للعبادة، تركت الفن في عز مجدها، وفى ذكرى ميلادها في 3 أغسطس 1948، نتعرف على محطاتها الفنية وكذلك نهاية أميرة خلعت تاج الشهرة ووهبت نفسها لله.

حياتها الفنية

ظهرت مديحة في ظل وجود نجمات الإغراء مثل شمس البارودى، وسهير رمزى، ونجلاء فتحى، بدأت مشوارها في حضور سعاد حسنى ونادية لطفى، وغيرهم من نجمات الصف الأول ممن تصدرن شباك التذاكر، فكانت المنافسة شرسة، قدمت أدوار بسيطة، ولم تكن مطلوبة في البداية، إلا أن الفرصة دقت باب «مديحة كامل» عندما حصلت على دور البطولة أمام الفنان «فريد شوقي» من خلال فيلم «30 يوم في السجن»، ليصعد بعدها نجمها عاليًا في سماء الفن.

«الصعود إلى الهاوية»

يعتبر فيلم «الصعود إلى الهاوية» المحطة الفنية الأهم في حياة الفنانة الراحلة مديحة كامل، تناول عالم المخابرات والجاسوسية في فترة الصراع المصرى الإسرائيلى خلال ستينيات وسبعينيات القرن العشرين، والفيلم مأخوذ عن قصة حقيقية، من واقع ملفات المخابرات العامة المصرية، وأدت فيه «مديحة كامل» دور الجاسوسة الخائنة «هبة سليم»، والتي أعدمت بحيلة ذكية من الرئيس السادات، والفيلم رفض من أكثر من فنانة وقتها بسبب جرأة قصته وأسلوب عرضه.

«درب الهوى»

استمد الفيلم شهرته بسبب منعه من العرض، بقرار جهاز الرقابة على المصنفات الفنية، والفيلم من إنتاج عام 1983 للمخرج «حسام الدين مصطفى»، وشاركها في بطولته الفنان فاروق الفيشاوى، ومحمود عبد العزيز، ويسرا، وأحمد زكى، وكان السيناريو والحوار لإسماعيل ولىّ الدين، ومنع الفيلم من العرض بدعوى أنه يسيء لسمعة مصر.

«ملف في الآداب»

تعتبر تجربتها مع مخرج الروائع عاطف الطيب في فيلم «ملف في الآداب» من أشهر المحطات في مشوارها الفنى، وتدور قصة الفيلم حول ضابط بشرطة الآداب يصدم بقرار رئيسه في بداية عمله بحفظ التحقيق في قضية سيدة تعمل في الدعارة لصلتها بمسئولين.

بوابة إبليس

مر هذا الفيلم بظروف مختلفة كانت كفيلة بألا يخرج للنور، خاصةً أن بطلته مديحة كامل أعلنت ارتدائها الحجاب واعتزال الحياة الفنية، أثناء تصوير الفيلم الذي أُتلفت بعض مشاهده وتمت إعادة تمثيل المشاهد التالفة بواسطة دوبليرة لرفضها العودة للتمثيل بشكل قاطع.

وكانت نهاية الفيلم حزينة بموت البطلة في مشهد مؤلم دون أن تحصل على حقها، ولكن الفنانة مديحة كامل اعتزلت بشكل مفاجئ مما جعل المخرج يغير قصة الفيلم.

مسلسل البشاير

رغم أن مديحة كامل تألقت في السينما، إلا أنها لم تحرم الدراما من إطلالتها وقدمت عدة أعمال متميزة أشهرها مسلسل البشاير مع الفنان محمود عبد العزيز.

قرار الاعتزال

بدأت النهاية أثناء تصوير «فيلم بوابة إبليس» مع المخرج عادل الأعصر حيث قررت مديحة الاعتزال وتحديدًا في شهر أبريل عام 1992، ما اضطر المخرج إلى الاستعانة بدوبليرة لاستكمال مشاهدها.

