رئيس التحرير
عصام كامل

حمى "التوك شو"!


في غيبة الأحزاب والقوى السياسية والمجتمع المدني وأجهزة الشباب والثقافة والتعليم، وضعف التواصل الحكومي مع المواطن، ظهر الإعلام كلاعب رئيسي على الساحة، وبدلًا من أن يسد الفراغ ويزيد الوعي، وينشط ذاكرة الوطن بالأمجاد والانتصارات والقضايا القومية، وجدناه غارقًا في التفاهة، يعمل بلا خريطة طريق وطنية واضحة، وبلا مواثيق شرف إعلامي فعالة، بعد تأخر صدور قوانين الإعلام المتوافقة مع دستورنا الجديدة.


حمى "التوك شو" تفجرت على الفضائيات في أعقاب ثورة يناير، وجاءت من خلفيات متباينة بدوافع مختلفة، وبدلًا من أن تكون ظهيرًا للثورة والدولة، ومدافعة عن أحلام الشباب، وجدناها تشعل الساحة جدلًا وعنفًا وانقسامًا، زحف لشتى مكونات المجتمع وفئاته.. انقسامًا زحف إلى المسجد والأسرة وأماكن العمل والجامعة؛ حتى صار هو العنوان الأبرز لما بعد ثورة 25 يناير.

قدّم الإعلام وجوهًا ونخبًا أكلت على كل الموائد، ورددت نفس الشعارات والكلمات.. كانت يومًا مع النظام السابق وحزبه الوطني، ثم انتقلوا إلى مربع الإخوان وحزبها "الحرية والعدالة".. لا شيء تغير.. المصالح الضيقة وحدها هي الحاكم للسلوكيات، وصار الثمن أكبر، وتضخمت الثروات بعد أن امتلأت الساحة بالممولين، وتساقطت الثمار في حجر فصيل بعينه، سيطر على كل شيء وورث كل شيء؛ أموالًا ومناصب ونفوذًا.
الجريدة الرسمية