رئيس التحرير
عصام كامل

ليلى عبد المجيد: ظاهرة «الكيانات التعليمية الوهمية» تنامت لأن المصري «اتعود يشتري الوهم»

فيتو

>> الخلل الحقيقي في عقول المصريين لا في القوانين
>> التعليم المفتوح أصبح بابًا خلفيًا للحصول على شهادة جامعية



تحول التعليم الجامعي الخاص إلى سبوبة في السنوات الأخيرة؛ حيث طغت الفكرة التجارية على المعايير والقيم التعليمية، فالمعيار الوحيد المعترف به هو المكسب والخسارة، فلا شيء يعلو فوق صوت لغة المال؛ لأن الحصول على أموال الطلاب هو المحرك الرئيسي للأمور، حتى إن كان بطريق غير مشروع.

بالطبع هناك جامعات ومعاهد وأكاديميات خاصة تقدم خدمة تعليمية مميزة، غير أن اللاهثين وراء جمع الأموال يتسببون في تشويه سمعة هذه الجامعات والمعاهد والأكاديميات، وبأساليبهم في التحايل على الطلاب وأولياء أمورهم وأجهزة الرقابة التعليمية يهبطون بالجامعة من حرمها المقدس إلى مستوى الكيان الوهمي القائم على مجموعة من أدوات النصب.

أما الضحية في النهاية فهو طالب، كل أمله أن يحصل على شهادة تمكنه من مزاحمة طوابير الخريجين في سوق العمل، فبدلًا من أن يجد نفسه متسلحًا بشهادة علمية، يجد نفسه قابضًا على الهواء وممسكًا بالوهم، ليكتشف بعد ذلك أنه كان ضحية لعملية نصب محكمة الأطراف مارسها أشخاص بلا ضمير، ارتدوا ملابس العلماء زورًا، وأطلقوا على أنفسهم أساتذة وحملة مشاعل التنوير، وهم في حقيقة الأمر عبارة عن مجموعات من النصابين والمزيفين الذين يستغلون جهل الطلاب وأولياء أمورهم بالمؤسسات المعتمدة ويستخدمون أسماءً براقة لأكاديميات وجامعات وهمية يبيعون من خلالها بضاعتهم الخاسرة، مسببين في الوقت ذاته خسائر فادحة للمجتمع كله.

"فيتو" حاورت الدكتورة ليلى عبد المجيد، عميد كلية الإعلام بجامعة القاهرة سابقًا وعميد كلية الإعلام بجامعة الأهرام الكندية حاليًا، فأكدت أن تجربة الجامعات الخاصة المصرية في طريقها إلى الارتقاء، مشيرة إلى أن التعليم الخاص لم يعد مرتبطًا بمن يحصلون على درجات منخفضة، لكنه أصبح مرتبطا بإمكانيات التطوير.

«عبد المجيد» في سياق حديثها وتحليلها لظاهرة «الكيانات التعليمية الوهمية»، أرجعت تنامي تلك الظاهرة إلى ما وصفته بـ«التعود على شراء الوهم»، مؤكدة أن الخلل الحقيقي في عقول المصريين وليس في اللوائح والقوانين.

كما طالبت الجامعات الخاصة الموثوق بها، بعدم الانسياق وراء مثل هذه الكيانات الوهمية، وعدم التأثر بوسائل النصب التي تعتمد عليها هذه الكيانات الوهمية.. وعن أهم أساليب مواجهة تلك الكيانات وموقفها من التعليم المفتوح، وأمور أخرى كان الحوار التالي..


> بداية.. كيف تقيمين أداء وتجربة الجامعات الخاصة في مصر؟
تجربة الجامعات الخاصة في مصر في طريقها إلى الارتقاء والنهوض، فقبل صدور القرار الجمهوري الصادر عام 1996، بشأن إنشاء الجامعات الخاصة، كان معظم الوافدين العرب يتعثرون في الحصول على فرصة في الجامعات الحكومية المصرية، والجامعات الخاصة خلقت فرصة لاستيعاب هؤلاء الطلاب‏،‏ وذلك يخدم الاقتصاد القومي، بتوفير العملة الصعبة للدولة.

والآن لم يعد التعليم الجامعي الخاص مرتبطا بمن يحصلون على درجات منخفضة، إنما أصبح مرتبطا بالرغبة في التعرف على الإمكانيات الجديدة والتطوير.