وجاء قرارها بالاعتزال بعد أن استسلمت للنوم عقب صلاة الفجر، ورأت شخصا يتقدم إليها ويلبسها رداء أبيضا فضفاضا وينظر إليها بحنان ويهمس لها: «لقد آن الأوان يا مديحة»، وفي هذه الليلة، أخذت القرار وتوجهت مع ابنتها إلى الإسكندرية مسقط رأسها واتصلت بإحدى صديقاتها وقالت لها في هدوء: «أبلغي الناس اعتزالي الفن للأبد».

التفرغ للعبادة

كانت العبادة هي المشهد الأخير في حياتها بعد الاعتزال، حيث انسحبت مديحة كامل واختفت نهائيا عن الأضواء، وتفرغت للعبادة، ورعاية ابنتها الوحيدة، وإدارة مصنع التريكو الذي افتتحته قبل اعتزال الفن.

وبعد الاعتزال دخلت المستشفى في رمضان عام 1995 وبعد تحسن صحتها قليلا غادرت المستشفى وعادت إلى بيتها، وفي هذه الفترة أكد المقربون منها أنها تغيرت كثيرا بعد الاعتزال وارتداء الحجاب وصارت أكثر هدوءا وطمأنينة، وفي الأسابيع الأخيرة زاد اهتمام مديحة كامل بالأصدقاء وجميع زملائها وكانت تتصل بهم وإن كان الإرهاق بدأ يظهر عليها ولم تكن تشكو من آلام المرض، بل كانت تخفي عن المحيطين بها وزملائها حقيقة مرضها.

دعوة مستجابة

وفي المشهد الأخير من حياتها قالت مديحة للمحيطين بها في أيامها الأخيرة: إن النهاية قريبة، وكانت في جميع صلواتها تدعو الله أن يكون رحيلها عن الدنيا في رمضان حيث إنه الشهر الذي شهد أهم تحولات حياتها، ففيه ظهرت، وفيه نجحت، وفيه بكت أيضا أمام الكعبة، وفيه اعتزلت، واستجاب الله لدعائها، وفي رمضان عام 1997 تحققت أمنيتها ورحلت، وهي نائمة في فراشها، بعد أن تناولت السحور وصلت الفجر، ونظرت تتأمل اللوحة التي أمامها وكتب فيها «ورحمتي وسعت كل شيء».. وأغمضت عينيها واستغفرت ربها، ورحلت وعلى وجهها ابتسامة، عن عمر يناهز الـ48 عاما بعد صراعها مع مرض القلب الذي أصابها وأضعف صحتها، إضافة إلى تراكم المياه على رئتيها، مما أدى إلى وفاتها في 13 يناير عام 1997.


ابنتها سر التحول

قصة اعتزال مديحة كامل، روتها ابنتها الوحيدة ميرهان، قائلة: «في الأعياد كانت تزورنا سيدة جميلة حاملة الكثير من الهدايا لي، وكانت تحتضنني وتقبلني، فأقول لها: شكرا... فتقول لي ضاحكة لا تقولي طنط... وقولي دودو، وعندما بلغت السابعة علمت أن دودو هي أمي، وأن عملها يستغرق جميع وقتها، ولذلك اضطرت أن تتركني عند خالتي، وفي يوم عيد ميلادي الـ 12، انتقلت للعيش معها إلا أنني كنت أشعر بين أحضانها أنني بين أحضان امرأة غريبة عني».

وتحكي الابنة عن ثورتها على أمها بعد أن رأت أحد أفلامها الذي ثارت حوله أزمة في الصحف لاحتوائه على قدر كبير من مشاهد الشذوذ الجنسي، أنها توجهت إلى أحد المساجد تصلى وتدعو الله لأمها، وعندما عادت إلى المنزل قبلت يدها، وفي ذلك الوقت أحست أن أمها تغيرت، وأن قلبها بدأ يلين لنور الإيمان، ثم دعتها الابنة لمجلس علم في منزل إحدى الفنانات المعتزلات، وطلبت من ابنتها أن تصلي بها، وعندما قرأت القرآن في الصلاة، بدأت مديحة في البكاء، وأخذت تصارحها، أنها لم يكن يشدها إلى الحياة سوى المال والشهرة وكان ينتابها إحساس غريب، حيث كانت تشعر وهي في قمة المجد بأنها أيضا في قمة الوحل.


Advertisements
الجريدة الرسمية