رئيس التحرير
عصام كامل

عنصريون لكن «كيوت»


منذ أيام انتشرت على صفحات التواصل صورة لشاب يحتضن فتاة في المترو، يبدو عليهما أنهما من «بسطاء القوم» أو إن شئت كما يقولون «سرسجية»، كانت التعليقات في معظمها رافضة لمثل هذا التصرف الذي يبدو وكأنه جريمة كبرى لا تغتفر، أو أنه شيء شاذ عن الطبيعي في مجتمع «متدين بطبعه»، وفي عالم آخر موازٍ وباستمرار تنتشر على نفس صفحات التواصل صور لـ«شاب يفاجئ حبيبته» في الجامعة أو في النادي أو في مول شهير ويحتضنها مع بوكيه ورد أحمر مع لقطة من مصور محترف، وتنهال التعليقات الجميلة اللذيذة ويتحول المجتمع فجأة إلى رومانسي لأبعد الحدود، فبعضهم يبكي من جمال الصورة وروعتها، فقط لأنهم «عيال نضيفة»، لا أحد يستطيع أن يسبهم.

وبالبحث عن احتمال للصورة الأولى وجدت تعليقا أن هذا الشاب يحتضن أخته بعد علمهما بنبأ وفاة والدهما، لست هنا بصدد التصديق أو التكذيب في الرواية، حتى ولو كانت كاذبة لا يعنيني، لكنه احتمال مطروح.

في المصايف «الهاي» رأيت أطفالا على البحر لا يرتدون ملابسهم لكنهم أجانب لا أحد ينكر عليهم شيئا أطفال كيوت بريئة، أما في العالم الموازي الأطفال ولاد الغلابة في مصايف الغلابة صورهم تنتشر بدون إذن طبعا مصحوبة بالإفيه الشهير من نشطاء « فيس بوك»: «الفلاحين ملوا البلد».

النماذج كثيرة على عنصريتنا وتناقضاتنا، انشغلنا بالحكم فقط على ما نعتقد أنه خطأ وأنه غير حضاري وتناسينا ماهو خطأ مثبت في كل المعتقدات الفكرية والدينية وهو العنصرية والتمييز، بالطبع لك الحق في أن تختلف وتتفق مع أي سلوك لكن كل ما نرجوه أن يكون حكمنا على الأشياء من باب أنها لا تصح أو تصح ، ولا نكيل بمكيالين نغفر لمن نشاء ونسب من نشاء، الشعب ليس متدينا بطبعه كما نردد بل «عنصري بطبعه».

رددنا جميعا: «البنت سودا بس جميلة.. فلاح بس بيلبس حلو.. سايبة شعرها بس محترمة»، كل هذه «البسّات» دليل على أننا نود الإشارة إلى أن هذه استثناءات، إذ بالضرورة أن «السمر وحشين!» و«الفلاحين مبيعرفوش يلبسوا!».. إلخ. مجتمعنا عنصري ولكن «كيوت».
الجريدة الرسمية