> رغم حديثك السابق.. لكن هناك من يؤكدون أن التعليم الخاص أصبح «سيئ السمعة».. إلى أي مدى تتفقين وهذا الرأي؟
لا أحد يستطيع التعميم أن الجامعات الخاصة صاحبة سمعة سيئة لدى أولياء الأمور؛ لأن هناك العديد منها تسعى لتقديم خدمات أفضل للطلاب وللمجتمع، وتحسين صورة الجامعات الخاصة يحتاج إلى الوقت، والأهالي يجب أن يدركوا أولا أن التعليم «مش تجارة» هدفها الربح فقط، وأن الجامعات الخاصة المحترمة «عمرها ما هتنجح عيالهم وهما فاشلين»، والدليل على ذلك، أن سمعة المدارس الخاصة في الماضي ارتبطت بالفاشلين تعليميًا، أما في الوقت الحاضر، أولياء الأمور يسارعون لتعليم أبنائهم في المدارس الخاصة، وتوفير كل الإمكانيات المتاحة لهم.

> في ذات السياق.. ما تفسيرك لانتشار الكيانات الجامعية الوهمية في الفترة الأخيرة؟
الشعب المصري «اتعود يشتري الوهم.. ويرجعوا يشتكوا»، معظم الأهالي الذين ألحقوا أبناءهم بتلك الكيانات، ظنوا أنهم يمكن لهم أن يقوموا بشراء شهادة لأبنائهم، رغم أنهم لو فكروا بالمنطق لتأكد لهم «إزاي عيالهم يكونوا راسبين في امتحانات الثانوية العامة ويلتحقوا بجامعة سواء خاصة أو غيرها».

> من وجهة نظرك.. كيف يمكن مواجهة هذه الكيانات؟
يمكننا مواجهة هذه الكيانات بالتوعية واتخاذ الإجراءات القانونية، وبالفعل وزارة التعليم العالي بدأت تتخذ قرارات للحد من انتشار مثل هذه الكيانات الوهمية، وأصبح هناك ضبطية قضائية.

والحقيقة أن وزارة التعليم العالي، أحكمت السيطرة - إلى حد كبير - على التعليم الجامعي الخاص، وأصبح هناك متابعة للإمكانيات التي تعلنها هذه الجامعات من خلال لجان القطاع الخاص، بالإضافة إلى أن أساتذة هذه الجامعات من كوادر التعليم الحكومي المميزة.

> هل تعتقدين أن وجود مثل هذه المؤسسات الوهمية من الممكن أن يضر بالجامعات الخاصة التي تقدم خدمة تعليمية حقيقية؟
بالفعل.. هذه الكيانات تؤثر على الصورة العامة للجامعات الخاصة، ولهذا أؤكد أن الجامعات الخاصة أصبح واجبا عليها ألا تتعاون مع هذه الكيانات تحت أي مسمى أو بند، ولا تنجرف هي الأخرى وراء الأوهام، كالحصول على شهادات من دول خارجية أو غيرها من وسائل النصب التي تلجأ إليها هذه الكيانات؛ لجذب أصحاب الجامعات الخاصة الجادة إليها.

> وفي رأيك ما هي الثغرات التي يستغلها هؤلاء لإنشاء مثل هذه الكيانات؟
الثغرات الحقيقية التي يستغلها هؤلاء لإنشاء كياناتهم الوهمية في عقول بعض المصريين، وليس في القانون؛ لأن قانون تنظيم الجامعات، يتناول كل ما يخص إنشاء الجامعات الخاصة.

> وفي رأيك هل هناك طرق أخرى يندفع إليها أولياء الأمور لحصول أبنائهم على شهادة جامعية؟
بالطبع، هناك طرق أخرى يندفع إليها أولياء الأمور لحصول أبنائهم على شهادة جامعية، وبعضها شرعي للأسف، فمثلًا نظام التعليم المفتوح أصبح بابًا خلفيًا للحصول على شهادة جامعية؛ من أجل مطالبة الدولة بالحق في التعيين أو حتى الاستفادة من الشهادة من أجل العمل الخاص، وهو ما يخالف سياسة التعليم الخاص في كل بلاد العالم.

التعليم المفتوح عندما بدأناه في جامعة القاهرة، وتحديدًا في كلية الإعلام، كان بغرض السماح لعدد كبير من الأشخاص الذين يريدون تطوير أنفسهم، والاستفادة من العلم، دون المطالبة بالحصول على وظيفة أو التقدم إلى العمل في مجال الإعلام من خلال هذه الشهادة.

ويجب أن نمنع الاستفادة من الشهادة التي يحصل عليها الطالب في نظام التعليم المفتوح، فلا يمكن أن يدخل كلية الإعلام طالب حصل في الثانوية العامة على 97%، ويطالب الدولة بالتعيين في المجال الصحفي والإعلامي، وطالب آخر حصل على 60% دخل نفس الكلية عن طريق التعليم المفتوح، وحصل على الشهادة.
الجريدة الرسمية