رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

غاية الدين؟


كيف كان البشر يتعاملون قبل الأديان؟.. كيف كان حروبهم وكيف كان غضبهم؟

أسئلة عديدة تمر بذهني يوميًا.. والسؤال الأكثر إلحاحًا هو ماذا فعلت الأديان بالإنسان؟.. وما غاية الأديان؟ 

أدركت أن الله خالق الكون جعل فينا الضمير، وأعطانا كودا أخلاقيا نتعامل به مع بعضنا البعض، والكود الأخلاقي يشمل الوصايا العشر.. التي يعرفها أصحاب الأديان التي يطلق عليها سماوية، وأصحاب المعتقدات الفكرية أيضًا، فليس عجيبا أن ترى رجلا يابانيا يطبق خلال حياته الوصايا العشر أو رجل بوذي، وليس بغريب أن تجد حكماء هندوس أو بوذيين مثل غاندي أو الدلاي لاما.. وليس بغريب أن تجد علماء في محراب العلم يفنون ذواتهم لأجل الإنسان مثل ماري كوري.. أمثلة عديدة تجعلك تتأكد أن هناك كودا أخلاقيا يجمع البشر لإسعاد أنفسهم والآخرين.

على النقيض في العالم هناك ذبح.. نحر.. تفخيخ.. اغتصاب.. خطف.. معارك هنا وهناك، وظلم وأشلاء تنشطر، وأجسام تسحق، وكل هذا بشعارات دينية!!.. هل هذه غاية الدين؟!!

إنها دعوة للتفكير، معظم الجماعات الإرهابية في العالم الحالي ترفع شعارات دينية، فالدولة الإسلامية في العراق والشام تذبح وتنحر وتغتصب بشعارات دينية، جماعة بوكو حرام في نيجيريا تقتل وتخطف معتقدة أنها تعمل طبقا للدين، وجماعة طالبان في أفغانستان تقتل وتخرب وترهب المنطقة وتحرم التعليم على الفتيات بشعارات دينية، والقاعدة التي قتلت عام 2001 ثلاثة آلاف إنسان بريء ولها أتباع في اليمن وسوريا والعراق، وجماعة الشباب الصومالية التي حولت الصومال إلى بلد عصابات.. إلخ، كل هذه الجماعات تعمل بشعارات دينية.

هل هذا هدف الدين؟.. هل هذه غاية الأديان؟!
الإنسان دون الأديان كان يعيش بكود أخلاقي.. يقتل ليأكل، ومع التحضر والحضارات البشرية وليست الدينية "لأن الأديان لا تصنع حضارة، إنما يصنعها الإنسان"، ظهر للعيان الكود الأخلاقي للبشر في إتقان مهندس، في أمانة دكتور، في صدق محامٍ، في استقامة مسئول.. ولكن ما نراه على أرض الواقع في منطقتنا التعيسة أخلاقيا والمشحونة دينيا يجعلنا نتساءل ما السبب؟

بعد كثرة تمحيص، يتأكد للعيان أن النتيجة ليست في انحراف الأديان، إنما في انحراف أتباع الأديان وانحراف القادة الدينيين الذين لم يدركوا أن الله لا يحتاج إلى أي منهم ليفرض رأيه على البشر، أن الله جل جلاله لا يحتاج الإنسان ليكمل خطته للبشرية، أن الله عظمت قدرته ليس بضعيف حتى يكون له أحزاب وجماعات تقتل وتسحق وترهب باسم الله.

الانحراف الحقيقي هو عدم معرفة الإنسان غاية الأديان وهدفها، فالأديان وضعت للناس لا ليتقاتلوا ولا ينحروا بعضهم البعض، ولا يرغموا الآخر على اتباع دين أو مذهب معين بل الأديان لها غاية أسمى وأشمل وأرقى، فالأديان وضعت ليرتقي الإنسان بنفسه، ليبرهن خلال أعماله أنها تحمل صفات الله من خلال أعمال "حب رحمة عدل سلام".

هدف الأديان ليس في نقد بعضنا البعض بل في الارتقاء ببعضنا من خلال أعمالنا، فأعمال الإنسان تبرهن على إيمانه.

أخيرًا لهذا وجدت الأديان ليس في البحث عن أخطاء إيمان الآخرين، إنما في البحث عن نقائص شخصك أنت وليس غيرك، ولو علم كل منا أن هدف الدين ليس في نقد الآخر بل في السعي للكمال داخل نفسه هو وليس أي إنسان آخر.

فالفهم الخاطئ لغاية الأديان شرزم العالم إلى جماعات، والجماعات إلى عصابات والعصابات إلى فئات، ولذلك ليس بغريب أن ترى أعمال الإيمان ذبح نحر تفخيخ دماء تتساقط أشلاء تتطاير رءوس تفخخ.. "هدف الدين ليس في نقد الآخر بل في سعيك أنت للكمال".

medhat00_klada@hotmail.com
Advertisements
الجريدة الرسمية